"دور الشباب في مناصرة حقوق الإنسان" موضوع الحلقة الأولى من سلسلة حوار القيادة الشبابية        واشنطن ترفض توقيف نتانياهو وغالانت    وفاة ضابطين اثر تحطم طائرة تابعة للقوات الجوية الملكية اثناء مهمة تدريب    المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره    أمن البيضاء يوقف شخصا يشتبه في إلحاقه خسائر مادية بممتلكات خاصة    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال في مطار الجزائر بعد انتقاده لنظام الكابرانات    الحكومة تُعزز حماية تراث المغرب وتَزيد استيراد الأبقار لتموين سوق اللحوم    رسميا.. اعتماد بطاقة الملاعب كبطاقة وحيدة لولوج الصحفيين والمصورين المهنيين للملاعب    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    يخص حماية التراث.. مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون جديد    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    الجديدة.. الدرك يحبط في أقل من 24 ساعة ثاني عملية للاتجار بالبشر    إتحاد طنجة يستقبل المغرب التطواني بالملعب البلدي بالقنيطرة    برقية تهنئة إلى الملك محمد السادس من رئيسة مقدونيا الشمالية بمناسبة عيد الاستقلال    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا        وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    مشاريع كبرى بالأقاليم الجنوبية لتأمين مياه الشرب والسقي    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المروري: كتابات بوعشرين حول السعودية شكّلت حرجا واستوجبت «حلا» (حوار)
نشر في اليوم 24 يوم 09 - 11 - 2018

استضافت الزميلة «أنباء بوست» المحامي العضو في هيئة دفاع توفيق بوعشرين، في حوار مصوّر والذي بث عبر موقعها الإلكتروني. «أخبار اليوم» تعيد باتفاق مع الزملاء في «أنباء بوست» القسم الأكبر من هذا الحوار، والذي تضمن سردا مفصلا لمجريات الملف المثير لمحاكمة الزميل توفيق بوعشرين، منذ مراحل كتاباته القوية حول بعض الدول الخليجية، إلى غاية الجلسات الأخيرة للمحاكمة.
حاوره: حسن المولوع
قبل الدخول إلى محاور حلقتنا، ضروري وأنا أحاورك اليوم، أن أسألك من باب الزمالة والإنسانية عن الوضعية النفسية والصحية لزميلي توفيق بوعشرين، فكيف هي حالته الصحية والنفسية باعتبارك مؤازرا له؟
باسم لله الرحمان الرحيم. بداية، أشكر الموقع المحترم “الأنباء بوست” على إفساح هذا المجال من أجل عرض مجموعة من القضايا التي تستدعي التوضيح وتستدعي البيان، تنويرا للرأي العام. هذه مبادرة طيبة كريمة تستحق كل الثناء والتقدير، فيما يخص الحالة النفسية للأستاذ الصحافي توفيق بوعشرين، بكل صراحة وصدق هي أحيانا تكون حالة نفسية مطمئنة وجيدة بمعنويات مرتفعة، وأحيانا تتخللها بعض الاضطرابات أو بعض الانزعاج الذي يرافق مجريات الدعوى حسب تعاطي جميع الأطراف مع الملف، فإذا حظي توفيق بمعاملة طيبة كريمة في إطار ما يكفله له القانون، فهذا ينعكس على نفسيته، وإذا كان هناك تضييق أو محاصرة أو تعرضه لاستهداف شخصي، كما وقع في مجموعة من الجلسات فهذا ينعكس سلبا على نفسيته. مؤخرا أصبحت تظهر عليه مؤشرات التفاؤل والأمل من خلال المرافعات التي تقدم بها دفاعه كل من موقعه.
جاء على لسانك خلال ندوة صحافية عقدتموها أنتم دفاع بوعشرين عقب صدور نتيجة الخبرة أن “براءة بوعشرين مرتبطة بطبيعة الملف هل هو سياسي أم قانوني؟”، وجاء كذلك على لسان الأستاذ عبدالصمد الإدريسي، خلال أول ندوة صحافية نقلا عن بوعشرين: “أن هناك من اتصل بي قبل أيام ودعاني لعدم التطرق لشخصين، شخص يُراد له أن ينمحي من الحياة السياسية، وشخص يراد له البروز فيها”. السؤال، هل نفهم من ذلك أن الملف له طبيعة سياسية؟
نعم، هذه نقطة مهمة جدا، تستدعي البيان والتوضيح، فكتابات توفيق بوعشرين عرفت تعاطفا وانتشارا واسعا من طرف نخبة مثقفة ومن طرف عامة الناس، الذين يتوقون إلى تحسين الوضعية الاجتماعية والسياسية للبلاد، كما عرفت كتاباته انتشارا واسعا بعد نتائج الربيع العربي بصفة عامة، حيث كانت له قراءة تتماهى مع متطلبات الشارع. إذ كانت تحليلاته السياسية دقيقة جدا، أمام الردة التي عرفها العالم العربي، ردة سياسية وردة حقوقية، أخذ ينتقد الوضع الدولي والوضع الوطني.
على المستوى الدولي يتضح أن إحدى دول الخليج، وبالتحديد المملكة العربية السعودية، كانت ضد جميع نتائج الحراك العربي وما ترتب عن ذلك عقب الاستحقاقات الرئاسية أو البرلمانية في مجموعة من الدول، كمصر وتونس … إذن، هذه الدولة كان لها موقف معاد لأي بروز للشارع من خلال التصويت لفائدة تيار معين، والمغرب لم يخرج عن القاعدة، فبعد عشرين فبراير، وبعد الإصلاحات الدستورية والانتخابات السابقة لأوانها، وضع الشارع المغربي ثقته في حزب العدالة والتنمية الذي أدار تلك المرحلة بالرغم من المضايقات، وبالرغم من الإكراهات، وبالرغم من التحكم استطاع أن يعطي للحياة السياسية معنى يكون صدى الشارع يظهر من خلال العمل الحكومي والبرلماني، فحظي بتعاطف كبير انعكس مرة أخرى على نتائج الانتخابات الموالية. هنا بالضبط نحن أمام ما اصطلح عليه سياسيا ب”البلوكاج”. في هذا السياق كان قلم توفيق بوعشرين قويا وشديدا لفائدة الانتصار لتجربة العدالة والتنمية والإبقاء على الأستاذ عبد الإله بنكيران كرئيس للحكومة، مع ما يستدعيه ذلك من الدعم السياسي كي تواصل هذه التجربة نجاحها. في هذا الإطار كان توفيق بوعشرين يكتب في محورين، محور يتعلق بالعربية السعودية..
