لأول مرة منذ بدأ المجلس الأعلى للحسابات في افتحاص المؤسسات العمومية، خصوصًا بعد دستور 2011، يستعد قضاة جطو لإصدار تقرير حول المكتب الشريف للفوسفاط، بعد زهاء 3 سنوات من الافتحاص داخل دواليب هذا المجمع، الذي يُعتبر واحدًا من المؤسسات الاستراتيجية في المغرب. وعلم “اليوم24″، من مصادر جيدة الاطلاع، أن قضاة جطو من المنتظر أن يصدروا خلال الأيام القليلة المقبلة التقرير المذكور، وقبل ذلك، أكد إدريس جطو، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، في كلمة ألقاها، في الخامس من فبراير الماضي من السنة الجارية، أمام أعضاء لجنة مراقبة المالية العامة في مجلس النواب، أن المجلس الأعلى للحسابات أعد تقريرا حول المكتب الشريف للفوسفاط، وأصبح الآن جاهزًا. وأفاد جطو أن مجلسه يولي أهمية قصوى للمؤسسات الاستراتيجية للدولة، وقال في السياق نفسه: “لذلك قمنا بمراقبة صندوق الإيداع والتدبير، وعدد من المؤسسات الاستراتيجية الكبرى، من بينها المكتب الشريف للفوسفاط”. إدريس جطو لم يتوان في الكشف عن حساسية المجلس من إصدار تقرير بهذا النوع، حيث نبه، خلال عرضه لتقرير حول أشغال المجلس، لعامي 2016/2017، أمام البرلمان في 23 من أكتوبر عام 2018 إلى ضرورة مراعاة مجلسه طبيعة المعلومات المتضمنة في التقرير حول ال”OCP”، وأورد جطو في هذا الصدد أنه على غرار الممارسات السائدة على الصعيد الدولي، والمعتمدة لدى الهيآت العليا للرقابة جرى تحصين معطيات، ومعلومات حول أنشطة المجمع الشريف للفوسفاط، مشيرا إلى أن المجمع “شركة” تشتغل في مجال تنافسي، يفرض تحصين المعلومات حول قدراتها الإنتاجية، وكذلك حول مناهج، وطرق الصنع المستعملة في سلسلة الإنتاج. وكسر الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، جدارًا سميكًا من الصمت حول المجمع الشريف للفوسفاط، الذي أصبح مطالبا بضرورة كشف معطيات، ومعلومات متعلقة بالبيئة، وما مدى حقيقة تلويثه للهواء في المدن الفوسفاطية ( آسفي- الجديدة- اليوسفية). وبحسب تمحيص سريع للتقرير، الذي تلى جزء منه إدريس جطو عن الآثار البيئية للنشاط المنجمي، فإنه على الرغم من التطور الإيجابي، الحاصل خلال السنوات الأخيرة في معالجة الأراضي، التي يتم استغلالها ضمن برنامج “التميز البيئي”، الذي أطلقه المجمع الشريف للفوسفاط، منذ عام 2013، لاحظ المجلس وجود مساحات كبيرة لم تتم إعادة تأهيلها. وسجل قضاة جطو، أيضا، استمرار مشكل تدبير الأوحال الناتجة عن غسل وتعويم الفوسفاط، والتوسع المستمر للأحواض المستعملة لتخزينها مع ما ينتج عن ذلك من أضرار على البيئة. وذكر جطو أن التقرير رصد الأنشطة المرتبطة باستخراج الفوسفاط ومعالجته عن طريق الغسل، والتعويم، وكذا نقله عبر القطار، أو الأنبوب من مواقع الاستخراج إلى الوحدات الكيماوية للتخزين أو التصدير، وأثار المجلس ملاحظته للنقص في تأطير، وتوثيق مسلسل لاقتناء الوعاء العقاري اللازم لتطور الأنشطة المنجمية. ودعا جطو، من خلال التقرير، إلى وضع أنظمة ملائمة، ومعتمدة لتتبع برامج توسعة المناجم، وبرمجة فتح مناجم جديدة. وسجل المجلس أن برمجة الإنتاج على المدى القصير لا تخضع لإطار مرجعي موحد، وموثق، ولا تعتمد على وسائل، وطرق، ومعايير موحدة، ما يؤثر في جودة المعطيات التقنية، والإحصائية المستعملة، ويحد من ملاءمتها للأهداف المسطرة لها، ويكون ذلك سببا في فوارق مهمة بين التوقعات، والإنجازات، كما أورد رئيس المجلس. أما بخصوص معالجة الفوسفاط، فقال “إدريس جطو”، وفقا لما أورد في التقرير، إن عملية معالجة الفوسفاط، التي تهم أساس غسل الفوسفاط الخام، وتعويمه من أجل الرفع من جودته، واستغلال الطبقات الفوسفاطية ذات الجودة الضعيفة سجل المجلس أن عدم التحكم اللازم في مخزونات الفوسفاط يجعل المغاسل تشتغل في كثير من الأحيان بوتيرة عالية مع ما ينجم عن ذلك من اضطرابات في برامج الإنتاج. وبخصوص استعمال، وصيانة معدات استخراج الفوسفاط، التي قال عنها التقرير إنها تُعد من الركائز الاستراتيجية لضمان جودة نشاط الاستخراج، سجل المجلس عدم تجانس حظيرة المعدات، وآثاره السلبية على أشغال الصيانة، ونقص في اللجوء إلى الصيانة الاستباقية، ما يؤثر سلبا في نجاعة أنشطة الاستخراج، والمعالجة، كما لاحظ المجلس عدم توفر أغلبية الوحدات على الموارد البشرية المؤهلة، والمتخصصة، حيث تكون أشغال الصيانة في المستوى المطلوب.