عاد نقاش التدريس بالعامية إلى الواجهة، بعد اعتماد وزارة التربية الوطنية «الدارجة» في الكتب المدرسية الخاصة بالتعليم الأولي والابتدائي، حيث انتشرت صور من المناهج الدراسية على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما أثار غضب رواد مواقع التواصل الاجتماعي، لينتقل ذلك الغضب والاستهجان إلى المؤسسات الرسمية، من خلال مطالبة الفريق الاستقلالي، رئيس لجنة التعليم والثقافة والاتصال في البرلمان، بعقد اجتماع عاجل بحضور وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، سعيد أمزازي، من أجل تدارس الموضوع. الفريق الاستقلالي اعتبر ورود عبارات من «الدارجة» في المقررات الدراسية يشكل إخلالا صريحا بالمقتضيات الدستورية، خصوصا الفصل الخامس من الدستور، الذي يحدد العربية والأمازيغية، حصرا، لغتين رسميتين للدولة، ويحث على ضرورة العمل على حمايتهما، وتطويرهما، وتنمية استعمالهما، مؤكدا أن هذه الخطوة الجديدة في طبع المناهج الدراسية بصبغة «الدارجة»، تعد «محاولة اختراق المقررات الدراسية في سياق الأزمة المفتعلة حول اللغتين العربية والأمازيغية، وتدبير التنوع اللغوي في بلادنا، من طرف جهات معلومة، تسوق اختيارات مجتمعية مضادة لثوابت الأمة، وتحاول جاهدة ضرب الإنسية المغربية، وافتعال أزمات قيمية، حسم دستور المملكة تفاصيلها». وبعد يومين من الجدل حول التدريس ب«الدارجة»، خرجت وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي لتبرير اعتماد بعض الكلمات العامية من قبيل «غريّبة» و«البريوات»، حيث أكدت أن اعتماد «أسماء الحلويات أو أكلات أو ملابس مغربية في المقرر يعود إلى مبررات بيداغوجية صرفة»، نافية أن تكون الصورة التي تروج وثيقة باللغة الفرنسية تتضمن أنشودة باللغة الدارجة مكتوبة بالحرفين العربي واللاتيني صحيحة، مؤكدة أن الوزارة تنفي نفيا قاطعا أن يكون مصدر هذه الوثيقة مقررا دراسيا مصادقا عليه. الوزارة اعتبرت أن هذه الضجة المثارة تشوش على الأوراش الإصلاحية التي تسعى من خلالها إلى تجويد المنظومة التربوية وتحسين مردوديتها، داعية الفاعلين التربويين وجميع مكونات المجتمع إلى التعبئة من أجل إنجاح الدخول المدرسي الحالي. وتعليقا على اعتماد الوزارة «الدارجة» قال نور الدين عيوش، الذي يعتبر من أشد المدافعين عن التدريس ب«العامية»، إن «هذه الخطوة جيدة رغم أنها متأخرة»، وأضاف: «إذا أردنا أن ينجح أبناؤنا في الدراسة وألا يكون هناك هدر مدرسي، وأن يتعلموا اللغة العربية الفصحى، يجب أن نستقبلهم باللغة الأم ويتعلموا بها، وهذه اللغة مكتوبة بحروف اللغة العربية وليس بحروف أخرى، ما سيسهل تعليمهم». وأضاف عيوش، في حديثه ل«أخبار اليوم»، أنه «لم يكن هناك تخوف من التدريس بالدارجة من طرف المشرفين على القطاع»، وزاد، في رد على الرافضين اعتماد الدارجة في التعليم الأولي، «اللغة العربية ليست لغة مقدسة، أنا كنت أقول لهم إن القرآن وحده المقدس، واللغة هي لغة استعمال. نحن نحترم اللغة العربية، ولدينا كتاب كبار بها، لكن علينا أن نعرف أنه لكي يتقن المغاربة هذه اللغة عليهم أن يتعلموا بالدارجة»، لافتا إلى أنه «بصدد إخراج كتاب يهم قواعد النحو بالدارجة بعد إصداره قاموس الدارجة».