على الرغم من محاولة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، ووزير الفلاحة والصيد البحري والمياه والغابات، عزيز أخنوش، التخفيف من حدة آثار القرار الأخير لمحكمة العدل الأوروبية، القاضي باستثناء الصحراء من اتفاقية الصيد البحري الموقعة بين المغرب والاتحاد الأوروبي؛ إلا أن تراكم الأحكام القضائية المعادية للمصالح المغربية، في أقل من سنتين، بدأ يتخذ أبعادا خطيرة بعدما لجأت جبهة البوليساريو، مؤخرا، إلى استغلال هذه الأحكام القضائية لتهديد شركات النقل الجوي الأوروبية التي تنظم رحلات إلى الصحراء. فجبهة البوليساريو لم تعد فقط تحاول استصدار أحكام قضائية للتضييق على المنتجات الفلاحية المقبلة من الصحراء، وعلى السفن الأوروبية التي تنشط في مياه الصحراء، بل تهدد برفع دعاوى بشركات الطيران الأوروبية في أفق استصدار أحكام قضائية ضدها، بناء على الحكم الذي صدر في 21 دجنبر 2016، الذي أشار إلى أن الاتفاق الزراعي بين الرباط وبروكسيل "لا ينطبق على الصحراء"، وحكم 27 فبراير الماضي الذي استثنى الصحراء من اتفاق الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي. وفي هذا الصدد، كشفت صحيفة "الكونفيدينثيال" الإسبانية أن جيلز ديفيرز ، محامي جبهة البوليساريو في أوروبا، يرغب في استغلال الحكمين المتتاليين من محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي في 21 دجنبر 2016، وفي 23 فبراير الماضي، لتضييق الخناق على المغرب في المحافل الدولية وإضعاف موقفه وضرب مصالحه في الصحراء. المصدر ذاته أوضح أن البوليساريو من خلال دفاعها طرحت مبادرات، واحدة منها تمس إسبانيا بشكل مباشر والمتمثلة في "السعي إلى إلغاء الرحلات الجوية التي تربط بين جزر الكناري والصحراء التي تقوم بها شرطة الطيران الإسبانية "بينتير كنارياس، وهي الشركة الجوية الأوروبية التي لازالت الطائرات تقوم برحلات جوية نحو الصحراء". جيلز ديفيرز، كشف أنه يستعد للضغط على شركات أوروبية لكي لا تقوم برحلات جوية صوب الصحراء، وسيبدأ من الشركات الإسبانية، وفي هذا يقول: "في الأسبوع المقبل سأرسل طلبا لشركة بينتير"، لكي تجمد رحلاتها إلى الصحراء، وتابع قائلا: "سأطلب من شركة الطيران أن تشرع في إجراء محادثات لكي توافق رحلاتها مع الشرعية التي تتطلب موافقة ممثلي الشعب الصحراوي". المحامي جيلز ديفيرز وجه خطابا تهديديا إلى الشركة الإسبانية قائلا: "إذا لم تستجب أو كانت إجابتك غير كافية فسنتحول إلى العدالة". من جهتها، دافعت الشركة الإسبانية عن قانونية وشرعية الرحلات الجوية التي تقوم بها بين جزر الكناري والصحراء، وأكدت قائلة: "نقوم برحالات جوية من لاس بالماس (الكناري) إلى مدينة العيون منذ سنة 2015، ومؤخرا، دشن خط آخر إلى مدينة الداخلة"، وأردفت: "في كل الحالات، لدينا كل التصاريح الضرورية، وبالتالي، نحن نعمل في كامل الشرعية". وأرجع المحامي هذه التحركات الأخيرة للضغط على شركة الطيران إلى ما سماه المكاسب التي تحققت في ال18 شهور الأخيرة في المحاكم الأوروبية، جاء الدور على ما سماه أيضا "وضع حد لانتهاك المجال الجوي للصحراء". وأضاف أنه "وضع مخططا للتحرك قانونينا" للضغط على شركات الطيران الأوروبية التي تقوم برحالات إلى الصحراء. وحاول دفاع البوليساريو أن يصور إلغاء الشركة الفرنسية Transaviaالأسبوع الماضي رحلاتها بين باريسوالداخلة على أنه انتصار للبولساريو، رغم أن الشركة الفرنسية أكدت أن إلغاء الرحلات لا علاقة له بضغط البوليساريو، مبرزة أنها ستحافظ على تلك الرحلات ما بين أكتوبر وشهر مارس. دفاع البوليساريو أرجع إلغاء الشركة الفرنسية تجميد رحلاتها الجوية إلى الصحراء، إلى خوف الشركة من دعوى رفعها ضدها في إحدى المحاكم في باريس، والتي لم تصدر حكمها بعد. على صعيد متصل، وجه محامي جبهة البوليساريو تهديداته من جديد للسفن الأوروبية التي تنشط في مياه الأقاليم الجنوبية، في هذا قال: "السفن التي تصطاد قابلة مياه الصحراء، هي في وضع غير قانوني ويجب مغادرتها في الحين". كما حذر أيضا المقاولين الإسبان المستثمرين في الأقاليم الجنوبية. وأضاف أنه يطالب من المفوضية الأوروبية تقديم تعويض قدره 240 مليار سنتيم للصحراويين، بسبب ما سماه استغلالها الموراد الطبيعية الصحراوية. مصادر مطلعة كشفت ل"أخبار اليوم" أنه يجب في الوقت الراهن توحيد كلمة المغاربة للدفاع عن قضية الصحراء باعتبارها قضية سيادية، مبرزا أن الخرجة الإعلامية التي قام بها عزيز أخنوش بعد قرار محكمة العدل الأوروبية في 27 فبراير المنصرم، أظهرت كما لو أن هناك موقفين واحد لوزارة الفلاحة والآخر لوزارة الخارجية. وأكد أن القضايا المصيرية المرتبطة بالسيادة الوطنية يجب تركها لوزارة الخارجية والتعاون الدولي. المساوي العجلاوي، خبير مغربي في الشؤون الإفريقية والصحراء، أكد في حديث مع "أخبار اليوم"، أن جبهة البوليساريو تخلت عن المعارك السياسية، ونهجت استراتيجية المعارك القانونية في المحاكم الأوروبية، من أجل استصدر أحكام قضائية معادية للمغرب، وتصويرها على أنها انتصارات من أجل تضمينها في دفوعاتها القانونية أمام مجلس الأمن. وأضاف العجلاوي أنه يجب على الدبلوماسية المغربية مراجعة الجوانب التقنية في معاركها القانونية ضد البوليساريو في الاتحاد الأوروبي، إذ دعا إلى إعادة النظر في المحامين ومكاتب الدراسات المتعاقد معهم، وإعادة تأهيل العنصر المغربي في القوانين الدولية، وكذلك إعادة النظر في اللوبيات.