على غرار قضية صفقة “اعطيني نعطيك”، التي سبق أن كشفتها “أخبار اليوم”، حول تبادل التعويضات بين وزير المالية السابق صلاح الدين مزوار، ومدير الخزينة نور الدين بنسودة، حصلت “أخبار اليوم” على وثائق تظهر استفادة بنسودة، المدير الحالي للخزينة بوزارة المالية، من تفويت أرض للدولة بمراكش، لإنجاز مشروع عقاري كبير يُدرّ الملايير. الأمر يتعلق بأرض مساحتها 20280 مترا مربعا بمراكش، ثم تفويتها سنة 2007، بمبلغ لا يتعدى 6 ملايين و84 ألف درهم، أي 300 درهم للمتر المربع. لا أحد حينها كان يعلم أن بنسودة وعائلته ضمن المستفيدين لأن اسمه كان مختفيا وراء اسم شركة حصلت على تفويت الأرض، على أساس إنجاز مشروع استثماري عقاري. لكن تبين بعد البحث أن اسم بنسودة يوجد ضمن المساهمين في الشركة نيابة عن أبنائه القاصرين، قبل أن تعين زوجته مديرة للشركة. عقد تفويت الأرض، حسب وثائق حصلت عليها “أخبار اليوم”، ثم بين الملك الخاص للدولة ممثلا بالمدير الجهوي للأملاك المخزنية بمراكش نور الدين زين الدين، وشركة ذات مسؤولية محدودة تُسمى “سليم سكن”، يمثلها مقاول يُدعى الحسين زفاض. وتبين مؤخرا من خلال البحث في الوضعية القانونية للشركة، أن نظامها القانوني المسجل في ماي 2006، يظهر أنها مملوكة مناصفة بين المقاول زفاض ونور الدين بنسودة، المدير الحالي للخزينة. اسم بنسودة ورد باعتباره وصيا على حصتي ابنيه القاصرين في الشركة، ولهذا فهو يتصرف باسم ابنيه سليم بنسودة، الذي كان عمره في 2007 لا يتعدى 6 سنوات، وكنزة بنسودة، التي كان عمرها حينها 9 سنوات. رأسمال الشركة كان في حدود 100 ألف درهم موزع مناصفة بين زفاض وابني بنسودة القاصرين. قرار التفويت رخص له والي جهة مراكش تانسيف الحوز حينها، في 12 فبراير 2007 على أساس التفويت بالتراضي لعقار مخزني يقع بمنطقة “تاركة” بمراكش، ذي الرسم العقاري 7331/م. وتضمن دفتر التحملات أن تنجز الشركة فوق كامل العقار المفوت لها مركبا سياحيا وسكنيا يتكون من فندقين من 40 غرفة و126 شقة سكنية. المصادر تشير إلى أن الشركة أنجزت فوق الأرض مشروعا عقاريا فاخرا يُدعى “تاركا كاردن”، سُوِّق معظمه، لكنها لم تنجز الفندقين لحد الآن. في سنة 2014، يظهر من محضر الجمع العام للمساهمين، أن رأسمال الشركة ارتفع إلى حدود 150 ألف درهم، وأُضيف ابن ثالث لبنسودة ضمن المساهمين، هو حمزة بنسودة من مواليد 2007، أي ولد في السنة التي تمت فيها عملية التفويت، على أساس ملكية مناصفة للأسهم بين زفاض الحسين، والأبناء الثلاثة لبنسودة، الذين وقّع باسمهم والدهم نور الدين بنسودة. وتقرر، حسب المحضر، تعيين ليلى بنجلون، مديرة للشركة، إلى جانب الحسين زفاض لمدة ثلاث سنوات، وهي زوجة بنسودة. “أخبار اليوم” اتصلت ببنسودة للحصول على توضيحات، لكن بمجرد سؤاله “هل فعلا أنت مساهم في شركة “سليم سكن”؟” انقطع الاتصال الهاتفي، ولم يعد يرد على الاتصالات، فثم إرسال رسالة نصية إليه، لكن لم تتلق الجريدة أي جواب. هذه الواقعة تطرح العديد من التساؤلات؟ أولها هل يحق لموظف عمومي كبير أن يملك أسهما في شركة ولو نيابة عن أبنائه القاصرين؟ وهل كان لبنسودة دور في تسهيل تفويت العقار، خاصة أنه كان حينها مديرا للضرائب، وما يطرحه ذلك من تضارب في المصالح؟ وهل سعى بنسودة إلى ضمان تملك أولاده القاصرين لأسهم في الشركة على حساب أملاك الدولة؟.