يقول بعض ضحايا المشروع السكني «نور الهدى» بمراكش، إن أزيد من 12 مليار سنتيم هو مجموع المبالغ المالية التي دخلت الحسابات البنكية للتعاونية من مساهمات المنخرطين، مشيرة إلى أنه تم إفراغها عن آخرها، ولم يظهر منها سوى المبلغ الإجمالي لاقتناء العقار المحدد في حوالي 7 ملايير سنتيم. وفي المقابل يتحدث المتهمون عن حوالي 8 ملايير فقط، ضمنها قرابة مليار سنتيم تم إنفاقها في المصاريف المختلفة لإدارة التعاونية، ليبقى الفارق المحدد في حوالي أربعة ملايير سنتيم في حاجة إلى تبيان الجهة أو الجهات التي استولت عليه، وهو ما يعكف عليه القضاء لإظهاره. شقق مغرية ب «جليز» الحصول على شقة ذات مساحة محددة في 70 مترا مربعا بحي «جليز» وسط المدينة الحمراء، وبمواصفات متوسطة، يكلف صاحبها ما لا يقل عن 60 مليون سنتيم، لكن أن يصادف المرء شقة بهذه المساحة، حتى وإن لم تنته بها الأشغال مقابل 22مليون سنتيم، هي فعلا «همزة»، جعلت مسيري التعاونية السكنية «نور الهدى» تقنع أزيد من 500 مواطن بإمكانية تحقيق هذا الحلم. خلال نهاية شهر نونبر من سنة 2008، اجتمعت إرادة 11 شخصا على تأسيس تعاونية سكنية تحت اسم «نور الهدى»، حيث عقدوا جمعا عاما تأسيسا خارج المدار الحضري لمراكش، وتحديدا بأحد الدواوير بالجماعة القروية «اسعادة»، بحضور ممثل عن مكتب تنمية التعاون، وبحضور المواطن «إ.ح»، الذي تم تقديمه للحاضرين على أساس أنه «ضيف شرف» هذا الجمع التأسيسي، حيث تمت المصادقة على القانون الأساسي للتعاونية، وانتخاب الرئيس والكاتب العام وأمين المال، قبل أن يتم تعيين «ضيف الشرف» المذكور مديرا للتعاونية. انفض الاجتماع، وشرع المكتب المسير في إنجاز الوثائق القانونية والإدارية الكفيلة بالحصول على الصبغة القانونية للتعاونية، وهو ما تم عبر الترخيص المؤشر عليه من قبل نزار بركة، الوزير المنتدب السابق لدى الوزير الأول المكلف بالشؤون الاقتصادية والمالية، بتاريخ 8 يوليوز من سنة 2009. القرار المؤشر عليه جاء بعد «استطلاع رأي اللجنة الاستشارية الدائمة المنعقدة بتاريخ 19 يونيو من سنة 2009، وبعد استطلاع رأي مكتب تنمية التعاون»، بحسب ما ورد في قرار الوزير. تعاونية خارج القانون طرح منخرطو تعاونية «نور الهدى» عدة تساؤلات من قبيل: هل اطلعت، بالفعل، اللجنة الاستشارية التي ذكرها الوزير في قراره، على الملف الكامل للتعاونية وتداولت فيه قبل أن تقدم المشورة للوزير؟ ألم تلاحظ هذه اللجنة أن القانون الأساسي للتعاونية، الذي ينص على أن كلا من الرئيس والكاتب العام وأمين المال، لهم نواب في المكتب المسير للتعاونية؟ ألم يلاحظ مدير مكتب تنمية التعاون بمراكش ومعه المدير المركزي للمكتب أن هناك تناقضا بين عدد أعضاء المكتب الوارد في القائمة وبين ما ينص عليه القانون الأساسي للتعاونية؟ ألم تكن التعاونية خارج القانون خلال جميع المراحل التي قطعتها من الجمع العام التأسيسي إلى جمع الأموال من المنخرطين والتعاقد مع البائعين؟