(مقاطعا). للتذكير لي هنا بعض الافتتاحيات، الخليج الجاهلي، الدولة الذكية والدولة الغبية، من مملكة عبدالعزيز إلى مملكة ابن سلمان، لتذكير القراء فقط.
نعم، وهناك موضوع آخر الذي كان لاذعا جدا وهو “الأمير الذي يبيع الوهم”، كل هذه المقالات فعلا، كان لها تأثير واضح، وحسب ما وصلني من مصادر موثوقة أن سفارة العربية السعودية، تواصلت مع الخارجية المغربية في شأن هذه المقالات وطلبت منها أن تتدخل، وهناك كلام كتبه الصحافي المقتدر سليمان الريسوني يقول فيه إن أحد المسؤولين أسر له أنه وُضِعت شكاية رسمية ضد توفيق بوعشرين، على مجموعة من المقالات وثم حفظها على أساس أنه سيكون هناك خيار آخر للتعامل مع الأخير من أجل الحد من هذه الكتابات. إذن، هذا الشق المتعلق بالدولة الخليجية التي هي العربية السعودية التي يروج كلام أن لها يد فيما وقع لتوفيق بوعشرين، وهناك أمر آخر..
(مقاطعا) فما علاقة المملكة العربية السعودية بالتهمة التي أمامنا الآن، تهمة الاتجار بالبشر؟
سنأتي إليها. المهم أن كتاباته كانت لاذعة ومنتقدة للنظام السعودي، وهذا يشكل حرجا أمام دولة شقيقة، لأن الإعلام المغربي لا يجب أن يتطرق بالنقد اللاذع لدولة صديقة وشقيقة تربطها علاقات استراتيجة اقتصادية وسياسية مع المغرب. إذن، لا بد أن يكون هناك حل معين إرضاء للدولة الشقيقة.
خصوصا، وأن ابن سلمان يسعى إلى تلميع صورته دوليا..
نعم… الأمر الثاني، هو وقوف توفيق بوعشرين ضد “البلوكاج” لفائدة عبدالإله بنكيران. إذ إن مجموعة من الكتابات كانت تناصر عبدالإله بنكيران من حيث شعبيته، ومن حيث نجاحه في التجربة السياسية السابقة، ومن حيث تعاطف الشارع معه، فكان يكتب بمداد غزير وبقلم لاذع، وهذا أزعج جهات نافذة معينة، هذه الجهات التي انتقدها توفيق بوعشرين انتقادات واسعة ولاذعة أيضا، جانب الفلاحة، وجانب الوقود… وترتب عن هذا الأمر رفع دعوى أو شكاية مباشرة في مواجهته طالب فيها المشتكي (عزيز أخنوش) بمليار سنتيم فحكمت المحكمة فقط ب44 مليون سنتيم، وهذا الحكم كان يوم 12 فبراير حسب ما أذكر أو 11 فبراير. مباشرة في اليوم الموالي، ثم وضع شكاية مجهولة ضد توفيق بوعشرين. إذن هذا الربط أو هذه المصادفات، القارئ السياسي أو المتتبع للشأن السياسي لا يمكن أن يعطيها تأويلا ساذجا، نحن نشتغل في مجال السياسة وفي مجال الصحافة، لذلك فلا بد من ربط بين هذه الأحداث والوقائع لنستخلص أو نصل إلى نتيجة أن الملف ليس ملفا أخلاقيا أو ملفا له علاقة بالاتجار بالبشر، بل هو ملف له أبعاد سياسية.
هذا التحليل الذي قمت به الآن، هو الذي يعزز قول بوعشرين بأن هناك من اتصل به ودعاه إلى عدم التكلم عن شخصين، واحد يُراد له أن ينمحي من الحياة السياسية، نفهم منه أنه هو بنكيران، وشخص يراد له البروز فيها، والذي نفهم منه أنه أخنوش..
نعم، هذا الشيء أسر به لدفاعه ولا يخفيه. فعلا اتصلت به جهات طلبت منه أن يتوقف عن تأييد تجربة بنكيران…
هذه الجهات لم يفصح عنها..
لا، لم يفصح عنها. لكنها طلبت منه أن يسكت عن أخنوش ويترك هذا الشخص خارج كتاباته النقدية، وهذا يعني أن هناك أمورا ما تُدبر، فكان تحليله السياسي يزعج ويربك النتائج التي يراد الوصول إليها من خلال مجموعة من المواقف، ومن خلال مجموعة من التدابير التي في تقديري لم تكن في صالح الشعب المغربي.
أفهم من كلامك أن هذا الملف، أي ملف الاتجار بالبشر، هو ملف مفبرك؟
هو ملف مفبرك، هذا أكيد. وأنا سآتي على بيان ذلك لاحقا…
نلاحظ على أن السيد توفيق بوعشرين كان ينتقد النظام السعودي، وإذا أردنا أن نقوم بمقارنة حتى جمال خاشقجي المقتول، حتى هو كان ينتقد ابن سلمان نفسه، هل هناك يد لابن سلمان في هذا الموضوع؟
من الصعب جدا أن نجزم أن ابن سلمان له يد في موضوع توفيق بوعشرين، أنا لا أدعي هذا الأمر، لأنني رجل قانون ولا يمكن أن أتهم جهة معينة إلا بدليل، كل ما أريد التوكيد عليه هو أن كتاباته أزعجت السعودية أو النظام السعودي، ولكن هل يصل الأمر إلى تدخلها المباشر في الحقيقة ليست لي أدلة.
