وسط استمرار احتجاجات الأساتذة المادربين، والذين أعلنوا عن دخول أسبوع جديد من الإضراب بدءا من اليوم الإثنين، تتصاعد الأصوات المحذرة من مغبة التجاهل الحكومي لمطالب المتعاقدين، وآثار احتجاجاتهم على التلاميذ. وفي ذات السياق، قال عبد الرحيم العلام، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاضي عياض بمراكش، اليوم الأحد، إن ما يحدث هذه الأيام في قطاع التعليم من احتجاجات، لن يُسهِم إلا في هجرة التلاميذ من القطاع العام إلى القطاع الخاص. واعتبر العلام أن الراجح أن العديد من الأسر ستلجأ إلى الحل الذي يُنهك جيوبها ولا تشتهيه، وستنقل أبناءها إلى المدارس الخصوصية كما تفعل آلاف الأسر التي رغم أن قدرتها الشرائية لا تسمح بتدريس أبنائها في التعلم الخاص، إلا أنها تثقل كاهلها بالديون، وتخفّض من مصاريف أخرى مقابل تسديد فواتير المدارس الخاصة. وحول من يتحمل مسؤولية هذه الهجرة المحتملة لذوي المداخيل المحدودة من التعليم العمومي للخصوصي، يقول العلام إن “الدولة” تتحمل المسؤولية، لأنها شرعت في التنزيل العشوائي للتوظيف بالتعاقد دون دراسات مستفيضة للذهنيات المجتمعية، ودون تهييء الشروط اللازمة للتعاقدية الوظيفية. ويعتبر العلام أن كل ما فعلته الدولة في قضية التعاقد، هو وضع العربة أمام الحصان، وفرض الأمر الواقع على الشباب الراغبين في التوظيف بأن أغلقت أمامهم إمكانية التوظيف العمومي، وفتحت في وجههم العمل بالتعاقد، الأمر الذي قبلوا به بداية ثم ما لبثوا أن رفضوه بعد أن استأنسوا في أنفسهم القدرة على المجابهة، وبعد أن اصطدموا بمشكلات التعاقد، وها هم اليوم بأعدادهم الضخمة يكادون يشلون المؤسسات التعلمية. وعن منفذ الأزمة، يقول العلام إن من يعرف عقليات الحركات الاحتجاجية الفئوية، سيعلم أنه من الصعب على المتعاقدين العودة عن الاحتجاجات والاضرابات، وأنهم حتى إذا عادوا اليوم، فإنهم سيخرجون فيما بعد، لأنه كلما كثر عددهم في التعليم وتقلص عدد الموظفين الرسميين، إلا وتشجعوا على الاضراب والاحتجاج، سيما وأن جلهم شباب ومسارهم المهني أمامهم وليس خلفهم. ويري العلام أنه يستحسن أن تستجيب الوزارة لمطالب المتعاقدين، وتتوقف عن التوظيف في التعليم بالتعاقد، لأنها لا تستطيع إجبار المتعاقدين على العودة إلى العمل، وليس في مقدورها تعويضهم بآخرين، لأنها إن فعلت ستجد نفسها مرة أخرى أمام احتجاجات هؤلاء، كما أنها إذا فصلت المضربين اليوم وفكرت في توظيف غيرهم توظيفا رسميا، فإنها لن تجد أفضل منهم ما دموا قد راكموا تجربة وتلقوا تكوينات صُرفت عليها الكثير من الأموال، إضافة إلا أن طرد أكثر من 50 ألفا إلى الشارع لن يسفر إلا على مزيد من التأزيم.