صورة قاتمة رسمها التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات عن تدبير الشأن المحلي ب 11 جماعة بضواحي مراكش، فقد أشار إلى أن العديد من الجماعات تتقاعس عن ضبط واستخلاص الرسوم المستحقة لفائدتها، مما يتسبب في ضعف المداخيل ويحرمها من موارد إضافية، خاصة بالنسبة إلى الرسم المفروض على الإقامة بالمؤسسات السياحية، وعلى محلات بيع المشروبات، الذي لم تتعد القيمة المالية لما تم استخلاصه منه، مثلا، في جماعة أمزميز، بإقليم الحوز، 7976 درهما طيلة ثماني سنوات. كما لا تقوم بعض الجماعات بالإحصاء السنوي للأراضي الحضرية غير المبنية من أجل ضبط وتتبع الوعاء الضريبي، ورغم أن بعض الملزمين بهذه الرسوم لا يودعون إقراراتهم السنوية، قبل فاتح مارس من كل سنة، فإن هذه الجماعات لا تتدخل لفرض الرسوم وتطبيق الجزاءات المنصوص عليها في المادة 134 من القانون المتعلق بجبايات الجماعات المحلية، والمتمثلة في زيادة قدرها 15 في المائة من مبلغ الرسم المستحق في حالة عدم إيداع الإقرار أو إيداعه خارج الآجال. ولا تستخلص بعض الجماعات (أمزميز نمودخا) مستحقات هذا الرسم من أصحاب التجزئات، بالرغم من انصرام آجال الإعفاء المؤقت، المحدد في ثلاث سنوات تبدأ من فاتح يناير من السنة التي تلي سنة الحصول على رخصة التجزئة. وفيما يخص التدبير المالي، كشفت المهام الرقابية عن أمر بعض رؤساء الجماعات بإنجاز أشغال وخدمات قبل إصدار سندات الطلب المتعلقة بها، مخالفين بذلك قواعد تنفيذ النفقات العمومية، كحالة بلدية إمنتانوت، بإقليم شيشاوة، التي أصدر رئيسها 6 سندات طلب، بين 2012 و2016، لتسوية مستحقات مقاولات أنجزت أشغالا أو توريدات لفائدة الجماعة، بتواريخ سابقة على تأشيره على هذه السندات. أكثر من ذلك، فقد أماط المراقبة اللثام عن جهل بعض الرؤساء بأبسط قواعد التدبير المالي، إذ أنهم لا يتجاوزون السقف المالي المسموح به لتسديد النفقات عن طريق سندات الطلب، خلافا لمقتضيات المادة 75 من المرسوم المتعلق بتحديد شروط وأشكال إبرام صفقات الدولة، التي تنص على إمكانية القيام باقتناء توريدات أو إنجاز خدمات وأشغال، بواسطة سندات طلب، في حدود 200 ألف درهم (20 مليون سنتيم)، وذلك في إطار سنة مالية واحدة وأعمال من النوع نفسه. اختلالات أخرى سجلها التقرير تهمّ تدبير الصفقات العمومية، فبعض الجماعات تتسلم الأشغال دون مراقبة جودتها من طرف مختبرات للتجارب والدراسات، والتأكد من مطابقتها للمواصفات التقنية الواردة في دفاتر التحملات الخاص بالصفقات، كما ترفع يدها عن الضمان النهائي قبل التسلم النهائي لهذه الأشغال. وتتأخر بعض الجماعات في التصريح بالتسلم النهائي للأشغال موضوع هذه الصفقات، وحتى إن كان بعض الرؤساء سبق لهم أن راسلوا المقاولات مطالبين إياها بإصلاح العيوب التي تشوب إنجاز الأشغال، داخل أجل 15 يوما من تاريخ الاستلام المؤقت للأشغال، فإن بعض هذه المقاولات لم تستجب لهذه الطلبات، دون أن يقوم هؤلاء الرؤساء بممارسة صلاحياتهم الواردة في المادة 6 من دفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الأشغال المنجزة لفائدة الدولة، وذلك بالإعلان عن التسلم النهائي، مع إسناد تنفيذ الأشغال المعيبة إلى أية مقاولة من اختيارهم، وعلى نفقة المقاولين الأصليين، بعد شهرين من نهاية فترة الضمان التعاقدي. ولا تلزم بعض الجماعات المقاولات الفائزة بالصفقات بالإدلاء بوثائق التأمين عن جميع المخاطر المرتبطة بالأشغال، كما تغضّ الطرف عن عدم تقديم برامج لتنفيذ هذه الأشغال. وفيما يخص تدبير مجال التعمير، أشار التقرير إلى القصور الواضح في مراقبة وتتبع النشاط العمراني ببعض الجماعات، مسجلا، في هذا الصدد، انتشار البناء العشوائي، بل إن بعض الإدارات تقوم بتشييد مقراتها بدون ترخيص مسبق من الجماعات، التي تُحرم، بالنتيجة، من استخلاص مداخيل مرتبطة بهذا المجال. كما وقف قضاة المجلس الجهوي للحسابات بمراكش على عدم توفر بعض الجماعات على تصاميم تهيئة مصادق عليها، وعدم إدلاء أصحاب التجزئات السكنية ببرامج تحتوي على بيانات الأشغال، ناهيك عن عدم التسلم النهائي لأشغال هذه التجزئات رغم مرور أكثر من سنة على تحرير محاضر التسلم المؤقت، وهو ما لا يسمح بالتأكد من أن التجهيزات في حالة سليمة، وما يترتب عن ذلك من عدم إلحاق للطرق وشبكات الماء والكهرباء والصرف الصحي والفضاءات الخضراء بهذه التجزئات بالأملاك العامة للجماعات.