يبدو أن فترة “التغاضي المؤقت” عن رحلات «الحريك العلنية»، قد دنت من نهايتها عقب توعد وزارة الداخلية أول أمس، بفتح تحقيقات في شأن الترويج لأنشطة “التهجير غير الشرعي للبشر” جهارا نهارا من طرف زوارق مطاطية سريعة، والتي تم توثيقها في نقل مباشر عبر تقنية البث الحي من موقع “فايسبوك”، إذ تركز على تصوير مغادرة المهاجرين من اليابسة، ولحظة وصولهم إلى الضفة الأخرى ثم نزولهم أمام أنظار حرس الحدود الإسباني. وعاينت “أخبار اليوم” صباح أمس الجمعة ترحيل السلطات الأمنية بولاية طنجة، عشرات الشبان المغاربة بينهم قاصرون على متن حافلات للمسافرين إلى مدن إقامتهم، حيث أكد مصدر أمني مطلع للجريدة، أن غالبية هؤلاء ينحدرون من الأقاليم الداخلية مثل بني ملال، الفقيه بنصالح، قلعة السراغنة، جاؤوا إلى عاصمة البوغاز رغبة في الهجرة غير الشرعية انطلاقا من الشواطئ القريبة، حيث تم إحباط محاولاتهم مغادرة التراب الوطني. الحملة تزامنت مع توافد مئات الشبان من مختلف المناطق على شاطئ «سيدي قنقوش» نواحي مدينة طنجة، خلال اليومين الماضيين، استجابة لإعلان دعائي يروج لمواعيد رحلات تهجير غير شرعية عبر “قوارب الموت”، نشرته صفحات مجهولة الهوية على موقع “فايسبوك”، وعرف تفاعلا كبيرا من لدن مئات الحالمين بعبور البحر نحو الضفة الأوروبية، والذين ظل بعضهم ساعات طويلة يترقب في الأفق مجيء القارب السريع المعروف ب “الفونطوم”. الحملة شنتها مختلف الأجهزة الأمنية بشكل مشترك، (الدرك الملكي، والقوات المساعدة)، كما عززت الشرطة عمليات المراقبة على حافلات نقل المسافرين في نقط التفتيش، عند مداخل المدينة، حيث تم ضبط العشرات من الأشخاص الذين اعترفوا برغبتهم في “الحريك”، أغلبيتهم شبان في مقتبل العمر وقاصرون، قبل أن يتم إيقافهم وترحيلهم إلى مناطق إقامتهم بعد اتخاذ التحريات المتصلة بالقضية والإجراءات اللازمة. في سياق متصل عرفت شواطئ مدينة الفنيدق بدورها خلال يومي الأربعاء والخميس، أحداثا مماثلة بعدما تجمع عشرات الشباب القاصرين والأطفال على تلة الشاطئ البلدي، يترقبون وصول قارب سريع يقوم بنقل المرشحين للهجرة السرية “مجانا” إلى إسبانيا، انطلاقا من الشواطئ المغربية، حيث كان قارب مشابه تمكن يوم الثلاثاء الماضي من نقل عشرات الشبان من شاطئ قرية “بليونش” المحاذية لمدينة سبتة، في واضحة النهار. لكن هذه المرة، لم تسمح عناصر الدرك البحري بمدينة الفنيدق، باقتراب الزورق السريع الذي يقوده أشخاص يرتدون بذلا سوداء وخوذات الرأس تجهل هويتهم، ولا يعرف طبيعة أنشطتهم، حيث تمت مطاردة “القارب المشبوه” في المياه الإقليمية، وأحبطت محاولة تهجيره عشرات المرشحين الذين كانوا ينتظرون بلهفة الهجرة غير القانونية إلى أوروبا. يذكر أن التحركات الأخيرة للسلطات تأتي عقب أسبوعين من “الصمت”، في الوقت الذي كانت مواقع التواصل الاجتماعي تعج بفيديوهات شباب مغاربة يوثقون لرحلات “الحريك”، لعل أشهرها وصول قوارب إسبانية إلى قرب التراب الوطني بالشمال، ونقل مرشحين للهجرة السرية في واضحة النهار، حيث بدت أبواب السواحل المتوسطية بين الجانبين المغربي والإسباني كما لو أنها خالية من أية مراقبة، الأمر الذي خلف حينئذ الكثيرة من التساؤلات. غير أن الحكومة خرجت أخيرا عن صمتها عبر الناطق الرسمي مصطفى الخلفي، وأعلنت أن السلطات تقوم بالتحقيق في كل ما ينشر بخصوص "الهجرة السرية"، وأنها تقوم بمجهودات كبيرة لإحباط محاولات الهجرة ومحاربة عصابات الاتجار بالبشر، بما في ذلك كل ما يبث من صور وفيديوهات ومعلومات يتم الاطلاع عليها والتحقيق بشأنها. وكشف مصطفى الخلفي أن مجموع المهاجرين الذين تم إحباط محاولة مغادرتهم التراب الوطني انطلاقا من سواحل المملكة، بلغ منذ بداية السنة الحالية إلى غاية غشت الماضي 54 ألف مرشح للهجرة غير الشرعية، ما بين المغاربة والأجانب من دول مختلفة خاصة الأشخاص المنحدرين من دول إفريقية جنوب الصحراء، إذ شددت السلطات إجراءات مراقبتهم في الأسابيع الأخيرة.