قال محمد الغلوسي، رئيس جمعية حماية المال العام، إن مجموعة من مؤسسات الرقابة غير مستقلة لأنها لا تمارس دورها القانوني والدستوري، وتم تجريدها عمليا من الإمكانيات التي من شأنها أن تحدث اختراقا وسط منظومة الفساد بالمغرب التي تبقى شبكة معقدة من المصالح، كاشفا في اتصال مع “أخبار اليوم” أن هناك ترددا وتلكأ في محاربة ملفات الفساد. وشدد الغلوسي على وجود صراع وتجاذب بين قوى محافظة لها امتدادات في الدولة والمجتمع، ليس من مصلحتها أن تتقدم البلاد نحو مزيد من ربط المسؤولية بالمحاسبة والفصل بين السلط، وتكريس دولة الحق والقانون، وأضاف رئيس حماية المال العام، أن القطب المناهض لعملية الإصلاح، يحاول فرملة وتلجيم الأصوات الحقوقية والإعلامية، من خلال التضييق عليها بالقضاء، واختراق الصحافة وإضعاف الأحزاب. وكشف رئيس جمعية حماية المال العام، أن جمعيته تقدمت بشكايات في أزيد من 100 ملف، وتم الاستماع إليه من طرف الشرطة القضائية في ملف اختلالات البرنامج الاستعجالي لإصلاح التعليم منذ أربع سنوات. واليوم، هناك تأكيد رسمي على أن هناك اختلالات حصلت على مستوى تنفيذ هذا البرنامج، أقر بها تقرير جديد للمجلس الأعلى للحسابات، “إلا أننا نفاجأ بأن هذا الملف لم تظهر نتائجه إلى حدود الساعة، رغم الاحتجاجات واللقاءات التي عقدناها مع النيابة العام بخصوص هذا الملف، هذه التقارير التي تصدر تحولت إلى لحظة احتفالية ونصفق لها لمجرد إنجازها”. وكانت الجمعية المغربية لحماية المال العام، قد طالبت من الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالرباط، ب”إصدار تعليماته” للشرطة القضائية المختصة قصد “القيام بكافة الأبحاث والتحريات الضرورية والخبرات المفيدة وحجز كافة الوثائق” ذات الصلة ب”الخروقات” التي سجلها تقرير لجنة التفتيش لوزارة الداخلية بشأن تدبير جماعة الهرهورة، والتي تم “ارتكابها” رئيس جماعة الهرهورة، المعزول مؤخراً، فوزي بنعلال. “كما طالبت، يقول الغلوسي، من الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، بالقيام أيضا بكافة الأبحاث والتحريات الضرورية والخبرات المفيدة وحجز كافة الوثائق ذات الصلة بالمخالفات الجسيمة والخطيرة، والتي تم “ارتكابها” من طرف رئيس مجلس مقاطعة اليوسفية بالرباط”. إشكال عدم تحريك ملفات الفساد، في نظر الغلوسي، مرتبط بضعف الآليات الرقابية والمؤسساتية المكلفة بتحريك المتابعة القانونية، من حيث صلاحياتها القانوينة، وبالموارد والإمكانيات المخولة لهذه المؤسسات، فبعض هذه المؤسسات ينتهي دورها بإنجاز التقارير. وقال رئيس جمعية حماية المال العام، إن نفوذ مؤسسات الرقابة يشمل مجالا جغرافيا واسعا، لا تستطيع التحكم فيه وتصبح مهمتها الرقابية شبه مستحيلة. وبالنسبة إلى متابعة الفساد، فقد شدد المتحدث على أن النيابة العامة ملزمة قانونا بالتحقيق في مجرد الوشايات الواردة عليها، ومن تم تحريك المتابعات الجنائية هو أكبر من مجرد إشكاليات قانونية، فاختزاله فيما هو قانوني يضر بالموضوع ويجعل مناهضي الفساد يحارون في فهم من له مصلحة في تعطيل المتابعات الجنائية قضائيا. بالنسبة إلى الغلوسي، الذي وضعت جمعيته المئات من الشكايات في ملفات الفساد من دون أن تتحرك المتابعة فيها، فإن محاربة الفساد مرتبطة بتكريس دولة الحق والقانون، وبصراع لوبيات وسط الدولة والمجتمع، وهناك قوى لا تريد للإصلاح أن يتقدم، ومن مصلحتها أن تبقى البلاد مشدودة إلى الخلف، فهي تخاف من الإصلاحات الحقيقية. لذلك، فإن القوى المناهضة للفساد ترى ألا تنحصر المتابعة في ملفات الفساد في المتورطين فقط، لأن التحقيقات قد تجر أطرافا أخرى لها امتدادات في الدولة والمجتمع، وهنا يكشف الغلوسي أن هناك جهات نافذة تقاوم أي رغبة حقيقية لمحاربة الفساد، لأن المتابعة الجنائية مخيفة وقد تمس بجهات وأشخاص وبمراكز النفوذ والقوة.