بعد اندلاع قضية جمال خاشقجي، ماذا كانت وجهة نظر توفيق بوعشرين في هذه القضية؟
المعلومات التي وصلتني أن هناك علاقة صداقة بين خاشقجي وبين توفيق بوعشرين، صداقة عمل، صداقة إنسانية. وحسب بعض الروايات أن خاشقجي كان يخشى على توفيق بوعشرين من هذه الكتابات، وأسر له هذا التخوف، يعني أخبره بأنه خائف على توفيق من هذه الكتابات اللاذعة التي تنتقد النظام السعودي، هذه حقيقة لا تخفى على أحد، وهذا الخوف على توفيق بوعشرين وصل إلى الخوف عليه من الاغتيال، أنا غير متأكد من هذا الكلام، ولكن هذا يروج في الأروقة التي تتعاطى مع ملف توفيق بوعشرين أو مع ملف خاشقجي، على أية حال خاشقجي صحافي ناقد وتوفيق بوعشرين صحافي ناقد، نقدهما يزعج جهات معينة، أعتقد أننا في المغرب نحن بعيدين كل البعد عن لغة الاغتيال، المغرب والحمد لله تخلص من هذا الأمر…
المغرب تخلص من لغة الاغتيال..
نعم، في تقديري المغرب تخلص من لغة الاغتيال.
ماذا تقول في قضية عبدالله بها والزايدي؟
شخصيا، أتكلم من موقعي، موقعي القانوني، أنا لا أتهم جهة جزافا، لا بد من أدلة حقيقية كي أوجه اتهاما، كلام الصحافة أو كلام الشارع لا يجب أن يؤثر على الحقوقي أو على المحامي الذي يشتغل بالقانون. أعتقد أن جهات معينة انزعجت من توفيق بوعشرين، أساليب التعامل مع الجهة المزعجة، يعني أن المغرب يتعامل بمنطق آخر لا يصل إلى أسلوب الاغتيال كما أعيشه الآن أنا كمتتبع، قد يلتجئ إلى المضايقات المالية، قد يلتجئ إلى التشهير الأخلاقي، قد يلتجئ إلى مجموعة من المعطيات مثل فبركة الملفات إلى التهديد بالسجن، هذه كلها أمور يمكن اعتمادها في التضييق على ناقد أو على مثقف أو على سياسي، ولكن لا تصل أبدا إلى هذه الدرجة.
قلت إنه كانت هناك اتصالات بين توفيق بوعشرين وجمال خاشقجي، هل كانت هناك لقاءات مباشرة؟
حسب ما وصلني من معلومات كانت هناك لقاءات في مجموعة من الدول تمليها طبيعة العمل المشترك كصحافيين، هذا في حدود معرفتي.
قمت بمرافعة الجمعة الماضي حول قضية بوعشرين، ما هي أبرز النقاط التي تناولتها من خلال مرافعتك، بدءا من يوم الاعتقال؟
هي رحلة طويلة جدا ومضنية ومتعبة، ولكن تستحق لأنه في تقديري هو ملف حقوقي بامتياز. أولا، المساطر التي اتبعت في هذا الملف اعترتها مجموعة من الاختلالات القانونية الخطيرة جدا، وعلى رأسها الاعتقال، لأن توفيق بوعشرين لم يضبط في حالة تلبس باعتراف النيابة العامة، وطبقت عليه مسطرة التلبس خطأ. ثم إن الإحالة لا بد أن تكون في حالة سراح وهذا الأمر أوضحته في مجموعة من المرافعات، وفي مجموعة من المقالات. ثم إن وضعيته القانونية وطبيعة الجريمة المتابع بها طبقا لقانون المسطرة الجنائية لا بد أن يكون في حالة سراح، هذا الأمر لم تجب عنه لا النيابة العامة، ولا دفاع المشتكيات، وبقي الأمر معلقا إلى حين أن تبث فيه المحكمة بعدما ضمته إلى الجوهر في حكم واحد، ولكن أنا أومن بأن توفيق يعيش حالة اعتقال تحكمي، وهذا الأمر لا بد أن يوجد له مخرج قانوني ومخرج حقوقي.
هذا إن لم يكن الملف له طبيعة سياسية؟
أنا أرجح أن اعتقاله بهذه الطريقة بدافع سياسي صرف، وسأبين لربما من خلال النقاش هذا الأمر، إذن، تم عرض الفيديوهات…
نعود إلى يوم الاعتقال، يوم مداهمة الفرقة الوطنية للشرطة القضائية مقر صحيفة “أخبار اليوم”، حجزت محجوزات، وهي عبارة عن أجهزة. بعد ذلك نحن كمتابعين قالوا لنا إن هذه المحجوزات تضم فيديوهات جنسية إلى غير ذلك، أريد أن تفصل لي في هذه النقطة بالذات لكي نفهم ولكي نحلل تلك الألغاز؟
أولا، المحقق في المادة الجنائية لا بد أن يستعمل أمرين، الأمر الأول هو تطبيق المسطرة بحذافيرها، والمسطرة فيها قواعد آمرة ملزمة ويجب أن يحصن مسطرته من أي خلل وعيب شكلي يعرضها للطعن. الأمر الثاني، يجب أن يستحضر عقله وتفكيره أثناء البحث، إذ لا يجب البحث بشكل عشوائي دون منطق ودون عقل، فعندما تصادفوا مع توفيق بوعشرين في الطابق السفلي من العمارة طلبوا منه بعدما عرّفوه بصفتهم الدخول إلى مكتبه. إذن هم زاروا المكتب بعد علمهم أن توفيق بوعشرين، بناء على الشكايات، يصور ضحاياه في المكتب، وجاؤوا ليبحثوا عن كل ما يفيد البحث من دعامات من كاميرا وغيرها… التي توثق لهذه الجرائم، خاصة وأنهم قالوا إن هذه الجرائم ارتكبت في مكتبه، وتوفيق هو المجرم.
