فيضانات إسبانيا.. وفاة مغربي وفقدان 25 آخرين    وفاة مغربي و25 مفقودا في فيضانات إسبانيا وخلية أزمة في الخارجية المغربية    تلميذة تفارق الحياة في حادث مأساوي داخل مدرسة بالحسيمة    الحكومة تتشبث ببدء مناقشة مشروع قانون الإضراب رغم معارضة النقابات.. وبايتاس: سنستمع للبرلمانيين لتتضح الرؤية    "مراكش إير شو 2024".. توقيع عدة اتفاقيات شراكة في مجال صناعة الطيران    ماكرون: موقف فرنسا بصدد تحريك مواقف بلدان أوروبية أخرى للاعتراف بمغربية الصحراء    "العدل والإحسان": عبد المومني مناضل ضد الفساد والاستبداد واعتقاله يؤكد تغول السلطوية    الكاتب المغربي عبد الله الطايع يفوز بجائزة "ديسمبر" الأدبية    مريم كرودي توثق رحلتها في ورشات الشعر بكتاب "الأطفال وكتابة الأشعار.. مخاض تجربة"    اعتقال إسرائيليين بتهمة التجسس لإيران    استمرار البحث عن مفقودين في إسبانيا جراء أسوأ فيضانات منذ 50 عامًا    يهم الصحافيين.. ملفات ساخنة على طاولة لجنة بطاقة الصحافة المهنية    مؤشر "مازي" يسحل تراجعا بورصة البيضاء    الشرطة الألمانية تطلق عملية بحث مكثفة عن رجل فرّ من شرطة برلين    حماس ترفض فكرة وقف مؤقت لإطلاق النار وتؤيد اتفاقا دائما    موسم أصيلة يحتفي بمحمد الأشعري، سيرة قلم لأديب بأوجه متعددة    "ماكدونالدز" تواجه أزمة صحية .. شرائح البصل وراء حالات التسمم    مباشرة ‬بعد ‬تجديد ‬الرئيس ‬الفرنسي ‬التأكيد ‬على ‬موقف ‬بلاده ‬الداعم ‬لمغربية ‬الصحراء    تصدع داخل حزب الحمامة بأكادير إداوتنان.. وأخنوش يسابق الزمن لاحتواء الوضع قبل اتساع رقعة الصراع    اعتقال ومتابعة صناع محتوى بتهمة "التجاهر بما ينافي الحياء"    مصطفى بنرامل ل"رسالة24″: النينيا وليس الاستمطار الصناعي وراء الفيضانات الكارثية في إسبانيا    وضع الناشط فؤاد عبد المومني تحت الحراسة النظرية للاشتباه في نشره أخبارا زائفة حسب النيابة العامة    طقس الخميس.. امطار ضعيفة بالريف الغرب وغرب الواجهة المتوسطية    موقع "نارسا" يتعرض للاختراق قبل المؤتمر العالمي الوزاري للسلامة الطرقية بمراكش    مولودية وجدة ينتظر رفع المنع وتأهيل لاعبيه المنتدبين بعد من تسوية ملفاته النزاعية    الرابطة الإسبانية تقرر تأجيل بعض مباريات الدوري المحلي بسبب إعصار "دانا"    الركراكي يعيد أبو خلال إلى عرين الأسود ويستقر مجددا على شهاب كحارس ثالث    شركات متوقفة تنعش حساباتها بفواتير صورية تتجاوز 80 مليار سنتيم    الطاقة الخضراء: توقيع اتفاقية شراكة بين جامعة شعيب الدكالي وفاعلين من الصين    "فيفا" يعلن عن أول راع لكأس العالم للأندية 2025    لبنان.. ميقاتي يتوقع إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار مع إسرائيل في غضون أيام    مندوبية التخطيط تسجل انخفاضا طفيفا في أسعار إنتاج الصناعة التحويلية    مانشستر سيتي وتشيلسي يودعان كأس الرابطة الإنجليزية    توقيف شخص بسلا يشتبه تورطه في جريمة قتل    مصرع شاب في حادثة سير بتازة    منفذو الهجوم الإسرائيلي على إيران يتحدثون للمرة الأولى    دراسة: الفئران الأفريقية تستخدم في مكافحة تهريب الحيوانات    إسرائيل تدعو لإقالة خبيرة أممية اتهمتها بشن حملة "إبادة جماعية" ضد الفلسطينيين    القروض والأصول الاحتياطية ترفعان نسبة نمو الكتلة النقدية بالمغرب إلى 6,7% الشهر المنصرم    وزير: الإنتاج المتوقع للتمور يقدر ب 103 آلاف طن في الموسم الفلاحي 2024-2025    التحكيم يحرم آسفي من ضربة جزاء    الخنوس يهز شباك مانشستر يونايتد    الأشعري: التعامل مع اللغة العربية يتسم بالاحتقار والاستخفاف في المغرب    متحف قطر الوطني يعرض "الأزياء النسائية المنحوتة" للمغربي بنشلال    الحدادي يسجل في كأس ملك إسبانيا    لوديي: السيادة الدفاعية المغربية تراهن على توطين تكنولوجيا الطيران    تكريم نعيمة المشرقي والمخرجين الأمريكي شون بين وديفيد كروننبرغ    الممثل المصري مصطفى فهمي يغادر دنيا الناس    دراسة: اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان    ثمانية ملايين مصاب بالسل في أعلى عدد منذ بدء الرصد العالمي    الإعلان عن تنظيم جائزة طنجة الكبرى للشعراء الشباب ضمن فعاليات الدورة ال12 لمهرجان طنجة الدولي للشعر    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    إطلاق حملة وطنية للمراجعة واستدراك تلقيح الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علي أنوزلا: خريف البَطارِكَة العرب
نشر في اليوم 24 يوم 25 - 04 - 2014

عندما حصل الروائي العالمي غابرييل غارسيا ماركيز، الذي غادر هذا العالم الأسبوع الماضي، على جائزة نوبل عام 1982، سُئل عن شعوره فرد بتواضع الكبار بما مفاده أن الصعود إلى القمة عمل صعب، لكن النزول منها برأس مرفوعة يبقى أمرا أصعب!
