بعد أكثر من خمسة أشهر على إعلان السلطات القضائية فتح تحقيق في فاجعة قطار طنجة، التي وقعت شهر فبراير الماضي، أسدل أخيرا وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية الستار على نتائج ملف هذه القضية التي تكلفت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالبحث فيها، حيث حدد يوم الثلاثاء المقبل موعدا لانطلاق جلسات محاكمة المتهمين في هذه القضية، ويتعلق الأمر بمسؤول في المكتب الوطني للسكك الحديدية، يشغل مهمة رئيس أمن محطة القطار "عين دالية"، وسائق حافلة نقل المستخدمين المنكوبة. وتضمن صك الاتهام بالنسبة للمتهم الثاني جنح؛ عدم القيام بالاحتياطات اللازمة التي تمكنه من سياقة مركبته والتحكم فيها، وعدم التقيد بشروط المرور فوق ممر سككي وعدم احترام قواعد التوقف، والدخول إلى تقاطع طرقي فوق سكة حديدية دون التأكد من عدم وجود أي قطار، والتسبب للغير في قتل غير عمدي، وعاهة مستديمة وجروح غير عمدية نتيجة عدم التبصر وعدم الانتباه، وعدم اتخاذ الاحتياطات اللازمة وعدم مراعاة السلامة والحيطة المقررة. في حين وجهت تهمة "القتل غير العمي والتسبب في عاهة مستديمة وجروح غير عمدية، نتيجة الإهمال وعدم مراعاة النظم والقوانين الجاري بها العمل" للمتهم الأول. المثير في قرار وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بطنجة، هو متابعة المتهمين في حالة سراح بمن فيهم سائق المركبة المنكوبة، وعلل مصدر قضائي هذا الاقتناع الذي توصلت إليه سلطة الاتهام، إذ أخذت بعين الاعتبار الحالة الصحية للسائق الذي أصيب بكسر في فخذه جراء الحادثة، إضافة إلى أن الموظف في مكتب السكك الحديدية تمت متابعته في حالة سراح وليس في حالة اعتقال، زيادة إلى مرور مدة زمنية طويلة نسبيا بين وقوع الحادثة وبين ظهور نتائج التحقيق القضائي. وبلغ مجموع الأشخاص الذين استمعت إليهم عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية التي أسندت إليها مهام البحث التفصيلي في هذه القضية، بحسب مصادر مطلعة؛ 45 شخصا، ويتعلق الأمر بأقرباء سبعة ضحايا لقوا حتفهم بسبب الحادثة، و13 ضحية أصيبوا بجروح متفاوتة لا يزالون على قيد الحياة، إضافة إلى موظفي المكتب الوطني للسكك الحديدية بطنجة، من مستويات إدارية مختلفة، وعدد من مستخدمي مقاولات مناولة لدى هذا الأخير، ممن لهم صلة مباشرة بأشغال الصيانة وتأهيل الممرات السككية. وبحسب وقائع التحقيق القضائي، يبدو أن المكتب الوطني للسكك الحديدية قدم "كبش فداء" في هذه القضية، حيث اقتصرت المتابعة على مستخدم واحد من أصل 11 مسؤولا أغلبهم رؤساء أقسام ومصالح بالمديرية الجهوية ل ONCF، ممن لديهم صلاحيات التدخل في صيانة وتجهيز وتشوير الممرات السككية، من بينها المعبر الذي كان مسرحا لوقوع الفاجعة نتيجة عدم توفره على معايير السلامة، بسبب وجود أعطاب ميكانيكية في الحواجز الآلية وأضواء الإشارة، وانعدام الإنارة وعلامات التشوير الضوئي، بحسب ما خلص إليه تقرير الفرقة الوطنية للشرطة القضائية.