يعني أن الفرقة الوطنية جاءت بمعلومة هي أن توفيق بوعشرين يمارس الجنس داخل مكتبه ويحتفظ بتلك الفيديوهات. لذلك انطلقت الفرقة الوطنية بناء على ثلاث شكايات، حسب ما تتبعنا شكاية من مجهولة، وشكاية من واحدة تدعي أنه اغتصبها وأخرى تدعي أنه حاول اغتصابها، أريد هنا أن أعرف كيف لتلك النسوة أن عرفن بأنه يقوم بتصويرهن؟ وهل عرضت فيديوهاتهن بالمحكمة؟
في الشكاية قالوا بأن بوعشرين يهددهن بنشر صورهن، إذن، الفرقة الوطنية تفترض وجود أدلة تدينه في المكتب لأنه يصور به. توفيق بوعشرين عندما طلبوا منه دخول المكتب لم يتردد، تعامل مع الطلب بكل عفوية، لنفترض أنه ارتكب هذه الجرائم في المكتب ويسجل فيه، هل يعقل أن يقبل بدخولهم، مع علمه باحتفاظه بتلك الدعامات أو تلك الأدلة بالمكتب؟ والمكتب كما جاءت في مجموعة من الشهادات أنه يبقى دائما مفتوحا. لذلك عندما دخلوا إلى المكتب، حسب ما جاء في تصريح توفيق بوعشرين وفي المحضر، أخرجوا تلك التجهيزات ووضعوها، والمكتب مفتوح. فهل هذا المكتب المفتوح الذي تلجه المنظفة والتقني والصحافيون، ألم يلاحظوا وجود تلك التجهيزات الغريبة؟ ألم يخش توفيق بوعشرين أن تمتد يد أحد الموظفين إلى DISQUE DUR ويطلع على ما فيه من محتويات؟ إن الشهود جميعهم أكدوا أن مكتب توفيق يظل مفتوحا، وجزء من تلك التجهيزات وجدت خلف التلفاز والمنظفة تقوم بواجب النظافة يوميا، فإذا كانت تمسح ستجد شيئا مخبأ وراء الجهاز وستسأل عن هذا الشيء ما هو؟ إذن، هذا أمر لا يقبله منطق ولا يقلبه عقل أن يترك أدوات الجريمة في متناول الجميع، المنطق يقتضي أن يخفي أدوات الجريمة في مكان لا يصل إليه أي شخص، ولكن المكتب يظل مفتوحا، وهذا يعني أنه لا يعلم بوجود تلك الأدوات داخله.
عندما قدمت الفرقة الوطنية وأرادت الدخول إلى مكتبه كان آنذاك مفتوحا؟
نعم، كان مفتوحا.
هذا دليل على أنه يتركه مفتوحا دائما..
نعم، نعم دائما يتركه مفتوحا. ولكن أثناء إنجاز محضر المعاينة الذي لم يكن وفق القانون قامت أفراد الفرقة الوطنية بتجميع تلك المحجوزات وأخرجوها، فعرضوها عليه، وقالوا له هذه لك، فأنكر بوعشرين ذلك. لكن السؤال المطروح، إذا أنكرت أن هذا القرص الصلب الخارجي الذي لا يعرف أي أحد ما فيه، لأنهم عندما وضعوا عليه اليد لا أحد كان يعلم مضمون ذلك القرص، هل يتضمن فيديوهات جنسية، أو رسوما متحركة أو محاضرات (…)؟ أنكر توفيق علاقته بالقرص الصلب، ما الذي كان يمنع ضباط الشرطة القضائية آنذاك، خصوصا وأن فيهم المتخصص في المعلوميات، أن يفتحوا القرص الصلب أمامه في حاسوبه ويعاينون أمامه وأمام الموظفين تلك المشاهد.
مع العلم هذه مؤسسة إعلامية، إذ تضم كاميرات وأشياء معلوماتية، يعني هذا أمر عادي جدا أن تضم هذه الأشياء، وهذا دليل على أن لديهم معلومات مسبقة بوجود…
لا، أنا أتكلم عن القرص الصلب disque dur externe القرص الصلب الخارجي، يشغلونه أمامه ويقولون له تعال لتشاهد، فإذا وجدوا رسوما متحركة فتلك رسوم متحركة، وإذا وجدوا محاضرات فتلك محاضرات، وإذا وجدوا أفلاما جنسية فهي أفلام جنسية. إذن، هذه العملية لم يقوموا بها، أنكر بوعشرين علاقته ب DVR. السؤال هو لماذا لم يفتحوه أمام؟ لأنه يخزن بعض الفيديوهات، لا بد أن يفتحوه أمامه وكي يفتحDVR أمامهم، لا بد أن يتعرف عليه الحاسوب لأنه يجب أن يكون INSTALLE مثبتا في الحاسوب، لكنهم لم يقوموا بهذه العملية، ما معنى أنهم لم يقوموا بهذا؟ معناه أن DVRغير مثبت في الحاسوب، وبالتالي، لا يمكنه فعل ذلك، فلو فعلوا ذلك لن يتعرف الحاسوب عليه، وبالتالي ذاك DVR جسم غريب على الحاسوب، فمن أين أتى؟ هذه العملية لم يقوموا بها، وأيضا لم يخرجوا HISTORIQUE للحاسوب، لأن أي عملية تقوم بها في الحاسوب يسجلها، ومادمت أنكرت، نبحث في حاسوبك عن HISTORIQUE وسنجد أنك كنت قد شغلت DISQUE DUR وDVR .
