فرنسا تدخل على خط أكبر أزمة للهجرة السرية في القرن الحالي بين شمال المملكة والجنوب الإسباني، بعد التسريبات الاستخباراتية الأخيرة التي حذرت من إمكانية تسلل جهاديين مشتبه فيهم من منطقة الساحل بين جحافل المهاجرين إلى المغرب ومنه إلى القارة العجوز. هذا الدخول الفرنسي القوي على خط أزمة “قوارب الموت” و”الفانتوم”، لا يقتصر على تقديم تحذيرات وإعلان حالة الاستنفار وتشديد المراقبة في الحدود الفرنسية الإسبانية، بل تعداه إلى تبرير ذلك بكون 48 ألف مهاجر غير نظامي، دون الإشارة إلى جنسيتهم، وصلوا من المغرب منذ يناير الماضي إلى الجنوب الإسباني. هكذا يبدو أن الحكومة الفرنسية حلت محل نظيرتها الإسبانية وقدمت رقما محددا للمهاجرين الذين خرجوا في المغرب، في الوقت الذي تتحدث فيه مدريد فقط عن عدد الواصلين من البوابة الغربية للمتوسط، دون توضيح هل يتعلق الأمر بالجزائر أم المغرب أم هما معا. فيما يرى البعض أن مدريد لا ترغب في تقديم رقم محدد ربما خوفا من إزعاج الرباط. وزير الداخلية الفرنسي، كريستوف كاستانير، كشف لأول مرة في حوار مع أسبوعية “لو جورنال دو ديمانش”، أن بلاده ستقوم برفع وتشديد المراقبة في الحدود مع إسبانية بسبب ضغط الهجرة المتزايد منذ بداية شهر يناير الماضي. وأوضح قائلا: “تقلقني الحدود مع إسبانيا. فمنذ بداية السنة سُجلَ وصول 48 ألف مهاجر غير نظامي إلى إسبانيا قادمين من المغرب، بنسبة ارتفاع قدرها 155 في المائة”، مقارنة مع السنة الماضية. وأضاف أن استعجالية مواجهة الأزمة سَتَجْعلُ الحكومة الفرنسية تعين “موظفا ساميا” مكلفا بتنسيق الشؤون الأمنية في الحدود مع إسبانيا، بعد أن “ارتفعت في سنة الجارية حالات رفض دخول المهاجرين في الحدود الإسبانية الفرنسية بنسبة 60 في المائة”. الوزير الفرنسي أكد أنه في ظل التهديدات والتحديات الأمنية الحالية، “نريد تعزيز حضور الدولة في الحدود”، وأنه لمواجهة هذه التحديات “يجب أن نشتغل مع جيراننا”. وأشار، كذلك، إلى أن الأمن الفرنسي قام هذه السنة بإجهاض خمسة اعتداءات إرهابية، محذرا من خطورة استمرار 700 جهادي فرنسي في سوريا. وفي الوقت الذي يتحدث فيه الوزير الفرنسي عن وصول 48 ألف مهاجر سري من المغرب إلى إسبانيا هذه السنة، اكتفى تقرير إسباني صدرا حديثا بالإشارة إلى وصول 50 ألف مهاجر سري من بينهم مغاربة إلى إسبانيا، عبر البوابة الغربية للمتوسط ما بين فاتح يناير الماضي و15 أكتوبر الجاري، مقابل 19134 مهاجرا في نفس الفترة من السنة الماضية، أي بارتفاع قدره 154 في المائة. 14646 منهم وصلوا على متن قوارب الموت. فيما لم يتعد عدد الذين وصلوا برا 5202 مهاجرا عبر اقتحام السياجات الحدودية الشائكة للمدينتين المحتلتين سبتة ومليلية: 1633 عبر سياجات سبتة، و3569 عبر سياجات مليلية.