أسئلة تنظر الجواب من فتح مسيرو التعاونية مكتبا ب «جليز»، قبل أن يهتدوا عن طريق أحد السماسرة إلى عقار بحي مبروكة، ليتم التعاقد مع أصحابه بعد تحرير أربعة عقود عبارة عن وعود بالبيع. وبعد مفاوضات بين الأطراف المعنية، تم الاتفاق على بيع العقارات بمبلغ 1800 درهم للمتر المربع، حسب ما هو موثق في عقود البيع، على خلاف ما ورد في التصريحات المتضاربة لكل من رئيس التعاونية ومديرها، لدى الضابطة القضائية وقاضي التحقيق، حيث حدد الأول ثمن البيع المتفق عليه في 1900 درهم، والثاني في 1850 درهما. علما أن المنخرطين أكدوا أن رئيس التعاونية ومديرها كانا معا يؤكدان لهم أن ثمن العقار حدد في 1900 درهم للمتر المربع الواحد. ويبقى الفارق بين ما هو موثق في العقود وما يدعيه مسيرو التعاونية أمام المنخرطين وأمام قاضي التحقيق هو 3.870.300.00 درهم. وبحسب الوثائق المتوفرة ل «الأخبار» فإن مسؤولي التعاونية دفعوا تسبيقات لم تصل إلى السقف المطلوب المحدد في 25 بالمائة، ليتم تمديد الفترة ابتداء من تاريخ 5 مارس 2011، حسب المالك «ج.ض» في تصريح للجريدة، وهو نفس ما أكده الموثق. وبالرغم من التمديد لثلاث مرات متوالية، فإن مسيري التعاونية لم يدفعوا المبلغ الإجمالي، حتى آخر تمديد الذي تم التوقيع عليه خلال شهر دجنبر من سنة 2011. ولم تتجاوز المبالغ التي دفعتها التعاونية لأصحاب العقار عن طريق مكتب التوثيق المذكور، ثلاثة ملايير و550 مليون سنتيم، قبل أن تدفع التعاونية ما بقي بذمتها لأصحاب العقار، غير أن جزءا منه، كان عبارة عن شيكات وكمبيالة واحدة بلغ مجموعها حوالي مليار و200 مليون سنتيم، فوجئ صاحب عقار «كريمة» بأنها بدون مؤونة. وباستثناء الشيكات والكمبيالة المذكورة، فإن جميع المبالغ المالية التي توصل بها أصحاب العقارات، تم سحبها بواسطة الشيك الخاص للموثق، والذي كان حسابه يتوصل بمبالغ مالية متفاوتة عبر التعاونية، تجاوزت قيمتها 6 ملايير سنتيم ونصف، ما يطرح السؤال عن الشيكات والكمبيالة المسلمة للبائع من قبل رئيس التعاونية، والتي تمت خارج مكتب الموثق. وبخصوص تفويت مشروع التعاونية إلى شركة من خلال محاضر الضابطة القضائية، فقد تمت مراسلة وزارة المالية في شأن تمتيع التعاونية بالإعفاء الضريبي باعتبارها تعاونية سكنية وليست شركة، غير أن الوزارة رفضت، ما جعل التعاونية تبحث عن حلول ومخارج لهذا الإشكال الذي سيكلفها قرابة مليار سنتيم عبارة عن ضرائب عقارية. وتحت ذريعة الإعفاء الضريبي، أنشأ «إ.ح»، مدير التعاونية، شركة محدودة المسؤولية تحت اسم «بيطون01»، إلى جانب زوجته ونجله، إضافة إلى ابنه وابنته القاصرين. وبحسب البروتوكول الموقع بين الشركة والتعاونية، فإن الأخيرة تمنح للأولى حق التكفل بإنجاز المشروع السكني، وتسليم المنخرطين شققهم، حسب ما التزمت به التعاونية معهم، وفي حال مطالبة أي منخرط بالانسحاب من التعاونية، تتكفل الشركة بتسليمه المبالغ التي دفعها للتعاونية قصد الحصول على شقة، مقابل خصم حصته في جميع المصاريف الخاصة بإدارة شؤون التعاونية، والمحددة في 10 آلاف درهم، وخصم واجب الانخراط المحدد في 30 ألف درهم لكل منخرط. وتنص بنود هذا البروتوكول أيضا، على أنه في حال تعذر على الشركة إرجاع أموال الراغبين في الانسحاب، فإن التعاونية تلتزم بإرجاعها لهم، كما أن شركة «بيطون 01» تلتزم بموجب البروتوكول المذكور، بتسليم الشقق لأصحابها، وفي حال عجزها، فإن التعاونية ملزمة بتسليمها لأصحابها. من «ضيف شرف» إلى وريث لتعاونية بالرجوع إلى الجمع العام التأسيسي للتعاونية، والذي حضره 11 منخرطا مؤسسا، بالإضافة إلى مدير مكتب تنمية التعاون بمراكش، فإن رئيس الجلسة (الذي سيصبح فيما بعد أمين مال التعاونية) قدم «إ.