هل وضع الضباط قفزات أثناء حجز تلك التجهيزات؟
لا، بل بدون قفازات، وهذا من الأخطاء المسطرية في الإجراءات لأن مسرح الجريمة لا بد أن يُحمى كي لا تضيع آثار الجريمة، ومن بين آثار الجريمة هي البصمات، لأنه لو كان DISQUE DUR وDVR له، لا بد أن يحمل بصماته، سيتم عرض تلك المحجوزات على المختبر وإذا تطابقت بصمات بوعشرين مع البصمات الموجودة على أجهزة الملف سينتهي الأمر، وهذه العملية أيضا لم يقوموا بها.
يوم حجزت تلك المحجوزات، بوعشرين نادى على شخص مسؤول عن المبيعات والمشتريات، مراد معبير، هذا الشخص أنكر تلك التجهيزات..
نعم، اعتبرها أجساما غريبة على المكتب، ومراد يلج المكتب بشكل عادي، بمعنى ممكن أن يقع نظره على جسم غريب لا علاقة له بطبيعة العمل، كما يمكن أن يقع على الكاميرا التي يدعون وجودها، وكذا على على DVR ، علما أن المكتب غير مزود بالكاميرات، ومراد تقني سيعرف ما هو DVR لأنهم قالوا إنه كان وراء التلفاز، وستأتي المنظفة عندما تريد التنظيف وستجده، وستسأل. التقنيون سيعرفون أنه DVR، وسيتساءل مراد عن كاميرات ذلكDVR.
في المحجوزات قالوا لنا إنه توجد كاميرا سوداء وكاميرا بيضاء وقرص صلب وDVR ، قالوا لنا كاميرا بيضاء وأثناء عرض المحجوز على المحكمة وقع نقاش وتشبثت النيابة العامة بأن ذلك الشيء الأبيض هو كاميرا وليس MICRO ، وبعد خبرة الدرك الملكي سيتضح أنه MICRO. سؤالي هو أثناء المعاينة التي كانت عامة وغير دقيقة لم تعط توصيفا دقيقا للمحجوزات، أخطأت في تسمية جهاز، علما أن هناك متخصصين تقنيين في الجريمة المعلوماتية، وجسم عبارة عن خيط رابط بين مزود الشاحن فيه أمتار متعددة لم يذكر في الحجز فظهر عند الفرقة الوطنية، فمن أين أتى؟ المحجوزات التي عثرت عليها الفرقة الوطنية ليست هي المحجوزات في مجموعها التي ذهبت إلى الفرقة الوطنية، هذه الاختلالات المسطرية ألا يجب أن ترتب أثرا؟ ذلك لأن محضر المعاينة يصف، ويدقق، هو بداية العمل، وبداية المتابعة، فإذا شابته اختلالات، ألا يبعث ذلك على الشك؟ قانون المسطرة الجنائية جاء ليحمي الطرف الضعيف الذي هو المتهم، لذلك جاء بضمانات، وأن هذه المعاينة إذا لم تكن وفق القانون ووفق الشكليات المفروضة، باعتبار أن المسطرة قوانينها قوانين آمرة لا يجوز مخالفتها، لذلك لا بد أن ترتب أثرا قانونيا. محضر معيب يرتب أثارا، وإذا لم يرتب الأثر المطلوب قانونا فهناك خلل لأنه لم يحصنوا ولم يطهروا المسطرة، فعندما يقال إن المسطرة شابتها عيوب ومرت عند قاضي التحقيق فطهر المسطرة، لأن قاضي التحقيق يمكن أن يعيد البحث من جديد ويطهر المسطرة، فهذا التطهير أو إصلاح المسطرة لم يتم وذهبت إلى المحكمة وهي معيبة. ثم إن هذا العيب لا بد أن يكون له جزاء قانوني، وإلا تفقد الثقة في القضاء.
حجزت المحجوزات واعتقال توفيق بوعشرين، وحل بالفرقة الوطنية، صف لي ما وقع؟
توفيق بوعشرين يقول إن قرابة أربعين شخصا دخلوا المكتب، وهناك رواية تقول عشرين، أنا لا يهمني أربعين أو عشرين بقدر ما يهمني المنطق. في نظري أين يوجد الإشكال؟ الإشكال يوجد في خمس دقائق أو سبع دقائق وقع فيها ما وقع. لنفترض أنهم عشرون شخصا، فمكتب توفيق لا يمكن أن يضم عشرين شخصا، إذن هناك مجموعة دخلت وأخرى خرجت، فهذا منطق الأشياء، فمساحة المكتب تستوعب عددا محدودا سواء أكانت كبيرة أو صغيرة، إلا إذا كانوا مزدحمين وملتصقين ببعضهم البعض. المنطق إذن، يقول إن مجموعة بقيت في الخارج ومجموعة في الداخل، فالمجموعة التي بقيت في الخارج قامت بجولة مع توفيق ببعض جنبات الإدارة.
وهذا يؤكد حسن النية..
نعم، هناك مجموعة بقيت في الخارج، إذ لا يمكن لهم جميعا أن يقوموا بتلك الجولة، فضروري أن هناك مجموعة بقيت، فتصوروا معي 20 شخصا أتوا ودخلوا. المنطق لا يقبل هذا الأمر.
الذي أريد فهمه أن الفرقة الوطنية يجب أن تقوم باستدعاء عادي بسبب شكايات، شكاية من مجهولة وشكايتين أخريين، يعني أن الشكاية تحتمل الصدق وتحتمل الكذب. إذن كيف يمكن للفرقة الوطنية أن تصدق أن ما ورد في الشكايات صحيح؟
ما شاء لله متتبع. فعلا عندما يتم وضع شكاية معينة يستمع ضابط الشرطة القضائية بعد أخذ تعليمات النيابة العامة إلى المشتكي، ويحرر محضرا بذلك، المشتكى به يوجه له استدعاء لا أقل ولا أكثر، ويحضر إلى مقر الشرطة لأخذ إفاداته وتصريحاته والمحضر برمته يحال إلى النيابة العامة كي تتخذ القرار المناسب، إما بالحفظ وإما بالمتابعة. مداهمة المكتب بتلك الطريقة دون تبيان حقيقة ما وقع لأن DISQUE DUR غير مكتوب فيه ما وقع لمعرفة ما يوجد به لا يستدعي هذا الأمر وكأنه ضبط في حالة تلبس، لو ضبط في حالة تلبس فالاعتقال سيكون مبررا.
