مع استمرار حملة المقاطعة الشعبية الموجهة ضد ثلاثة منتجات أساسية، وبعد الخسائر السياسية والاقتصادية التي ألحقتها بوزير الفلاحة رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش؛ أصبح "رأس" زميله في الحزب والحكومة، وزير الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد، مطلوبا بسبب التفاعلات المستمرة لتصريحه المثير أمام البرلمان، والذي وصف فيه أنصار الحملة ب"المداويخْ". بوسعيد وضع تصريحه في سياق محاولته الدفاع عن الشركات الوطنية، فيما ارتبط اسمه في الفترة الأخيرة بالتعديل الذي ادخله على القانون المالية الحالي، والذي حذف الضريبة على الأرباح المترتبة عن تفويت أسهم الشركات، عشية قيام زميله وزير الصناعة، مولاي حفيظ العلمي، بتفويت شركته الخاصة بالتأمينات، "سهام"، مقابل مليار دولار. بوسعيد راكم في العام الأول من عمر حكومة العثماني، عددا من الهدايا والامتيازات المقدمة للقطاع الخاص. فبعد الاتفاق الذي وقعه بوسعيد متم يناير الماضي مع عدد من الأبناك، بهدف شروع هذه الأخيرة في منح المقاولات المتأخرات التي توجد في ذمة الدولة من الضريبة على القيمة المضافة، على أن تسترجعها الأبناك من خزينة الدولة مقابل استفادتها من فائدة سنوية بقيمة 3.5%؛ أفرجت وزارة المالية مؤخرا عن نصّ المرسوم الذي يفعّل الإعفاء الشامل من الضريبة على الشركات، والذي منحه القانون المالي لسنة 2018 للاستثمارات الجديدة في المجال الصناعي. النائب البرلماني عن فريق الاصالة والمعاصرة، عبداللطيف وهبي، هاجم بوسعيد بشدة، مساء أول أمس الاثنين، أثناء جلسة الأسئلة الشفوية الأسبوعية لمجلس النواب. وهبي قال مخاطبا وزير الحكامة والشؤون العامة لحسن الداودي، إن وزراء في الحكومة "يسبّون الشعب ويصفونهم بالمداويخْ والقطيع"، متسائلا "هل هذه حكومة جلالة الملك؟ هل هذه حكومة يراقبها البرلمان؟". الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالحكامة والشؤون العامة، لحسن الداودي، برأ الحكومة من التصريحات التي أدلى بها بوسعيد، وخاطب وهبي قائلا إن الحكومة لم تصدر أي موقف، وتساءل هل أدلى الناطق الرسمي باسمها، وزير العلاقات مع البرلمان مصطفى الخلفي، بأية تصريحات في هذا الموضوع؟ موازاة مع ذلك، تواصل عريضة إلكترونية نشرها موقع avaaz المتخصص في العرائض، انتشارها، مطالبة بإقالة محمد بوسعيد. العريضة تبرّر دعوتها إلى إقالة بوسعيد بوصفه المطالبين بتخفيض أسعار مواد، أساسا، بال"مداويخ" داخل مؤسسة البرلمان، "ونظرا إلى ملفاته السوداء واستماتته في الدفاع عن اللوبيات الاقتصادية المحتكرة للسوق المغربية". العريضة حازت إلى غاية زوال يوم أمس الثلاثاء، على 540 توقيعا، أغلبها صادر من داخل المغرب. عبداللطيف وهبي كان قد وجّه سؤالا شفويا إلى رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، قال فيه إنه "في الوقت الذي كان ينتظر من الحكومة المبادرة إلى الحد من تداعيات هذه الأزمة، تفاجأ الرأي العام بتصريح مستفز من قبل السيد وزير الاقتصاد والمالية"، مطالبا إياه بتوضيح "ملابسات ما صدر من تصريحات عن عضو في حكومتكم". بوسعيد كان قد أقدم في جلسة رسمية عقدها مجلس المستشارين يوم 24 أبريل الماضي، على وصف المنخرطين في حملة المقاطعة ب"المْداويخْ"، قائلا: "خاصنا نشجعو المقاولة، ونشجعو المنتوجات المغربية، ماشي بحال دابا شي مداويخ تيقولك أودي مقاطعة المنتوجات المغربية"، قبل أن يضيف: "هذه مقاولات مهيكلة ومهيكلة وكتشغل عباد الله وكتخلص الضرائب ديالها". تصريح جاء ردا على سؤال طرحه فريق الاتحاد العام لمقاولات المغرب، وأثار منذ ذلك الحين موجة عارمة من الغضب، خاصة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، حيث أصبحت إقالة بوسعيد من بين المطالب الأساسية المرافقة لحملة المقاطعة.