ح» على أساس أنه «ضيف شرف» الجمع العام التأسيسي، وبعد انتخاب-تعيين المكتب المسير، أصبح «ضيف الشرف» مديرا للتعاونية، أي المشرف والمكلف بإدارة شؤونها. ومن أجل إنجاز مهامه الإدارية، فإن التعاونية ألزمت أي راغب في الانخراط في التعاونية من أجل الحصول على شقة، بدفع 10 آلاف درهم كواجب المشاركة في مصاريف إدارة شؤون التعاونية، وهو المبلغ الذي يتم دفعه في حساب بنكي مخصص لهذا الغرض، قبل أن يتبين أن هذا الحساب البنكي في اسم شركة «مكتب تسيير المؤسسات العقارية»، لمالكتها «ل.ل»، والتي ليست سوى زوجة «إ.ح» مدير التعاونية. ومن خلال محاضر الضابطة القضائية، فقد أكدت زوجة «إ.ح» أن الشركة المذكورة وإن كانت هي مالكتها، فإن زوجها هو الذي يتصرف في جميع نشاطاتها بما فيها عمليات الإيداع والسحب من الحساب البنكي للشركة، وذلك بموجب توكيل موقع باسمها لفائدة زوجها. كما أكدت أنها على علم بكونها شريكة رفقة أبنائها الثلاثة في شركة «بيطون 01» التي يديرها زوجها، كما لا تعلم أي شيء عن حساباتها البنكية. وبالرجوع إلى وثائق الملف، وبالرغم من حصول «إ.ح» مدير التعاونية على 10 آلاف درهم من كل منخرط في التعاونية نظير مهامه الإدارية باسم شركة «مكتب تسيير المؤسسات العقارية»، وهو ما يعني حصوله على أزيد من 500 مليون سنتيم، فإن رئيس التعاونية اتفق معه على تسليمه 10 بالمائة من الثمن الإجمالي لاقتناء العقارات التي سيتم إنجاز المشروع السكني للتعاونية فوقها، والمحدد في حوالي 7 ملايير سنتيم، قبل تخفيض هذه النسبة إلى 7 بالمائة خلال الجمع الاستثنائي الذي تم فيه تعيين أمين مال جديد للتعاونية بعد تقديم أمين المال السابق استقالته. وقد تم هذا: «بدون موافقتنا نحن المنخرطون، إذ كنا ملزمين بأداء جميع ما يطلب منا والتوقيع على جميع الوثائق التي يضعها رئيس التعاونية ومديرها أمامنا دون نقاش» تقول إحدى الضحايا. وكشفت التحريات التي قام بها بعض ضحايا التعاونية السكنية «نور الهدى» أن مديرها المسمى «إ.ح»، والمالك لثلاث شركات تعاملت معها التعاونية، بل أصبحت إحداها هي «الوريث الشرعي» للتعاونية، أنه ليس سوى ما أسمته صاحب سوابق قضائية، وقدم أمام العدالة في فترات متباعدة، إذ سبق أن تمت إدانته بتاريخ 18 نونبر من سنة 1996، ودخل السجن المدني بعدما توبع من أجل تهم خيانة الأمانة، النصب والاحتيال، التصرف في مال مشترك بسوء نية. كما سبق وأن تمت إدانته من أجل عرقلة تنفيذ حكم قضائي، كما تم اعتقاله وإدانته بتاريخ 2002، من أجل تهمة إصدار شيك بدون مؤونة. ومن غرائب الأمور التي كشفت عنها الأبحاث، أن المقر الذي تم فيه تأسيس التعاونية، والموجود ب»دوار عبو خرباش» بالجماعة القروية «اسعادة» بضواحي مراكش ليس سوى مقر وعنوان شركة «بيطون01»، لمالكها «إ.ح» رفقة زوجته وأبنائه، كما هو نفس مقر وعنوان شركة «مكتب إدارة المؤسسات العقارية» لمالكتها زوجة «إ.