بعد تأكيد الحكومة الإسبانية قبل ثلاثة أسابيع أنها ستقوم بطرد وترحيل آلاف المهاجرين المغاربة الذين يقيمون في الجارة الشمالية بطريقة غير قانونية، يبدو أن هذا الإجراء سيشمل، أيضا، آلاف القاصرين غير المصحوبين الذين يعيشون في مختلف المدن الإسبانية بعد هروبهم إليها من المملكة. هكذا يبدو أن السلطات الإسبانية استطاعت في ظل أكبر أزمة للهجرة السرية في القرن الحالي في البوابة الغربية للمتوسط الضغط على الرباط لقبول استلام الآلاف من القصر. هذه المعطيات الجديدة برزت بعد اللقاء غير المبرمج الذي جمع يوم أول أمس السبت بين وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، ونظيره الإسباني، فيرناندو غراندي مارلاسكا، في العاصمة مدريد، لمناقشات آخر مستجدات تطور الهجرة السرية بين البلدين في الآونة الأخيرة. لفتيت أكد أن المملكة المغربية “مستعدة لإيجاد حل دائم في إطار المصلحة العليا للقصر واحترام الحقوق الأساسية”. فيما أوضح نظيره الإسباني أنهم ناقشوا الحاجة لحماية حقوق هؤلاء الأطفال، مبرزا، كذلك، أن المغرب قلق حيال وضع هؤلاء القصر، وأنه يرغب في تحمل المسؤولية باعتبارهم رعاياه. كما أشارت وكالة الأنباء الإسبانية “إيفي” إلى أن “المغرب التزم بالبحث عن حلول للقصر المغاربة غير المصحوبين الذين يصلون إلى إسبانيا”. آخر الأرقام الرسمية الإسبانية كشفت أن عدد القاصرين المغاربة غير المصحوبين بالجارة الشمالية، ارتفع بشكل واضح في الشهور الأخيرة، إذ في الوقت الذي كان يُتَحدَثُ قبل أسابيع عن رقم 5000 قاصر مغربي، انتقل العدد إلى 7700 طفل مغربي إلى حدود اليوم، حسب ما أوردته صحيفة “إلباييس”. القاصرون المغاربة غير المرفقين الذين وصلوا إلى إسبانيا عبر الحدود البرية للمدينتين المحتلتين سبتة ومليلية، أو بحرا على متن قوارب الموت أو عبر الاختباء بين محركات الشاحنات الكبيرة التي تتنقل بين البلدين، يمثلون 70 في المائة من أصل 11 قاصرا أجنبيا يعيشون فوق التراب الإسباني. هذا وكان وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة مليلية، دانييل فينتورا، انتقد عدم الضغط على المغرب ليتسلم أبناءه القصر قائلا: “60 في المائة من الأطفال الذين يصلون إلى مليلية يصطحبون معهم وثائقهم الشخصية، وهناك من انتقلوا إلى المدينة رفقة آبائهم. لهذا لازلت أتساءل كيف لم نستطع إعادة هؤلاء القصر إلى السلطات المغربية؟”. الاجتماع الذي جمع لفتيت ونظيره الإسباني لم يقتصر على موضوع القصر، بل تطرقا، كذلك، إلى ضغط الهجرة الذي يتعرض له المغرب، وبروز ظاهرة تهجير المغاربة على متن الفانتوم. الوزير الإسباني حاول أن يعطي طابعا عاديا للاجتماع بالتأكيد على أنه “ليس طارئا أو استثنائيا”، بل مجرد لقاء مباشر من أجل التطرق لبعض القضايا التي تؤرق بال البلدين، قبل أن يعيد تأكيد أن المغرب “شريك مفضل”. وأضاف أن أزمة الهجرة لا تخص المغرب وإسبانيا لوحدهما، بل هي “قضية أوروبية ويجب أن نتعاون مع المغرب ومع بقية بلدان شمال إفريقيا ومنطقة جنوب الصحراء” لمواجهتها.