قلت لي إن الشكايات تقول إن بوعشرين يمارس الجنس معهن ويقوم على تصويرهن، هذه الأقوال توجد بالشكايات؟
نعم، توجد بالشكايات
هل توجد تلك السيدات بالفيديوهات؟ هذا ما أريد معرفته.
لا.. لا .. الغريب في الأمر أن الاثنتين اللائي وضعن الشكاية لا يوجدن بالفيديوهات.
كيف عرفن أنه قام بتصويرهن؟
المفروض أن تلك المشتكيات اللواتي قلن إن توفيق بوعشرين اغتصبهن ويهددهن بنشر مقاطع من الفيديوهات من أجل الابتزاز. المفروض أن يوجدن بالفيديوهات، هؤلاء النسوة اللواتي اشتكين لا يوجدن، واللواتي لم يشتكين موجودات. إذن، شكاية تلك الاثنتان لا بد أن يكون لها دليل، وهو ما تفتقده، لذلك ليس لهما أي دليل، إذ إن جريمة الاغتصاب لا بد لها من أدلة دامغة، وعلى رأسها شهادة طبية التي يجب أن تقول إن المرأة الفلانية تعرضت للاغتصاب، بمعنى أن وضعيتها البيولوجية الجسمية فيها اغتصاب، والطبيب يحرر تقريرا طبيا، هذا أول شيء.
وتلك المغتصبة لا تتذكر يوم اغتصابها؟
نعم، هذا من المفارقات الغريبة، لا تتذكر، يعني أنا أتكلم من الناحية القانونية، إذ إن من الوثائق اللازمة هي وجود شهادة طبية تثبت الاغتصاب، بعد ذلك يتم البحث عن الفاعل، وفي حالتنا لا يوجد أي شيء يشير إلى الاغتصاب. والاغتصاب من الناحية المادية لا يمكن أن ينمحي، فتعرض الجسم للاغتصاب لا ينمحي منه أثر الاغتصاب بسرعة لأن الذات، التي مورس عليها الاغتصاب، تبقى محتفظة بعلامات الاغتصاب لمدة معينة، فلا يمكن لرجل أن يغتصب امرأة اليوم، وغدا تشفى، بل تبقى مدة طويلة حينها تبدأ آثار الاغتصاب في الزوال.
حتى البنية الجسدية لتوفيق بوعشرين، هل هي تلك البنية التي ادعت أنه اغتصبها؟
أنا لا أريد الدخول في هذه الأمور لأنها غير منتجة من الناحية القانونية.
لكنه منطق الأشياء. أنا كصحافي أطرح مثل هذه الأسئلة التي تحيرني..
كصحافي من حقك أن تطرح أي سؤال، وأنا أجيب أجوبة دقيقة، البنية الجسدية قد تكون موضوع سؤال وقد لا تكون، أنا أتحدث عن الآثار، أثر جريمة الاغتصاب لا ينمحي بسهولة، إذ تبقى أكثر من أسبوع أو أسبوعين أو ثلاثة، حسب حدة الاغتصاب، فإذا كان الاغتصاب جارحا جدا قد تستمر آثاره لشهور، وهنا لا بد من طرح السؤال لماذا لم تذهب المغتصَبة مباشرة إلى الطبيب لتأخذ شهادة طبية تبرر تعرضها للاغتصاب الجنسي مع التفاصيل وتحتفظ بتلك الوثيقة؟
هل تعرفتم على المشتكية المجهولة؟
لا، لا أحد تعرف عليها، علما أنها دخلت، أو دخل لا أدري، برجلين ويدين ووضع شكاية وأخذ عنها رقما وخرج، دخل مجهولا وخرج مجهولا، دون أن يسأله الموظف الذي استقبل تلك الشكاية لا عن اسمه، ولا عن هويته، ولا عن عنوانه في حالة أرادوا الاتصال به، لأن المشتكي يضع شكاية ليس عن طريق البريد، لأنه لو وصلت تلك الشكاية إلى النيابة العامة عن طريق البريد ووصلت إلى مكتب الضبط، حينها تسمى وشاية أو شكاية مجهولة، وبالتالي لن نسأل عن مصدرها لأنها دخلت عبر وسيلة عادية جدا، لكن أن تدخل بجسم معين دخل ووضعها أمام مكتب، وأخذ رقما دون أن يسأل لأنه يمكن أن نريد سؤال المشتكي ونحتاجه، ونتأكد من المعطيات ونفتح له محضرا فإذا أردناه ماذا سنفعل؟؟ لذلك أنا أستغرب كيف أن شخصا ما لم تسأله النيابة العامة عن هويته، عن صفته، وسُجلت في سجل الشكايات، والتمسنا إحضار السجل كي نطلع على أن تلك الشكاية مسجلة فعلا لدى سجلات النيابة العامة، ولكن طلبنا لم يلق القبول المطلوب.
قبل أن ندخل إلى موضوع الفرقة الوطنية لدي سؤال، مع من كانت تظل مفاتيح مكتب توفيق بوعشرين؟
المفاتيح كانت تظل عند المنظفة وعند الكاتبة وعند إحدى المصرحات.
السيد توفيق بوعشرين رفض مشاهدة تلك الفيديوهات عندما استضافته الفرقة الوطينة. لماذا؟
لأنها لا تخصه، أنا أطلع على أمور تخصني. أمور لا تخصني لا أطلع عليها، فهو غير ملزم بالإطلاع عليها. ولماذا اطلع عليها دفاعه أثناء المحاكمة؟
ولماذا لم ترفضوا الإطلاع عليها طالما أن موكلكم لا تخصه؟
يجب أن نفرق بين أمرين، مرحلة البحث ومرحلة المحاكمة. مرحلة البحث هناك حقوق للمتهم لا بد أن تصان، من بينها التزام الصمت، ومنها كذلك عدم التماهي في أمر لا يؤمن به حتى لا يعطيه الشرعية.
