بينما لم يرد المغرب بعد على خلاصات القرار الأممي الصادر عن فريق الاعتقال التعسفي في قضية توفيق بوعشرين، قال مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، أول أمس، في الدورة ال40 لمجلس حقوق الإنسان بجنيف، إن المملكة المغربية “ستواصل انفتاحها وتعاونها مع منظومة الأممالمتحدة لحقوق الإنسان”، مؤكدا التزام المغرب “بتفعيل التوصيات الوجيهة الصادرة عن آلياتها”. وأضاف الرميد أن المغرب “يحرص على تقديم تقاريره الأولية والدورية إلى هيئات المعاهدات”. وفي هذا الصدد، “يتعهد بتقديم التقرير الوطني الجامع للتقارير 19 و20 و21 المتعلق بإعمال الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري خلال السنة الجارية، فضلا عن تقارير دورية أخرى”. وتأخر المغرب لمدة خمس سنوات عن تقديم التقرير المتعلق بالاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، إذ كان من المفترض أن يقدم في يناير 2014، تفعيل لتوصية صادرة عن اللجنة نفسها سنة 2010، أثناء النظر في التقريرين رقم 17 و18. وتناضل الحركة الحقوقية المغربية من أجل دفع المغرب إلى الالتزام صراحة باختصاص اللجنة المكلفة بتلقي الشكايات الفردية في مجلس حقوق الإنسان، وكذلك إنشاء آلية وطنية لتلقي الشكاوى، وهي الآلية التي سبق أن وعد بتضمينها في القانون المنظم لاختصاصات المجلس الوطني لحقوق الإنسان، غير أنه لم يفعل، واكتفى بالتنصيص على آلية وطنية للوقاية من التعذيب، وأخرى خاصة بالأشخاص في وضعية إعاقة، وثالثة حول آلية للتظلم بالنسبة إلى الأطفال، وهي الآليات التي أشار إليها الرميد في كلمته. وحول باقي المكتسبات التي حققها المغرب في مجال حقوق الإنسان، تحدث الرميد عن “تعزيز دور القضاء في حماية حقوق الإنسان والنهوض بها، وإصدار القوانين المتعلقة بالمؤسسات الدستورية”، من بينها “قانون المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي تعززت اختصاصاته المتعلقة بحماية حقوق الإنسان، ولاسيما احتضانه ثلاث آليات وطنية خاصة بالوقاية من التعذيب وبحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، وبالتظلم بالنسبة إلى الأطفال”. وبخصوص مسار النزاع حول مغربية الصحراء، أكد الرميد أنه في إطار الدينامية التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي لإعادة إطلاق المسلسل السياسي، صادق مجلس الأمن على القرارين 2414 في 27 أبريل 2018، و2440 في31 أكتوبر 2018، واللذين حددا الغاية من المسار السياسي في “الوصول إلى حل سياسي واقعي، قابل للتطبيق، دائم وقائم على التوافق”، واعتبر الرميد أن تلك الغاية “تتطابق مع الحل السياسي الذي يدعو إليه المغرب، في إطار المبادرة المغربية للحكم الذاتي”، وتابع أن مشاركة الجزائر في المائدة المستديرة التي انعقدت في جنيف “خطوة مهمة في اتجاه إعادة إطلاق هذا المسلسل على أسس سليمة”، كما حمّل الجزائر “المسؤولية الكاملة عن تردي الأوضاع في مخيمات تندوف”، حيث يعاني المحتجزون بها “يوميا الإذلال والحرمان من الحقوق الأساسية وانتهاك حرياتهم”. وتطرق الرميد إلى سياسة الهجرة، كذلك، مؤكدا أن المغرب ينهج “سياسة إنسانية” في مجال الهجرة واللجوء، حيث تمت تسوية وضعية إقامة أكثر من 50 ألف مهاجر، والاعتراف بصفة لاجئ لأكثر من 750 طالب لجوء، والشروع في تحيين الإطار القانوني والمؤسساتي المتعلق بالهجرة واللجوء. وهي المجهودات التي أشادت بها المقرِّرة الخاصة المعنية بالأشكال المعاصرة للعنصرية. لكن الرميد أقرّ، أيضا، بوجود نقائص في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، وسجّل أن حصيلة المكتسبات “لم تمنع من تسجيل بعض التحديات والنواقص التي ينبغي رفعها وتجاوزها”، مؤكدا أن اعتماد خطة عمل وطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان يأتي في هذا الإطار.