لم يمض أسبوع واحد على القرار الذي أصدرته محكمة العدل الأوروبية بخصوص اتفاق الصيد البحري المبرم بين المغرب والاتحاد الأوروبي، إذ قضت بأنه لا يسري على الأقاليم الجنوبية للمملكة، حتى شرعت جبهة البوليساريو في إثارة معركة جديدة تلوح في الأفق، تتعلق باتفاق الخدمات الجوية المبرم بين الرباط وعدد من الدول الأوروبية. وجندت الجبهة الانفصالية، في إطار حربها القانونية على الاتفاقيات الدولية التي تشمل الأقاليم الصحراوية، عدداً من النواب الأوروبيين لخوض المعركة القضائية باسمها ضد الاتفاق الأورو متوسطي المتعلق بالخدمات الجوية مع المغرب، والذي صادق عليه البرلمان الأوروبي في أكتوبر 2017. وفتح هذا الاتفاق، الذي دخل حيز التنفيذ بشكل مؤقت في 12 دجنبر 2006، آفاقا جديدة أمام الشركات المغربية والأوروبية، من خلال حذف القيود في مجال الطاقة الاستيعابية والجنسية، والترددات أو المسالك، بالإضافة إلى تحقيق تقارب في التشريعات بين الطرفين، خاصة حول العناصر الأساسية للقوانين الأوروبية في مجال الطيران، بما فيها جانب السلامة، والقوانين الاقتصادية، وخاصة المنافسة والمراقبة الجوية وحماية المستهلك. وشرعت جبهة البوليساريو في الضغط على بعض النواب الأوروبيين لطرح القضية على المفوضية الأوروبية، والذين وجهوا فعلاً سؤالاً مكتوباً يطالبون فيه بكشف المعطيات المتعلقة بالشحن الجوي ونقل المسافرين من وإلى الأقاليم الجنوبية؛ في خطوة يرى فيها مراقبون أن "الكيان الانفصالي يسعى إلى البحث عن حاضن جديد للملف، بعدما نجح في كسب تعاطف جمعية بريطانية من خلال رفعها الدعوى القضائية الأخيرة أمام محكمة العدل الأوروبية". في الصدد ذاته، دعا نواب أوروبيون الجهاز التنفيذي للمفوضية الأوروبية إلى تقديم توضيحات حول نطاق تطبيق الاتفاق الجوي، وتساءلوا "ما إن كان القرار ينطبق على الشحن الجوي ونقل المسافرين بين دول أعضاء الاتحاد الأوروبي وإقليم الصحراء؟". يشار إلى أن ثلاث شركات للطيران تتولى عمليات النقل الجوي الدولية بين الاتحاد الأوروبي والأقاليم الصحراوية المغربية؛ وهي "الخطوط الملكية المغربية"، وشركة طيران "بينتر كانارياس"، وشركة الطيران "ترانسافيا". وتربط هذه الرحلات بين مطاري الداخلة والعيون ومطار جزر الكناري، ومنه إلى وجهات أوروبية أخرى. وحسب نص الاتفاقية التي صادق عليها البرلمان الأوروبي فإن فتح أسواق منذ 2006 جلب مداخيل مهمة، إذ تضاعف عدد المسافرين بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، وبلغ 12 مليون مسافر سنويا، إذ عرف نموا بنسبة 109 في المائة منذ 2005؛ كما ارتفعت الخدمات المقدمة وعدد الوجهات التي يتم تأمينها. ويندرج هذا الاتفاق، الأول من نوعه الموقع مع بلد من خارج القارة الأوروبية، في إطار الشراكة المتميزة المنبثقة عن مسلسل برشلونة بين الاتحاد الأوروبي والبلدان المتاخمة للحدود المتوسطية. كما يتضمن الاتفاق، حسب موقع الاتحاد الأوروبي، مقتضيات في مجال الاستثمارات المشتركة على ضفتي البحر المتوسط. مصدر حكومي قال في تصريح لهسبريس، تعليقاً على الخطوة الجديدة، إن "المغرب لن يفرط في سيادته على صحرائه، سواء عن طريق البحر أو البر أو الجو"، وأكد أن تحركات الكيان الوهمي "هي فقط محاولة للتغطية على الظروف الكارثية التي تعيشها مخيمات تندوف في الأشهر الأخيرة، وأيضا تراجع دعم المانحين؛ وهو الأمر الذي يضع المخيمات على صفيح ساخن قد تنفجر معه الأوضاع في أي لحظة". هذا وتتجه الأنظار غداً الثلاثاء إلى مدينة لشبونة البرتغالية، حيث سيلتقي هورست كوهلر، المبعوث الأممي إلى الصحراء، مع وفد مغربي، يترأسه وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، في إطار التعاون الدائم للمغرب مع الأممالمتحدة من أجل التوصل إلى حل سياسي نهائي للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية.