بعد اعتذاره للمقاطعين والدعوة إلى التسامح وطي الصفحة في قبة البرلمان، عاد سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ليؤكد على أن حملة المقاطعة هي "صرخة معاناة من قبل جزء من الطبقة المتوسطة"، مشددا على أنهم كحكومة من "واجبهم تفهم هذه المعاناة، والقيام بإجراءات داعمة للقدرة الشرائية للمواطنين"، وتابع "نحن في حاجة إلى رفع المعاناة عن المواطنين حسب الإمكانيات المتاحة، والحكومة ستمضي في القرار الذي نعتقد فيه مصلحة المواطنين، ولن نتراجع فيه". العثماني الذي كان يتحدث، أول أمس السبت، خلال اجتماع اللجنة الوطنية لحزبه، قال إن "تعبير المواطنين عن آرائهم شيء محمود ومرغوب فيه وإيجابي"، وأضاف "أظن أن النخبة السياسية كيفما كانت، دورها الإنصات للمواطنين واحترام مطالبهم، نحن ليس لدينا مشكل في ذلك وقد عبرت عن هذا في مجلس المستشارين. أنا أعتز وأحب أن يوجه المواطنين لي الرسائل ولو نقدا. لذلك لا يمكن أن تكون في عالم السياسة دون إبداء الرأي وتوجيه النقد لك"، يقول العثماني. وفي رسالة مشفرة لخصومه أوضح الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، أن ردود الفعل التي سجلت جاءت للرد على "اللوبيات والجهات التي تريد أن تفسد الحياة السياسية"، واسترسل "نحن نرد على هذه اللوبيات وليس على المواطنين وننتقد هذا السلوك الهجين وغير المعقول وغير المنطقي"، مشيرا إلى أنهم في الحكومة فهموا رسائل المقاطعة بشكل واضح، وسنبني عليها قرارات سنعلن عنها قريبا"، يقول رئيس الحكومة. وبنبرة حادة وجه العثماني سهام الانتقاد إلى القناة الثانية، حيث وصفها "بالمشوشة"، قائلا: "أنا استغربت لتقرير القناة الثانية الذي مر مثل الكاميرا الخفية، غرضها التهجم والتشويه"، وزاد "المواطنون يعرفون هذه القناة ونحن في العدالة والتنمية عانينا معها طويلا فأيا كانت الرسالة التي أراد أن يوجهها المسؤولون عن القناة. نحن واعون بها وسنستمر في طريقنا وتحت نظر وسمع المواطنين"، مشددا على أن "حكومته ستأخذ بعين الاعتبار ما يقوله المواطنون وبناء عليه، ستطور برامجها". وفي السياق ذاته، قال العثماني: "علينا أن نتحلى بالشجاعة الكافية في مسألة الإصلاحات"، موضحا أن "الحكومة وضعت لجنة خاصة بمراجعة الأسعار وأن الرقم الذي تم إطلاقه أتى بجزء من أكله، إذ خلال الأسبوع الأول من رمضان تم التوصل بأزيد من ألفين بلاغ ساعدت في التعرف على محتكرين ومتلاعبين". أما بخصوص ارتفاع أسعار المحروقات، فقد أكد العثماني أن "الحكومة واعية بأن تحرير أسعار المحروقات كان ضروريا، لكن كانت له إشكالات"، مشددا على أن حكومته لها "الشجاعة الكافية في قضايا الإصلاح، وستعمل على مراجعة بنية أسعار عدد من المواد الأساسية"، مشيرا إلى أن "مشروع إصلاح الدعم شبه جاهز، ستنضاف إليه توصيات وخلاصات تقرير اللجنة الاستطلاعية حول المحروقات". وبشأن ما يروج عن كون الحكومة غير متماسكة وتخدم مصالح البعض، شدد العثماني على أنه "لن يسمح داخل الحكومة أن تكون هنا جيوب، أو مواقع نفوذ مختلفة"، ليعود ويؤكد أن حكومته متماسكة وقوية، قائلا: "أنفي نفيا مطلقا ما يردده البعض من أن الحكومة ضعيفة، وهناك عمل وإصرار حكومي على المضيّ والإنصات للمواطنين"، مشيرا إلى أنه "ليس هناك تماسك 100 في المائة، وهذا طبيعي، لكن هناك تماسكا منطقيا مع وجود اختلاف في وجهات النظر حول بعض الملفات"، يردف المسؤول الحكومي. ولم يفوت العثماني فرصة حديثه أمام الكتاب الجهويين لحزبه للحديث عن موجة الانتقادات التي يتلقاها الحزب من أعضائه، حيث قال إن "الحزب لازال وفيا لمشروعه الإصلاحي أيا كانت الظروف"، وزاد "بعض الأفراد والجهات يعيشون فترة من عدم الرضا وهذا عادي جدا، وقد عشنا هذا طيلة 20 سنة، إذ تأتي مراحل فيها صعوبات وإشكالات، لكن مادام لدينا رؤية واضحة وعزم أكيد سنمضي في طريق الإصلاح"، يقول العثماني، مضيفا: "الصحة التنظيمية لحزب العدالة والتنمية لازالت جيدة رغم ما يُقال ويروج والحزب قادر على القيام باستحقاقاته التنظيمية وفق قوانينه وقواعده التي بنى عليها عمله، وهي الديمقراطية الداخلية".