بعدما شارفت عملية الترخيص العسيرة للبنوك الإسلامية على انتهائها، بصدور النصوص التنظيمية والقرارات اللازمة لتسويق المنتجات "التشاركية"؛ فتح المغرب مسار الترخيص لشكل آخر من أشكال التمويل الجديدة. وزارة الاقتصاد والمالية أنهت تحضير المسودة الأولية لمشروع القانون المتعلق بالتمويل التعاوني، حيث فتحت الأمانة العامة للحكومة نقاشا عموميا حولها عبر موقعها الرسمي، في انتظار عرضها على المجلس الحكومي، ثم المسار التشريعي. ويتعلّق الأمر بنمط جديد في تمويل المشاريع، انتشر في بعض البلدان الغربية على نطاق واسع، ويستلهم قواعده من أسلوب اشتغال شبكات التواصل الاجتماعي، أي اللجوء إلى الجمهور الواسع. المذكرة التي أعدتها وزارة محمد بوسعيد لشرح خلفيات وأهداف هذا المشروع، تقول إن اللجوء إلى التمويلات التعاونية جاء لتسهيل تمويل المبادرات المبتكرة ودعم تنمية المشاريع الاجتماعية والثقافية والإبداعية. هذا النوع من التمويل كان موضوع اقتراحات وتشجيعات دولية للمغرب، ارتفعت وتيرتها خلال مرحلة التحضير القانوني والتنظيمي لترخيص التمويلات الإسلامية. السفير الأمريكي السابق، دوايت بوش، كان قد حرص على اللقاء شخصيا ورسميا مع المسؤولين المغاربة أواخر شهر مارس 2016، من أجل تشجيعهم على الترخيص للتمويلات المعروفة دوليا باسم: crowdfunding. سفير أوباما في المغرب كان قد نظّم جلسات مع كل من الوزير المنتدب في المالية المكلف بالميزانية السابق، إدريس الأزمي، ورئيس لجنة المالية بمجلس النواب السابق، سعيد خيرون، ووالي بنك المغرب عبداللطيف الجواهري. هذا الأخير، وفي مقابل إعلانه تأجيل الإفراج عن أولى مشاريع البنوك الإسلامية بالمغرب إلى ما بعد الانتخابات التشريعية التي كانت منتظرة حينها، كشف في ندوته الصحافية الفصلية الأولى في 2016، عن شروع المؤسسة في التحضير لدخول هذا النوع الجديد من التمويلات التعاونية إلى المغرب. ا لجواهري قال حينها إن بنك المغرب يعتزم إباحة هذا النوع من التمويلات بالنظر إلى النتائج الإيجابية التي يمكن أن تخلّفها، خاصة بالنسبة إلى بعض الفئات الهشة والمرأة على وجه أخص. مصادر دبلوماسية أمريكية قالت ل"اليوم247" إن السفارة عملت حينها على اللقاء بمسؤولي الأمانة العامة للحكومة، إلى جانب كل من مسؤولي الاقتصاد الرقمي والمقاولات الصغرى والمتوسطة في الحكومة المغربية. واستعانت السفارة الأمريكية في تحركاتها تلك بالخبير الأمريكي جاسون بسيت، والذي "قدّم للمسؤولين المغاربة الفرص الاقتصادية للتمويلات الجماعية بالنسبة إلى المغرب، والذي يتوفّر على فرصة ليكون البلد الرائد ضمن دول إفريقيا والشرق الاوسط في هذا المجال". وكانت السفارة الأمريكية تأمل حينها أن يصدر قانون يرخّص للتمويلات التعاونية في المغرب قبل نهاية 2016. وزارة محمد بوسعيد عرّفت التمويل التعاوني عن طريق الجمهور، بكونه عملية جمع الأموال من خلال منصة إلكترونية تدعى منصة التمويل التعاوني، مسيرة من طرف شركة تسيير، تُدعى شركة التمويل التعاوني. وتضيف الوزارة في مذكرتها التقديمية، أن عملية التمويل التعاوني يمكن أن تأخذ شكل إما عملية استثمار أو عملية قرض بفائدة أو بدون فائدة أو عملية تبرع. "وتهم عملية التمويل مشروعا ربحيا أو غير ربحي، يتقدم به شخص بهدف الحصول على تمويل تعاوني". ويعتبر مساهما في المشروع كل شخص أو مجموعة أشخاص ذاتيين أو معنويين، يعرضون مشروعا على منصة التمويل التعاوني بهدف الحصول على تمويل. المشروع الجديد يسمح بالحصول على تمويل من مقيمين أو غير مقيمين، مع التقيد بالنصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالصرف. ولا تخضع عمليات التمويل التعاوني لأحكام القانون المتعلقة بدعوة الجمهور إلى الاكتتاب وبالمعلومات المطلوبة إلى الأشخاص المعنوية والهيئات التي تدعو الجمهور إلى الاكتتاب في أسهمها أو سنداتها. كما لا تعتبر عمليات التمويل التعاوني من فئة "قرض" كعملية ائتمان أو في حكم الائتمان، ولا تخضع عمليات التمويل التعاوني من فئة التبرع لأحكام القانون المتعلق بالتماس الإحسان العمومي. المشروع نص على أنه لا يمكن أن يتجاوز المبلغ، الذي تم تحصيله لفائدة المشروع نفسه، في إطار عمليات التمويل التعاوني، مبلغا أقصى محدد بنص تنظيمي، لكل فئة من فئات التمويل التعاوني، في حدود 5 ملايين درهم. في المقابل لا يمكن أن تتجاوز المساهمات التراكمية لشخص ذاتي لكل مشروع مبلغا محددا بنص تنظيمي، في حدود 250 ألف درهم، ولا يمكن أن تتجاوز المساهمات التراكمية لشخص ذاتي في عمليات تمويل تعاوني خلال سنة، مبلغا محددا بنص تنظيمي في حدود 500 ألف درهم. مسودة مشروع القانون تلزم حامل المشروع، حتى بعد اختتام عملية التمويل، بإبقاء المساهمين، خصوصا من خلال منصة التمويل التعاوني، على علم بتطور نشاط المشروع ووضعه المالي، وعند الاقتضاء الصعوبات التي اعترضته. كما يشترط قبل تأسيس أي منصة تمويل تشاركي موجهة للمساهمين المقيمين، أن يصدر رأيا بالمطابقة من لدن المجلس العلمي الأعلى على مشروع نظام التسيير الخاص بالمنصة. وفيما يجب توظيف السيولة المتأتية من عمليات التمويل التعاوني التشاركي طبقا لآراء المجلس العلمي الأعلى، يخضع المشروع لمراقبة بنك المغرب، جميع منصات التمويل التعاوني من فئتي القروض والتبرع.