ح» مدير التعاونية، إضافة إلى باقي الشركات الأخرى التي هي في ملكيته أو ملكية زوجته وأبنائه. شراهة «ضيف الشرف»، لم تقف عند هذا الحد، بل دفع بشركة أخرى في ملكيته رفقة أبنائه إلى الحصول على صفقة أخرى من التعاونية دون علم المنخرطين، ويتعلق الأمر بعملية تهيئة العقارات التي سيتم إنجاز المشروع السكني عليها، حيث إن بعض أشغال الهدم أوهمت المنخرطين بأن عملية الأشغال وإنجاز المشروع قد بدأت، ومن أجل إضفاء مزيد من المشروعية، تم وضع آليات ومعدات ضخمة للبناء وسط العقار المذكور، ما سهل على المسيرين الحصول على مزيد من الأموال من المنخرطين. علاقة غامضة كان المالكون الأصليون للعقار يطالبون بمزيد من الأموال نظير ثمن البيع، وهو ما لم يكن مسؤولو التعاونية يترددون في الاستجابة له، إذ يسلمون أصحاب العقار مبالغ مالية كلما توصلوا من المنخرطين بدفعة جديدة، قبل أن يقترح رئيس التعاونية ومديرها على الموثق إلغاء عقود الوعد بالبيع الموقعة بين المالكين للعقارات والتعاونية، واستبدال التعاونية كطرف المشتري بالشركة الجديدة «بيطون01»، الحاملة لمشروع التعاونية، أو الوريث الجديد للتعاونية. ومن أجل إضفاء الصبغة القانونية على هذه العملية، فإن الشركة المذكورة، أدلت بنسخة من قرار وزارة المالية القاضي بإعفائها من الضريبة العقارية، وكذا نسخة من البروتوكول السالف ذكره. وتصريح مصحح الإمضاء يؤكد على أن رئيس التعاونية تسلم جميع المبالغ التي دفعها لأصحاب العقار، وبالتالي فإن شركة «بيطون 01» هي التي ستشتري العقارات المذكورة، وهي من سيتولى بناء المشروع، وتسليم الشقق لأصحابها المنخرطين في التعاونية. وحتى تكتمل فصول هذا السيناريو، فقد شرع رئيس التعاونية ومديرها في الاتصال بالمنخرطين، مخبرا إياهم بأن التعاونية غير معفاة من الضريبة العقارية، وأنه في حالة ما إذا أرادت إنجاز المشروع، فإنه يلزمها أداء مبالغ مالية إضافية ضخمة، وهو ما يعني أن المنخرطين عليهم أن يؤدوا بالتضامن مبالغ مالية أخرى، وعليه فإن التعاونية اهتدت إلى تكليف إحدى الشركات المعفاة من الضريبة العقارية بإنجاز المشروع، غير أن 27 شركة التي اقترحت عليها التعاونية هذا المشروع رفضت، قبل أن توافق شركة «بيطون 01» على العملية. وتم تخويف المنخرطين وتهويل الأمر عليهم، إذ وجدوا أنفسهم بين نار إضافة مبالغ مالية جديدة، وهو الأمر غير الممكن بالنظر إلى أن أغلبهم من فئات محدودة الدخل، وبين الرضوخ لواقع الأمر، عبر التوقيع على أحد المطبوعات وتصحيح إمضائه، وهو المطبوع المعنون ب «موافقة وتكليف»، الذي يشير إلى أن المستفيد اطلع على البروتوكول الموقع بين التعاونية السكنية «نور الهدى» من جهة، والشركة ذات المسؤولية المحدودة «بيطون 01» من جهة ثانية، والذي بموجبه ستتكفل الشركة المذكورة بإنجاز المشروع السكني «نور الهدى». ويشير المطبوع أيضا إلى أن المستفيد اطلع ووافق على حجز وحدة سكنية في المشروع الذي ستتكفل به شركة «بيطون01». أما الفقرة الثانية من هذا المطبوع (موافقة وتكليف)، فتشير إلى أن الدولة المغربية تمتع شركة «بيطون 01» بمجموعة من الامتيازات الضريبية التي يستفيد منها المنعشون العقاريون عند التزامهم ببناء أزيد من 500 وحدة سكنية بثمن إجمالي قدره 250 ألف درهم. استثمارات جديدة بأموال المنخرطين في وقت ظلت التعاونية تنتظر نقل ملكية العقار في اسمها، وفي الوقت الذي لم يكن بيد مسؤولي التعاونية