تمكن فريق دولي متعدد الجنسيات من اكتشاف أقدم كائن متعدد الخلايا تحرك على وجهة الأرض، وعاش قبل ملياري سنة تقريبا في منطقة فرانسفيل بدولة الغابون. ويقود الفريق الدكتور عبد الرزاق الألباني عالم الجيولوجيا الفرنسي من أصل مغربي، في مختبر “علم الهيدروجيولوجيا والتربة والتغيرات” بجامعة بواتييه، وفق ما أوردته الجزيرة نت. ويقول الألباني للجزيرة نت: “بينما كانت الإشارات السابقة لحركة أول الكائنات الحية المعقّدة تعود إلى 570 مليون سنة مضت، فإن هذا الدليل الجديد يشير إلى أن هذه الأشكال من الحياة قد بدأت حركتها مبكرا جدا مما تصورناه في السابق”. وقد نشرت نتائج الدراسة في الدورية الواسعة الشهرة التابعة للأكاديمية الوطنية للعلوم “بي إن أي إس”. تبدأ الحكاية قبل عدة سنوات، حينما اكتشف الألباني مع فريقه البحثي أثر أول الكائنات المتعددة الخلايا في حوض نهر مباسا بمدينة فرانسفيل الغابونية والذي عاش قبل 2.1 مليار سنة، ونشرت تلك النتائج في دورية نيتشر الشهيرة. وكانت الأبحاث السابقة تشير إلى أن ظهور الكائنات المتعددة الخلايا كان قبل 1.5 مليار سنة من تاريخ الأرض، وقبل تلك الفترة كانت الكائنات وحيدة الخلية. ثم بعد المزيد من الفحص لنفس المنطقة، تأكد فريق العمل أن الموضع نفسه احتوى على كائنات متعددة الخلايا تحركت من مكانها. تغير نسبة الأكسجين وراء الفرضيات السابقة وأوضح الألباني أن ذلك يتوافق مع حدث غاية في الأهمية في تاريخ الأرض، وهو أن “الكوكب كان قد شهد ما يشبه الطفرة في نسبة الأكسجين في الغلاف الجوي”، ولكي تتحمل الحياة هذا التعقيد كان هناك احتياج للأكسجين بصورة أكثر كثافة من الكائنات الأحادية الخلية. وقد تمكن الفريق البحثي من فحص هذه الكائنات الأولية التي تشبه الأنابيب الدقيقة، ويبلغ عرض الواحد منها عدة مليمترات ويصل طولها إلى 15 سنتيمترا تمتد في الصخور الرسوبية. واستخدم الباحثون مسحا بالأشعة السينية الثلاثية الأبعاد، مع تقنيات تصوير أخرى لا تدمر العينة أثناء الفحص. وجاءت النتائج لتوضح أن هذه الكائنات قد عاشت في مجموعات كبيرة وتحركت ببطء في أثناء ندرة الموارد الغذائية لكي تبحث عن المزيد منها. ويقول الألباني للجزيرة نت “تلا تلك الفترة من غزارة الأكسجين حقبة زمنية أخرى انخفضت نسبة الأكسجين فيها بقسوة، مما أثر على هذا النمط من الحياة وأخفاه تماما”، موضحا أن ذلك هو السر في أن الفرضيات السابقة تقول بظهور الحياة المعقدة فقط قبل 570 مليون سنة. ويعني ذلك -بحسب الألباني- أن الأخيرة كانت الموجة الثانية وليست الأولى من هذا التعقد في أشكال الحياة، وهو ما يدفع لتساؤلات أكثر عمقا وتعقيدا عن تاريخ الحياة على هذا الكوكب. *عن الجزيرة نت