ومن يعيد تأمل الإبداعات الأدبية الرائعة لهذا الكاتب غير المتكرر، سيجد أنه إذا كان هناك من خيط ناظم لهذا الشلال الإبداعي الهائل، هو تيمة مرض السلطة وهوس الشهرة، والتي لخصها بتكيف ناذر في رائعته "خريف البطريرك"، حيث تصبح السلطة والشهرة متلازمتان متكاملتان. فالدكتاتور يعيش على هاجس واحد هو شهرته التي يستمدها من سلطته المطلقة. فتتحول السلطة المطلقة إلى الموهبة الوحيدة التي تمكن الدكتاتور من أن ينتشي بشهرته دون أن تكون له أية موهبة استثنائية أخرى تغذي هاجس نشوته.
اختار ماركيز استعمال وصف "البطريرك"، ليس بمعناه الديني في مراتب الأساقفة داخل هرم الكنيسة المسيحية، وإنما قصد الأصل اليوناني للكلمة والتي تعني "السلطة الأبوية"، عندما يتحول الحاكم الدكتاتور إلى "أب للأمة" يمارس عليها سلطته المطلقة بوصفه الأب.
وفي هذه الرواية العميقة "خريف البطريرك"، يحكي ماركيز قصة طاغية أمي، مستبد، بلا ضمير. إنسان أحمق جاء إلى السلطة عن طريق الصدفة ونصب نفسه حاكما مطلقا يحكم بالرعب والخوف. إنه شخص مثير للاشمئزاز، فاسد، فاسق، ميزاجي ومتعطش للدماء، وبيده سلطة غير عادية، لدرجة أنه عندما كان يسأل عن الوقت يجيبه المتملقون له بأن الوقت كله طوع له وله الساعة التي يشتهيها!
إنها حالة المأساة المتكررة التي عانت ومازالت تعاني منها شعوب العالم الثالث ومن بينها شعوب العالم العربي، قصة الدكتاتور العابر لكل الأزمنة والمتكرر في أكثر من مكان.
في تلك الرواية سنجد تجسيدا لكل الحمقى الذين حكموا الشعوب العربية من صدام حسين المريض بعجرفته، إلى معمر القذافي المخبول بجنون عبقريته، مرورا بكل الملوك والأمراء المتخشبين فوق كروس عروشهم يأكلهم الخرف وينخرهم المرض، إلى طاغية مثل بشار الأسد ينتشي بقتل أطفال بلده ببرودة دم أكثر مما كان يفعل طاغية غارسيا ماركيز في تمثيلية اليانصيب التي كانت تحاك بهدف إزاحته من السلطة، فكان البطريرك يقوم عند كل سحب للبطاقات باختطاف طفلين وإخفائهما إلى الأبد، كي يبقى رابحا ومستمرا على سدة حكمه، حتى تجاوز عدد ضحاياه الألف طفل... ألم يتجاوز عدد ضحايا بشار الأسد، من الأطفال فقط، ضحايا كل دكتاتوري أمريكا اللاتينية!
دكتاتور غابرييل غارسيا ماركيز، المتعدد الأرواح والمتمدد في الزمان، مازال يعيش بيننا في عالمنا العربي، ظهر مؤخرا في هيئة رئيس متخشب فوق كرسي السلطة المتحرك وهو يبايع نفسه أمام صندوق الاقتراع بالجزائر، ونشرت صورته الصحف الغربية بأنابيب تنفس اصطناعية وهو يشرب القهوة العربية مع رئيس أقوى دولة في العالم، ومازالت ترفع صوره في كل ميادين مصر بقبعته العسكرية ونظاراته السوداء ونياشين الحروب التي لم يخضها إلا ضد شعبه...
ما أشيه دكتاتور ماركيز، في "خريف البطريرك"، بكل المستبدين الذين حكموا ومازالوا يحكمون الشعوب العربية، من حسني مبارك المخلوع، إلى زين العابدين بنعلي الهارب، مرورا بجشع الملوك والأمراء الذين نهبوا ومازالوا ينهبون ثروات شعوبهم من المحيط إلى الخليج.

ومثل بطريرك ماركيز فإن بَطارِكَة العالم العربي ينتهون إلى أن سلطتهم خالدة وأعمارهم تتجاوز أعمار البشر العاديين يرددون في ذروة خريفهم "عاش أنا"، لا أحد يجرأ على مصارحتهم بحقيقة أوهامهم وهم يقتربون من المنعطف الأخير إلى أن يجدون أنفسهم وجهاً لوجه مع الموت مثل ذلك الشبح بلا رأس ولا جسد، الذي يطل على البطريرك في نهاية رواية ماركيز ليعلن له قرب نهايته في صفحات رائعة يكثف فيها الكاتب الوجه الآخر للحياة التي لم يكن البطريرك يراها إلا من قفا ظهره. الحياة التي لخضها لنا ماركيز في وصيته الأخيرة التي كتبها وهو على فراش الموت عندما كتب وبتواضع دائما: "لقد تعلمت منكم الكثير أيها البشر .. تعلمت أن الجميع يريد العيش في قمة الجبل غير مدركين أن سر السعادة يكمن في تسلقه".
عن موقع "العربي الجديد"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.