أية ضمانات تذكر، نظير المبالغ التي سلموها لأصحاب العقار الأصليين، فإن واحدا منهم والمالك لأهم عقار من العقارات الأربعة، والبالغة مساحته أزيد من هكتارين، وبدل التوجه إلى الأبناك والجهات المعنية بالرهون التي تثقل عقاره المسمى «كريمة»، اقتنى عقارين جديدين الأول باسم «سويسي 72»، والثاني باسم «الخيام»، قبل أن يتقدم إلى البنك من أجل نقل الرهون التي تثقل عقار «كريمة»، إلى العقارين الجديدين. وإثر ذلك، ظل الموثق ومعه التعاونية ومنخرطوها ينتظرون تطهير العقار من الرهون دون جدوى. كيف سمح «ج.ض» مالك عقار «كريمة» لنفسه باستعمال الأموال التي تسلمها من الموثق في استثمارات جديدة، عبر اقتناء عقارين جديدين دون تطهير عقاره موضوع البيع؟ «من حقي أن أشتري وأبيع كما أشاء»، يقول «جمال.ض»، مضيفا أنه ظل وفيا لالتزاماته أمام الموثق والتعاونية، وأن الأخيرة لم تف بالتزاماتها عبر تسليمه المبالغ المتفق عليها في الآجال القانونية. وحول عدم تحريره لعقار «كريمة» من الرهون المثقل بها أدلى المالك ل «الأخبار» كما للشرطة القضائية وقاضي التحقيق بالموافقة المبدئية للبنك على نقل الرهون من عقار «كريمة» إلى العقارين الجديدين السالف ذكرهما. انتفاضة منخرطي التعاونية بارت جميع حيل رئيس التعاونية ومدير شركة «بيطون 01»، أمام أسئلة وضغوطات المنخرطين، واتضح أنهما لم يلتزما بالوعود التي قدماها للمنخرطين، الذين لم يجدوا بدا من تخيير مسيري التعاونية باللجوء إلى القضاء أو استعادة أموالهم، وهو الأمر الذي رضخ إليه رئيس التعاونية، وشرع في إعادة جزء من الأموال لأصحابها، مع الوعد بتسليم المبالغ الأخرى على دفعات، وهو ما يلتزم به، ما جعل الغاضبين يتوجهون إلى القضاء. من خلال إفادات المشتكين، فإن مودعات المنخرطين لدى التعاونية بلغت أزيد من 12 مليارا و500 مليون سنتيم، حتى حدود سنة 2012. استدعت الشرطة القضائية جميع الأطراف، واستمعت إلى المشتكين والمشتكى بهم، وانتهت الأبحاث بتقديم كل من رئيس التعاونية «أ.ك» ومديرها «إ.ح» أمام النيابة العامة في حالة اعتقال، قبل إحالتهما على قاضي التحقيق، والذي استمع إلى المتهمين تمهيديا وتفصيليا، قبل إحالتهما على المحاكمة في حالة اعتقال، من أجل تهم النصب والاحتيال وخيانة الأمانة وعدم تنفيذ عقد، قبل أن تتم إدانتهما (ابتدائيا واستئنافيا) بخمس سنوات سجنا نافذا لكل واحد منهما مع إرجاع أموال الضحايا وإضافة 10 بالمائة من المبلغ الإجمالي لكل ضحية. وتمت إدانة زوجة مدير التعاونية ابتدائيا بثلاث سنوات حبسا نافذا قبل أن يتم تخفيض العقوبة استئنافا إلى سنتين، بعد متابعتها من أجل النصب والمشاركة في خيانة الأمانة وتبديد أموال مشتركة، كما تمت إدانة نجل مدير التعاونية بثلاث سنوات حبسا بعد متابعته من أجل النصب والمشاركة في خيانة الأمانة وتبديد أموال مشتركة، قبل أن يتم تخفيض العقوبة استئنافيا إلى سنتين ونصف. وبالرغم من أن القضاء لم يبت بعد في الدعوى المدنية، فإن الضحايا تسربت إليهم أنباء غير سارة حول كواليس الملف، ما جعلهم ينظمون وقفة احتجاجية، صباح يوم الجمعة الماضي، أمام المحكمة الابتدائية أصيب فيها بعض الضحايا بهستيريا وأغمي عليهم إثرها لينقلوا إلى قسم مستشفى ابن طفيل لتلقي الإسعافات.