رغم صدور حكم قضائي من محكمة هولندية في 22 فبراير2018، برفض تسليم البرلماني السابق سعيد شعو، المتهم بالاتجار في المخدرات إلى السلطات المغربية، إلا أن القضية لازالت لم تحسم بعد بلجوء الحكومة الهولندية إلى نقض الحكم، وصدور مذكرة للمدعي العام أمام محكمة النقض يدعم فيها مطالب تسليم شعو للمغرب. وبخلاف ما نشر في عدة وسائل إعلامية، من أن محكمة النقض قضت يوم الثلاثاء 2 أكتوبر بعدم تسليم شعو، فقد تبين أن الأمر يتعلق بمطالب المدعي العام لدى محكمة النقض التي نشرتها المحكمة على موقعها على الإنترنيت، وفيها وجه عدة مطالب للمحكمة، منها إلغاء حكم المحكمة التي قضت برفض تسليم شعو، استنادا إلى الخوف من عدم حصوله على محاكم عادلة في المغرب، ومطالبه أن تعيد محكمة النقض النظر في الملف طبقا للقانون، بل إن المدعي العام اعتبر أن المحكمة ليست مختصة للنظر، فيما إذا كان تسليم المعني بالأمر موافِقا لمعايير حقوق الإنسان أم لا. وحسب مصدر من وزارة الخارجية المغربية، فإن مطالب ودفوعات المدعي العام “إيجابية، وفي صالح المغرب”. في حين لازالت محكمة النقض لم تعلن بعد متى ستنظر في القضية. وتأتي هذه التطورات في وقت تمر العلاقات المغربية الهولندية من أسوأ أيامها، بسبب اتهام الرباط للاهاي بالتدخل في الشؤون الداخلية للمغرب إثر تصريحات وزير الخارجية الهولندي ستيف بولوك، التي انتقد فيها محاكمات الريف. ومؤخرا، وقعت مواجهة كلامية بين وزير الخارجية ناصر بوريطة ووزير الخارجية الهولندي، على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. بوريطة، قال لستيف بلوك، على خلفية تقديم هذا الأخير تقريرا للبرلمان الهولندي ينتقد محاكمات الريف، بأن ما حصل “تدخل في شؤون المغرب” ويعكس “موقفا سلبيا صارخا تجاه المملكة، وينطوي على مغالطات ثابتة، ومصطلحات غير مناسبة وتقييمات خاطئة للوقائع”، منددا “بالطابع الانفرادي لهذه الخطوة، شكلا ومضمونا”، وقال إن المغرب “ليس بحاجة إلى دروس من أحد”. هذا، وتبدو هولندا أكثر الدول الأوروبية اهتماما بمحاكمات الريف، بسبب وجود جالية مغربية كبيرة، معظمها من الريف. إذ يوجد حوالي 400 ألف مغربي مقيم في هولندا، 90 في المائة منهم من الريف، وهي ثاني جالية بعد الأتراك، لهذا فهي تشكل قوة انتخابية لا يستهان بها، كما أن عددا من أعضائها يوجد في مجالس منتخبة. وبسبب أحداث الريف يتحرك العديد من النشطاء في الريف ضد الاعتقالات والأحكام التي عرفها المغرب، ويضغطون على البرلمانيين وعلى الحكومة للتدخل في الموضوع، ما يفسر مواقف الحكومة الهولندية تجاه المغرب. وسبق لوزير الخارجية الهولندي أن انتقد في أبريل الماضي، في ندوة صحافية مع ناصر بوريطة تعاطي الدولة المغربية مع حراك الريف، فرد عليه بوريطة أمام الصحافيين قائلا إن قضية الريف “قضية مغربية مغربية، والمغرب لن يقبل إعطاءه دروسا في هذا الموضوع”. وفي 28 يونيو الماضي، نصح وزير الخارجية ستيف بلوك النشطاء المغاربة الذين يوجدون في هولندا ب”الحذر”، وعدم التوجه إلى المغرب، وهو ما جعل وزارة الخارجية المغربية تغضب، وتستدعي السفيرة الهولندية بالرباط في 30 يونيو وأبلغتها أن هذه التصريحات “غير مفهومة” بالنسبة إلى المغرب، وأنها “مرفوضة ولا تتماشى مع روح التعاون والعلاقات الثنائية التي تجمع البلدين”. ويعتبر ملف البرلماني شعو، من الملفات التي تزيد من التوتر بين البلدين، فالمغرب أصدر مذكرتي اعتقال دولية في حقه. الأولى بتهمة تكوين عصابة إجرامية منذ سنة 2010، والثانية بالاتجار الدولي بالمخدرات منذ سنة 2015، وقامت وزارة الخارجية بإرسال معلومات إلى السلطات الهولندية تفيد بتورطه في تمويل وتقديم الدعم اللوجستيكي لمحركي الحراك في الحسيمة، وقامت السلطات الهولندية إثر ذلك باعتقاله سنة 2017، لكنها أفرجت عنه ووضعته رهن المراقبة، قبل أن تحكم المحكمة برفض تسليمه، ويطرح الموضوع على محكمة النقض التي تستعد للبت في قضية تسليمه للمغرب.