لم تكد تمضي سوى ساعات قليلة على تنظيم مسيرة احتجاجية بابن جرير، صباح أول أمس الأحد، ضد تردي الخدمات الصحية بالمنطقة، حتى أصدر وزير الصحة، أنس الدكالي، قرارا بإعفاء المدير الجهوي لوزارة الصحة بمراكش، خالد الزنجاري، وتعيين لمياء الشاكري خلفا له، والتي جرى تنصيبها أمس الاثنين. إسماعيل المهداوي، نائب الكاتب الوطني لقطاع الصحة بنقابة الاتحاد الوطني للشغل، اتهم وزير الصحة بذر الرماد في العيون، وتساءل، على صفحته بالفايسبوك، كيف تُعيّن إحدى المرشحات لمناصب المسؤولية قبل الإعلان عن النتائج النهائية لباقي المدراء الجهويين؟ مصدر نقابي أكد بأن الوزير يحاول أن يظهر نفسه في صورة المسؤول المتفاعل مع نبض الشارع، والساعي لامتصاص غضب المحتجين، عبر استباق الإعلان الرسمي عن نتائج الترشيح لشغل مناصب اثني عشر مديرا للوزارة بمختلف الجهات، موضحا بأن المديرة الجهوية الجديدة كانت من بين ثلاثة مرشحين للمنصب إلى جانب كل من عبد المولى بولمعيزات، المدير الجهوي بسوس – ماسة، ورشدي قدار، المدير الجهوي الحالي بالعيون – الساقية الحمراء. وأضاف المصدر نفسه بأن إعفاء المدير السابق كان تحصيل حاصل، موضحا بأن بوادره بدأت منذ حوالي شهرين، عندما تم تكليف رئيس مصلحة الصحة العمومية بالمديرية الجهوية، محمد آيت موح، بمهام الإدارة الجهوية بالنيّابة، وبتوقيع جميع الوثائق والمراسلات الإدارية الصادرة عنها، مضيفا بأن المدير الجهوي السابق، الذي التحق بحزب التجمع الوطني للأحرار ويشغل حاليا منسقه بمقاطعة مراكشالمدينة، لم يكن متاحا له أن يترشح لإعادة شغل المنصب الذي كان يتولاه، على اعتبار أن الوزارة اشترطت في مسطرة الترشيح الأخيرة بألا يكون المرشح متقلدا للمهمة نفسها وبالجهة عينها، وذلك من أجل ضخ دماء جديدة في مناصب المسؤولية المذكورة. من جهتها، ثمّنت المنظمة الديمقراطية للشغل قرار الإعفاء، مرجعة إيّاه إلى “عدم احترام المدير السابق لالتزاماته، وعدم قدرته على التعاطي مع الطرح النقابي الجاد لملفات وقضايا المنظومة الصحية”، واستعرضت النقابة، المقربة من حزب الأصالة والمعاصرة، في بيان أصدرته أول أمس، أبرز الملفات التي عجلت برحيل المدير السابق، ومن بينها تعثر المشاريع الملكية الصحية بالجهة، والانتقالات غير القانونية التي أشرف عليها شخصيا، وتدني الخدمة العمومية بقطاع الصحة بالجهة، وفوضى تدبير السكن الإداري والوظيفي، وضعف الحوار الاجتماعي وحصره في ملفات شخصية لبعض الموظفين، وانتعاش المحسوبية الإدارية وتكريس سياسة الامتيازات وضرب كلي لمصالح الغالبية العظمى من الأطر والموظفين. هذا، وقد شهدت ابن جرير، ابتداءً من حوالي الساعة العاشرة من صباح أول أمس الأحد، مسيرة احتجاجية، تحت شعار: “من أجل وقف الإهمال المؤدي إلى الوفاة.. من أجل الحق في العلاج والحياة”، شارك فيها حوالي 2000 شخص، انطلقت من أمام المستشفى الإقليمي بالمدينة، باتجاه مقر عمالة الرحامنة، مرورا بمقري الباشوية والمديرية الإقليمية لوزارة الصحة، رفع خلالها المتظاهرون شعارات من قبيل: “الفوسفاط وجوج بحورة .. عايشين عيشة مقهورة”، “هذا عار هذا عار.. محتاجين لسبيطار”، “شوف بعينيك شوف .. مشاكل الصحة بالألوف”، “المشاكل قائمة .. والعمالة نائمة”، “المشاكل قائمة .. والحكومة نائمة”… المسيرة، التي دعت إليها تنسيقية الرحامنة من أجل الحق في الاستشفاء والعلاج، على خلفية حالة الاحتقان التي تعيشها المدينة بسبب اتهامات بإهمال تسبب في وفاة شخصين في أقل من أسبوع، انتهت في حدود منتصف الزوال، بتقديم مذكرة مطلبية إلى عامل الإقليم، أشارت فيها إلى دواعي تنظيم المسيرة، خاصة في ظل وضع صحي متدهور، وتوالي الوفيات بسبب الإهمال، وداعية فيها إلى النهوض بالخدمات الصحية العمومية وبنياتها التحتية بالإقليم، من خلال توفير مصلحتين للجراحة والإنعاش، وتعيين أطر طبية وصحية مشهود لها بالكفاءة المهنية. وقد اتصلت “أخبار اليوم” بكل من وزير الصحة والكاتب العام للوزارة، البروفيسور هشام نجمي، من أجل الرد على ما أورده المسؤول النقابي ومصدرنا بخصوص إعفاء المدير الجهوي، وللتعليق على الملف المطلبي للتظاهرة الأخيرة بالرحامنة، غير أنهما لم يردا على اتصالاتنا ورسائلنا الهاتفية.