بعد لقاء لشبونة الذي جمع بين المغرب والمبعوث الأممي في ملف الصحراء، هورست كوهلر؛ بات الملف مقبلا على شهر من المواجهة الحاسمة. كوهلر، وبعدما استكمل لقاءاته مع أطراف الملف وكل من الاتحادين الأوروبي والإفريقي ودول مؤثرة مثل بريطانيا؛ سيعكف خلال الفترة الفاصلة عن شهر أبريل، على تحضير التقرير السنوي الذي يقدمه الأمين العام للأمم المتحدة أمام مجلس الأمن. المواجهة المعتادة التي تدور بين المغرب وخصومه كل عام في هذه الفترة من السنة، ستتركّز هذه المرة على ملف الثروات الطبيعية للصحراء، حيث كشف خصوم المملكة عن بوادر استعدادهم لنقل هذه المعركة من الساحتين الإفريقية والأوروبية، إلى داخل الأممالمتحدة. قرار المحكمة الجنوب إفريقية القاضي بحجز سفينة الفوسفاط المغربي لصالح جبهة البوليساريو، وقرار محكمة العدل الأوروبية الأخير الذي قرأ فيه خصوم المغرب استثناء لمياه الصحراء من اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي؛ أوراق تسعى البوليساريو وحلفاؤها إلى استثمارها في الاجتماع السنوي الذي يعقده مجلس الأمن الدولي. هذا الأخير سيجتمع شهر أبريل المقبل، وقد غادره حليفان أساسيان لجبهة البوليساريو، هما كل من فنزويلا والأوروغواي. الدولتان الأخيرتان، لعبتا في السنوات الأخيرة دورا معاديا للمغرب داخل مجلس الأمن، حيث كانتا تبادران إلى دعوة المجلس إلى الانعقاد في اجتماعات استثنائية حول الصحراء، ولا تترددان في مهاجمة المغرب. الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، مصطفى الخلفي، قال عقب المجلس الحكومي الذي انعقد أول أمس الخميس، إن وزير الخارجية ناصر بوريطة قدم عرضا مفصلا حول اجتماع لشبونة مع المبعوث الأممي. الخلفي أوضح أن اللقاء لا يتعلق بمسلسل للمفاوضات «بل باتصال لمناقشة تطور ملف الصحراء المغربية». وأضاف الخلفي أن النقاش مع المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، "مكّن أولا من العودة إلى جذور هذا النزاع المفتعل، بمعنى العودة إلى ما حصل في مرحلة السبعينيات والتذكير بنشأة هذا النزاع الإقليمي والأبعاد القانونية والسياسية والجيواستراتيجية له وكيف أدت هذه الأبعاد إلى نشأته في السبعينيات». وفي تحميل غير مباشر للمسؤولية للجارة الجزائر، قال الخلفي إن المغرب تطرّق في لقاء لشبونة، أيضا، إلى كلفة تعطيل البناء المغاربي، «وذلك في جو من الوضوح والصراحة". جبهة البوليساريو التي تلقت صفعة الفشل في إلزام المغرب بلقاء كوهلر في ألمانيا حتى تبدو لقاءات هذا الأخير كما لو كانت مفاوضات مباشرة؛ خرجت على لسان عضوها المكلف بالتنسيق مع الأممالمتحدة، لتقول إن المغرب يتخوّف من المفاوضات. محمد خداد كشف أوراق الجبهة، حيث سارع إلى إثارة موضوع القرار الأخير لمحكمة العدل الأوروبية، والذي يرتبط باتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي. الجبهة الانفصالية تبدو مقبلة على موقف ضعيف داخل أهم جهاز تابع للأمم المتحدة، حيث خرجت فنزويلا والأوروغواي، وعوضتهما كل من السويد وهولندا. الأخيرتان وإن كانت بعض الأوساط السياسية فيهما تدعم البوليساريو، إلا أنهما ترتبطان بعلاقات دبلوماسية واقتصادية مع المغرب، ويستبعد اتخاذها مواقف مناهضة له.