أخيرا وبعد مرور أزيد من عام عن الزلزال الأمني الذي تسببت فيه فضيحة تجنيس جزائريين بوثائق مزورة عن طريق الرشاوى، والتي قادت الأجهزة الأمنية المغربية صيف السنة الماضية إلى اعتقال 5 أمنيين من بينهم ملحق بالسفارة المغربية بالجزائر و4 جزائريين وعونا سلطة، أنهت غرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة جرائم الأموال بفاس، بجلستها ليوم أول أمس الأربعاء، الجولة الثانية من محاكمة المتهمين ال11، حيث أيدت الأحكام الابتدائية الصادرة في هذا الملف مع تخفيض العقوبة في حق ضابط أمن وعون سلطة من السجن النافذ إلى الموقوف، والإبقاء على القرارات التي قضت بها محكمة الجنايات الابتدائية في مارس الماضي. هذا وقضت المحكمة بعد أطوار محاكمة ماراطونية استغرقت أزيد من 5 ساعات، أعادت من جديد نشر وقائع القضية ومناقشتها، بإدانة 3 جزائريين من بينهم العقل المدبر لعملية تجنيسهم بالمغرب، ب3 سنوات سجنا نافذا لكل واحد منهم، وبنفس العقوبة على عون السلطة بمقاطعة المرينيين بفاس، اتهمه المحققون بتسهيل عملية حصول الجزائريين على وثائق مغربية مكنتهم من بطاقات وطنية وجوازات سفر مغربية، فيما أدين زميله، وهو عون سلطة بنفس المقاطعة، ب4 أشهر حبسا موقوفة التنفيذ. وبخصوص الأمنيين ال5 المتهمين بالتورط في ملف "تجنيس الجزائريين"، أغلبهم يشتغلون بمصلحة التوثيق بولاية الأمن بفاس، فإن المحكمة فاجأت الجميع بحكمها القاضي بتحويل العقوبة الحبسية النافذة التي أدانت بها زميلتها الابتدائية، ضابط أمن "ع-خ" من 6 أشهر حبسا نافذا إلى موقوفة التنفيذ، وذلك على الرغم من تورطه بحسب وثائق المحكمة في تسهيل عملية حصول جزائري على شهادة للسكنى مقابل مبلغ مالي، فيما قضت المحكمة ببراءة باقي الأمنيين الأربعة الآخرين من المنسوب إليهم، من بينهم مفتش شرطة كان ملحقا بسفارة المغرب بالجزائر، استقدمته عناصر الحموشي من هناك لمحاكمته، إضافة إلى عميدي شرطة ومفتش شرطة ممتاز، قضوا قبل براءتهم وراء القضبان أزيد من 3 أشهر. أما الجزائري الوحيد الذي نجا في هذا الملف، هو"الحسن بن السبع"، والذي حصل على براءته من تهمة تزوير وثائق جنسيته المغربية، وذلك بعد أن أدلى للمحكمة بوثائق تثبت بأنه من أب جزائري يقيم بمدينة مغنية وأم مغربية تنحدر من مدينة وجدة، مما مكنه من الحصول على الجنسية المغربية من السلطات المختصة نهاية سنة 2016، حيث اتهم الدفاع مصالح إدارة الحموشي بعدم تدقيقها للمعلومات، التي أدت إلى توقيف الجزائري/المغربي "الحسن بن السبع" بتهمة التزوير والانتماء لعصابة منظمة. بعد إغلاق المحكمة لملف "تجنييس الجزائريين"، والذين تمكنوا بواسطة الرشاوى في اختراق الإجراءات الإدارية والقضائية المتبعة في الحصول على الهوية المغربية من عقود ازدياد وبطائق تعريف وطنية وجوازات سفر، مازالت الأبحاث جارية ومتواصلة في هذه القضية، للوصول كما سبق للوكيل العام للملك بفاس، عبد العزيز البقالي، أن كشف عنه أمام غرفة الجنايات الابتدائية في مارس الماضي، إلى أشخاص وهيآت لم يسمها، يشتبه بتورطها في هذا الملف الذي يشكل تهديدا للأمن وخطرا على الدولة المغربية، بحسب تعبير الوكيل العام للملك، وهو ما فسره المتتبعون بأن ملف "تجنيس الجزائريين" الذين تسللوا إلى المغرب لم يغلق بعد، وأن الأجهزة الأمنية تشتغل فيه لكشف خيوط عملية اختراق الإجراءات الإدارية والقضائية المتبعة في الحصول على الهوية المغربية من عقود ازدياد وبطائق تعريف وطنية وجوازات سفر وغيرها، خصوصا أن الأجهزة الأمنية بمختلف تلاوينها استنفرت عناصرها منذ الصيف الماضي عند اكتشافها لأمر الجزائريين المتسللين وضبطتهم بمدن فاسووجدة والدار البيضاء، للوصول إلى جميع المتورطين، علما أنه وبحسب ما كشف عنه مصدر قريب من الموضوع ل"أخبار اليوم"، مازال ثلاثة جزائريين في حالة فرار لم تصل إليهم بعد الشرطة المغربية، من بينهم (ع- ط) الذي تمكن من الفرار إلى الجزائر عبر الحدود الشرقية، وذلك بعد أن تورط في ملف يتعلق بالهجرة غير الشرعية نحو أوربا، وهي المعلومة التي كشف عنها للمحققين أحد الجزائريين المعتقلين، إضافة إلى توأم الجزائري الذي حصل على براءته وتمكن هو الآخر من الفرار إلى الجزائر.