في المحاكمة الأمر مختلف، لذلك نحن ملزمون بمناقشة وسائل الإثبات حضوريا ونطرح الأسئلة عليها، هذا هو الفرق الذي يوجد بين الأمرين.
المشتكيات لحد الآن لا يتوفرن على وسيلة إثبات بأنهن اغتصبن، هل سيترتب عنهن الجزاء القانوني في حالة عدم إثبات أنهن اغتُصبن؟
هذا الأمر سيكون بعد صدور الحكم في موضوع توفيق بوعشرين، والأخير له الصلاحية إذا أخذ البراءة وكان حكما نهائيا. وأنا أقول إنه بريء لفائدة القانون، إذاك له الحق أن يتنازل عن المتابعة أو يتابعهن بالوشاية الكاذبة، ولكن هذا أمر سابق لأوانه الآن.
تم عرض الفيديوهات أمام أنظار المحكمة، ماذا رأيتم في تلك الفيديوهات؟
رأينا أشخاصا مجهولين، مجرد أشباح، لأن الفيديوهات تنقسم في العرض إلى قسمين، قسم يظهر فيه بعض الأشخاص عاديين، وعندما ينتقل الفيديو أو الأشخاص إلى مشاهد جنسية تنطفئ الأنوار ولا يظهر أي شيء، لأن الجريمة هي هاته، الجريمة هي الجنس.
لا ترون مرحلة الإيلاج نهائيا؟
لا، لا يظهر الظلام والأشخاص يظهرون بالأبيض والأسود، ورأس صغير جدا وأجسام صغيرة جدا، وفي غالب الأحيان يكون الظهر إلى الكاميرا بمعنى أن الملامح لا تظهر، ويستحيل رؤية الوجه وأنا بينت للمحكمة الموقرة أن الوجه يستحيل التعرف عليه بالوسائل التقنية لأن له علاقة بطريقة التصوير وضحتها للمحكمة من خلال دراستي للخبرة، فهناك مجموعة من المشكلات التي يتعذر معها التعرف على الأشخاص المسجلين في تلك الفيديوهات.
وكيف تعرفت الفرقة الوطنية على الأشخاص التي قالت بأنهن مصرحات؟ كيف تعرفت عليهن بالعين المجردة؟
هي عملية معقدة جدا، تستدعي حسب تقديري تقريبا شهرا، من أجل التوصل إلى الأشخاص، فالفرقة الوطنية ماذا فعلت؟ حسب ما جاء في المحاضر، اطلعت على الفيديوهات، ثم التوقيت الذي بها، واطلعت بانتداب قضائي على الاتصالات الهاتفية وقمت بالبحث عن تلك الاتصالات الهاتفية إلى من تعود، وبالمقارنة الزمنية وبالتقارب الزمني وجدت أن مجموعة من الأرقام تخص بعض الفتيات، استقدموا تلك الفتيات، وعند عرض كل فيديو، كل فتاة تعرفت على نفسها، بمعنى نأخد على سبيل المثال وجدوا خديجة وزهرة وفتيحة ومريم (أسماء مستعارة لم يرد ذكر الأسماء الحقيقية بالملف) كلهن اتصلن بتوفيق بوعشرين داخل فترة زمنية محددة في ساعة لأنه بحكم طبيعة العمل يمكن أن يتصل بأربعة أو خمسة أسماء.
لكن اسمح لي، بحسب تتبعي يقال إن هؤلاء يشتغلن بالمؤسسة؟ يعني حسب ما راج أن التي تظهر بالفيديوهات عندما تنتهي من عملها تأتي لذلك الشخص الظاهر بالفيديو ولديها مشكل مهني وتدخل إلى المكتب وتبدأ بالحديث معه (…) فكيف سيجدون الاتصال الهاتفي بينها وبينه وهي تشتغل معه؟
أنا سأقول لك، فهم (أي الفرقة الوطنية) عندما تفحصوا أرقام الهواتف، أخرجوا مجموعة من الأسماء، تلك الأسماء قاموا من خلالها بمجموعة من الأبحاث من بينها مثلا الاطلاع على الفيسبوك وتعرفوا على بعض الوجوه، وتم استدعاء تلك الوجوه. (يبتسم) وأطلعوهم على تلك الفيديوهات، وهذه الأشياء كانت بنتيجة مائة في المائة، بمعنى لم يخطئوا، نسبة الخطأ صفر…
ألقي القبض على بوعشرين يوم الجمعة، نحن حسب تتبعنا بدأت استدعاءات المصرحات يوم السبت، في نظرك هل كانت المدة الزمنية كافية للقيام بكل ذلك؟
أنا سأشرح لك (يبتسم). اعتقلوا بوعشرين يوم الجمعة مساء، وحجزوا DISQUE DUR، وشاهدوهم الفيديوهات، علما أن مجموعها هو 15 ساعة و6 دقائق. إذن تتبع معي، شاهدوا الفيدويوهات في اثنتي عشرة ساعة وهذا مستحيل، لأن هذا يسمى معاينة، بمعنى يستلزم ذلك الصبر، فالضابط الذي يعاين ويدون في المحضر إذا كان الفيديو فيه ساعة يجب أن يمكث أمامه ساعة، ويحرر محضرا بما عاينه بأدق التفاصيل ويوقع عليه، وعندما واجهنا النيابة العامة بهذا الأمر، قالت لنا بأنها وزعت الفيديوهات على ضباط آخرين، يجب على كل ضابط أن يحرر محضرا، هذه هي المعاينة القانونية، فكل ضابط عاين الفيديو يجب أن يحرر محضرا ويوقع عليه، لكن لدينا فقط محضر واحد، فالشخص الذي عاين قام بمعاينة 15 ساعة من الفيديوهات في12 ساعة وتعرفوا على الأشخاص… يعني أن الزمن الذي يسمح بكل هذا زمن غير منطقي.
