رغم إنكارهما للأفعال المتهمين بارتكابها، في سائر مراحل البحث والتحقيق، فقد استطاعت الضابطة القضائية وقاضي التحقيق جمع أدلة جنائية ضد المتهمين بتنفيذ منفذي جريمة "لاكريم"، بدأت بالخبرة الباليستية التي أكدت بأن المسدس من نوع "كَلوك"، عيار 9 ملم، الذي تم إحراقه مع الدراجة النارية بمنطقة خلاء خلف مسبح "مياه باي"، هو السلاح نفسه الذي ارتكبت به الجريمة، كما أكدت بأن ال 13 ظرفا لرصاصات من نوع "لوجير"، من العيار نفسه، التي عثرت عليها الشرطة بمسرح الجريمة بالفضاء الخارجي للمقهى، أطلقت من المسدس عينه. دليل علمي آخر يتعلق باستقراء نظام تحديد التموقع بالأقمار الاصطناعية GPS لسيارة "فورد فييستا"، المملوكة لشركة كراء سيارات بمراكش، والتي ضبطت بحوزة المتهمين الهولنديين "إدوين مارتينيز" و"شارديون سيمريل" عند توقيفهما أمام النادي الليلي "5 5 5" بشارع محمد السادس، فجر اليوم الموالي للجريمة، فقد تأكد بأن السيارة كانت متوقفة عند حدود الساعة السادسة و20 دقيقة من مساء اليوم الذي ارتكبت فيه الجريمة، بالموقع نفسه الذي أحرقت فيه الدراجة والمسدس. دليل آخر لا يقل قوة ووُجه إلى المتهمين، فقد عثرت الشرطة بالمكان الأخير على هاتف نقال أسود من نوع "بلاك بيري" يتضمن شريحة شركة اتصالات محلية مسجلة في اسم المتهم بإطلاق النار، إدوين مارتينيز"، كما أظهرت التحريات بأنه أجرى 32 مكالمة هاتفية بواسطته مع رقم نداء آخر كان يستعمله مواطنه سيمريل، الذي تم تحرير عقدة كراء سيارة "فورد فييستا" باسمه. ولم يتم الاكتفاء بالأدلة الجنائية، فقد تمت مواجهة المتهمين بشهادة مواطنين يعملان بإسطبل بدوار "بوعكاز"، أكدا بأنهما فوجئا بالنيران تشتعل بموقع خلاء قرب المركب السكني "بريستيجيا"، قبل أن يعاينا شخصا يلوذ بالفرار من المكان يتميز بشعره الطويل. تصريحات بعض المتهمين في الملف شكلت، بدورها، أدلة دامغة، فقد صرح المتهم "أنوار بوهي" بأنه عضو محوري في العصابة، وبأن رضوان التاغي، المتهم بالتحريض على الجريمة، أوفد مجموعة من الأشخاص إلى مراكش لتصفية مالك "لاكريم"، وأن الشخصين اللذين أوكلت إليهما مهمة التنفيذ مواطنان هولنديان معروفان بلقب "الراسطا"، في إشارة إلى تسريحة شعريهما. البحث والتحقيق أثبتا سبق الإصرار والترصد لدى المتهمين، اللذين زعما بأنهما تعرّفا عليه بمحض الصدفة بمصعد أحد الفنادق بمراكش، لكنهما عادا وأكدا بأنهما يعرفان بعضهما منذ مدة طويلة بهولندا، فضلا عن إقامتهما بفندق واحد قريب من المقهى، التي ترددا عليها أكثر من مرة من أجل المعاينة وضبط حركة الهدف والأوقات التي يتواجد بها بالمقهى والأمكنة التي يجلس فيها. الأدلة العلمية أسقطت ثلاثة متهمين آخرين حلوا من هولندا للمشاركة في الجريمة، بينهم "نجيم ياسر" (40 سنة)، الذي أكد استقراءGPS لسيارة فورد فييستا التي ضبطت بحوزة الهولنديين، بأنها كانت مركونة، عصر يوم تنفيذ الجريمة، على بعد حوالي 50 مترا من مقر إقامة بزنقة القادسية كان يقيم فيها "ياسر"، وهو المكان نفسه الذي كانت متوقفة به، خلال التوقيت عينه، سيارة أخرى كان يكتريها أشرف البكاي، المكلف بضبط تحركات وتدخلات أعضاء العصابة، كما أثبتت التحريات الأمنية بأن ياسر كان يتردد على المقهى قبل ارتكاب الجريمة رفقة فتاة روسية، تدعى "سفيتلانا"، استضافها بمراكش، ويشتبه في أنه استغلها للتمويه على دوره في مسح موقع الجريمة، قبل وبعد التنفيذ، قبل أن يعمد إلى تعنيفها، بعد ذلك، لدفعها لمغادرة المغرب. متهم آخر، يدعى"نجيم كوجيلي" (26 سنة) حاصرته الأدلة على خلفية الاشتباه في تجنيده من طرف العصابة، التي طلبت منه الانتقال إلى مراكش، برفقة زوجته، من أجل إنجاز مهمة لم يحدد له طبيعتها واعدا إياه بمبلغ 5000 أورو بعد عودته لهولندا، حيث أقام بفيلا حي الأزهر، ليخلص قاضي التحقيق إلى أن دوره كان هو تشتيت الانتباه وإبعاد أي شبهة عن باقي أفراد العصابة الذين كانوا يترددوا على الفيلا، بمن فيهم منفذا الجريمة. أما المتهم ثالث، "أنوار بوهي" (27 سنة)، فقد أوقف للاشتباه في تقديمه مساعدة لأفراد العصابة، عبر رصد الهدف، وإن كان صرح بأنه رفض تنفيذ التعليمات في آخر لحظات تنفيذ الجريمة.