في خطوة جديدة تسلط مزيدا من الضوء على الاعتقال التحكمي للصحافي توفيق بوعشرين، تقدم النقيب محمد زيان بعريضة للطعن في عدم دستورية المادة 265 من قانون المسطرة الجنائية، لكونها تحول دون متابعة الوكيل العام للملك ونائبه أمام القضاء. الخطوة تعتبر سابقة في تاريخ القضاء المغربي، وجاءت بسبب تناقض المادة 265 من قانون المسطرة الجنائية مع أحكام الدستور وخاصة الفصلين 118 و133. وقال النقيب زيان ل"أخبار اليوم" إن المادة 265 بالصيغة الحالية، تنص على أنه حين تكون هناك شكاية موجهة ضد الوكيل العام للملك، يجب اللجوء إلى الغرفة الجنائية بمحكمة النقض، وهو ما فعلناه بتاريخ 12 مارس الماضي، غير أن هذه الأخيرة قضت بعدم قبولها بتاريخ 11 أبريل 2018، بحجة أنها ليست مخولة بتلقي هذا النوع من الشكايات مباشرة من الأطراف المشتكية، ولا بد من المرور عبر النيابة العامة. وأضاف زيان أن دفاع بوعشرين أعاد توجيه نفس الشكاية بالاعتقال التحكمي لموكله إلى الغرفة الجنائية بمحكمة النقض عن طريق الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بتاريخ 21 مارس الماضي، لكن هذا الأخير قرر حفظها "لعدم وجود ما يقتضي إحالة القضية على الغرفة الجنائية لمحكمة النقض". وبالتالي "فقد أغلقوا الباب في وجه بوعشرين وحقه في الوصول إلى محكمة تنظر في اعتقاله التحكمي". دفاع بوعشرين عادة مرة أخرى إلى الغرفة الجنائية لمحكمة النقض، وأوضح النقيب زيان "قلنا لها إن الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رفض إحالة الملف عليكم، فكان جوابها أنه من حقه أن يفعل ذلك، ولا سلطة لي عليه". ومضى قائلا: "قلنا بما أن هذه المادة (265) تمنعنا من الوصول إلى القضاء، فهي مادة غير دستورية، ولذا قرّرنا الطعن بعدم دستوريتها أمام المحكمة الدستورية". مؤكدا أن "الولوج إلى القضاء ينبغي أن يكون مفتوحا أمام كل المواطنين، وضد كل المسؤولين، ولا معنى لأي امتياز قضائي للقضاة بعدما أصبح الوزراء يحاكمون بشكل عادي أمام المحاكم بمقتضى الفصل 94 من الدستور". العريضة التي تقدم بها النقيب زيان أمام المحكمة الدستورية فصّلت في الاعتقال التحكمي للصحافي توفيق بوعشرين، بسبب قرار الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء إيداعه السجن، إعمالا لمقتضيات استثنائية، تتطلب شرطا أساسيا وهو حالة التلبس بجناية كما نصت على ذلك المادة 73 من قانون المسطرة الجنائية. وفي غياب ذلك الشرط، فقد أودع بوعشرين السجن مع أنه "لا وجود لأي مقرر قضائي يأمر باعتقال بوعشرين احتياطيا كما تنص على ذلك المادة 608 من قانون المسطرة الجنائية"، لعدة أسباب منها أنه "لم يحظ بعرض قضيته على هيئة التحقيق حتى يتسنى لقاضي التحقيق أن يصدر أمرا بالاعتقال الاحتياطي"، ولأنه "لا وجود لأي أمر يقضي باعتقال بوعشرين صادرا باسم جلالة الملك وطبقا للقانون"، كما ينص على ذلك الفصل 124 من الدستور. كما أنه "لا وجود لأي أمر يقضي باعتقال بوعشرين لمدة محددة لا تتجاوز 60 يوما" طبقا لمقتضيات المادة 177 من المسطرة الجنائية. و"لا وجود لأي أمر يقضي باعتقال بوعشرين، بحيث يمكن استئنافه عند هيئة قضائية أعلى درجة حتى تتمكن من مراقبة مدى مطابقته للقانون". وهي وضعية شاذة تخالف منطوق المادة التاسعة من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية التي تنص في فقرتها الرابعة على أنه لكل شخص حرم من حريته بالتوقيف أو الاعتقال حق الرجوع إلى محكمة لكي تفصل هذه المحكمة دون إبطاء في قانونية اعتقاله، وتأمر بالإفراج عنه إذا كان الاعتقال غير قانوني. ومنبع الضرر الجسيم الذي يلحق بالصحافي بوعشرين، أن "النيابة العامة وهي الخصم في هذه الحالة، نصبت نفسها حكما في الآن نفسه، وقررت حرمان توفيق بوعشرين من هذا الحق من خلال حفظ شكايته الموجهة ضد أشخاص يعملون تحت سلطتها، وهكذا لم يعد لتوفيق بوعشرين أية إمكانية أخرى للدفاع عن حقه أمام هيئة قضائية، وفقا لما يخوله له الدستور". وهو ما يعد حرماناً لحقه في التقاضي الذي يضمنه له الفصل 118 من الدستور، فضلا عن أن تطبيق المادة 265 بصيغتها الحالية، "يمس بالعديد من الحقوق والحريات" التي كفلها الدستور للصحافي بوعشرين، كونها خصّت فئة من المسؤولين بالامتياز القضائي في حال ارتكابهم لأفعال يعاقب عليها القانون الجنائي، في تناقض مع مبدأ المساواة أمام القانون التي نص عليها الفصل 6 من الدستور. ودعت العريضة إلى "القول والحكم بكون المادة 265 من قانون المسطرة الجنائية غير مطابقة للدستور مع ترتيب كل الآثار القانونية الناتجة عن ذلك". 6