عرفت محاكمة بوعشرين بعض السلوكيات غير المألوفة في مهنة المحاماة، خرجات إعلامية توصف بالسوقية انتهت بسب الرب وسط قاعة المحكمة، ماهو تعليقك عليها؟
هذا الموضوع سأوضحه بموضوعية كبيرة، دفاع المصرحات ليس كله سواء، هناك محامون مقتدرون ومحاميات مقتدرات أبانوا عن موضوعية في تناول الملف، وهؤلاء نكن لهم كل الاحترام والتقدير، لكن للأسف بعض الزملاء خرجوا عن الضوابط المهنية، حيث أصبح الملف يصب فيما هو شخصي، وأصبحت فيه نسبة من الاستعداء بلغت مستوى رهيبا، فمهما اختلفنا الضابط الأخلاقي لا بد أن يكون صارما في التعامل مع الملف، أستطيع أن أتفهم الاندفاع، وأتفهم رفع الصوت وأستطيع أن أتفهم الحماس، لكن لا أتفهم عندما يتكلم بوعشرين وتقول له “مالك فدار باك”، هذه لغة غريبة عن المحاكمة، فهو بينه وبين القاضي، وتوفيق بوعشرين هو فرد من أفراد المجتمع، له حقوق وعليه واجبات والآن بين يدي المحكمة، فإذا ارتكب سلوكا مخالفا للقانون داخل قاعة المحكمة بينه وبين القاضي، لأن القاضي هو الرئيس فهو من سيحرر محضرا بما يسمى بجرائم الجلسات، فالمحامي ما دخله فيما قاله توفيق بوعشرين؟ وهنا وقعت اختلالات كثيرة، ووقعت مشاداة غير مبررة…

سمعنا أن أحد المحامين سب الذات الإلهية..
نعم، هذا آلمني كثيرا صراحة. وهذه من الأمور التي ألحقت بي ألما بليغا، ما كنت أتوقع في يوم من الأيام أن اختلاف وجهات النظر في ملف يؤدي إلى هذا المستوى من الاحتقان ومن السب، الواقعة وقعت عندما أعطى الأستاذ عبدالصمد الإدريسي تصريحا لدى جريدة إلكترونية منتقدا أحد الزملاء أنه أرجأ تدخله إلى ما بعد المرافعات وأن يقدم تعقيبا على المرافعات، هذا التقدير اعتبره عبدالصمد الإدريسي خروجا عن الأعراف والتقاليد، والزميل الذي هو موضوع هذا الإشكال كال من الكلام البذيء والسيئ لعبدالصمد الإدريسي.
داخل المحكمة..
لا، بل خارج قاعة الجلسات، والضجيج والصوت والصراخ يصلنا نحن في القاعة، في لحظة ما خرجت لأنني تعبت، فوجدت الزميل في حالة هستيرية يصرخ في وجه عبدالصمد الإدريسي، فكان يصرخ وهو يهم بالدخول للقاعة فوصل إلى آخر القاعة وقال كلمة فيها سب للذات الإلهية “نضرب ربهم”، وفي تلك اللحظة دخل حتى عبدالصمد الإدريسي، فقلت له عيب أن تسب الرب، فانفجر عليّ شخصيا بعبارات نابية، فقلت له اختلافك مع الإدريسي ليس عيبا، لكن إنك تسب الرب، فذلك عيب، فازداد النقاش وهذه آلمتني جدا صراحة.

وعندما سب الرب لم يقم أحد بأي رد فعل..
المحكمة لم تسمعه والنيابة العامة كذلك، بعض الزملاء سمعوا ذلك، وإحدى الزميلات قالت لي هل أنت وصي على لله؟ قالتها لي هكذا، فالمسألة ليست وصي على لله أو غير ذلك لأن لله خالق الكون، إذا لم ننتصر لله عز وجل في هذه اللحظة فمتى سنتتصر له؟

كيف لمحامين يدافعون عن الأخلاق والشرف ولم يدافعوا عن الذات الإلهية، وعن حرمة المحكمة التي تنطق فيها الأحكام باسم الملك؟
هذا سؤال يُوجه إليهم، فالموقف الأخلاقي يقتضي التدخل في حالة السب سواء لله سبحانه وتعالى ورسولنا أو أي إنسان، ومن بينهم توفيق بوعشرين، فالأخير عندما يتم سبه نتدخل ويحدث صراخ بسبب ذلك، فلا يمكن أن تأخذني الحمية عندما تسب صديقا لي ولا تأخذني عندما تسب لله سبحانه وتعالى، فهو من باب أولى أننا ننتصر له.

السؤال الجوهري الآن ما هو مستقبل الملف؟ وهل تتوقع تدخل جهات دولية بعد مقتل خاشقجي في ملف توفيق بوعشرين؟
أتمنى ألا تتدخل أي جهة دولية في الملف، كما أتمنى أن يتم حل هذا الملف وطنيا بالقانون، هذه رغبتي الشخصية وأنا مؤمن بها وسأدافع عنها، ولكن لا يجب أن ندع أخطاءنا تصبح موضوع سؤال دولي في الوقت نفسه، يجب أن تكون لدينا القدرة على حله وطنيا.
لكن الملف يتابع دوليا..
تم تدويله لأن جميع الطلبات التي تقدمنا بها تم رفضها، إذ لا يوجد أي طلب تقدم به دفاع بوعشرين إلا وُرفض، وآخرها أني التمست أن أرافع بإحضار المحجوزات فرُفض طلبي، جميع الطلبات تُرفض، فماذا سنفعل؟ وهذا حق من الحقوق، والتشريعات الدولية أصبحت الآن تتدخل في كل شيء.
*نقلا عن “الأنباء بوست” وباتفاق معها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.