قبل أن ينفضّ اللقاء الأول من نوعه بين المغرب والمبعوث الأممي إلى الصحراء، هورست كوهلر، والذي احتضنته العاصمة البرتغاليةلشبونة أول أمس؛ انطلقت طبول الحرب الدبلوماسية إيذانا بمواجهة حارقة خلال الشهر المتبقي عن موعد أبريل السنوي. فبعد النصر الذي حقّقه المغرب من الناحية الشكلية، حين تمكّن من منع المبعوث الأممي الجديد من فرض أجندته الخاصة وما نتج عنها من تأويلات معادية للمغرب، حيث تمكّنت الرباط من نقل لقائها مع كوهلر إلى البرتغال عوض برلين وميونيخ الألمانيتين اللتين اقترحهما كوهلر؛ انتقلت المملكة إلى موقف الهجوم بدل الدفاع. القائم بأعمال سفارة المغرب في جنيف، حسن بوكيلي، قال خلال الدورة ال71 للجنة الدائمة للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين التي تنعقد حاليا، إن الجزائر هي الدولة الوحيدة التي ترفض إحصاء وتسجيل سكان مخيمات تندوف وتتهرب من مسؤولياتها الدولية تجاههم. الدبلوماسي المغربي قال إن الجزائر تريد أن تستمر في إخفاء حقيقة العدد الحقيقي لهؤلاء السكان، الذي لا يكاد يتجاوز 20 إلى 25 ألف شخص، و"تستغل سخاء المانحين من خلال تقديم عدد وهمي يقدر ب 165 ألف شخص". وذهب بوكيلي إلى أن الجزائر "تخشى من أن يكتشف العالم عدد الجزائريين الذين يعيشون بشكل دائم في هذه المخيمات وعدد الأطر في البوليساريو الذين حصلوا على جنسية أجنبية، ولكنهم لايزالون يستفيدون من المساعدات الإنسانية على حساب سكان المخيمات". في مقابل ذلك، عبأ خصوم المغرب مجموعة من أعضاء البوليساريو وانفصاليي الداخل، لمهاجمته في جنيف. هؤلاء اتهموا السلطات المغربية بالتضييق عليهم، معتبرين أنفسهم نشطاء حقوقيين داخل مدن الصحراء. ادعاءات تكذبها الأنباء الصادرة من تندوف نفسها هذا الأسبوع، حيث حلّ وفد من "انفصاليي الداخل" في ضيافة قيادة جبهة البوليساريو، واستقبلهم زعيمها إبراهيم غالي شخصيا. وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، قال بعد انتهاء اجتماعه الرسمي مع كوهلر مساء أول أمس الثلاثاء، إن المناقشات الثنائية مع كوهلر، كانت "غنية" و"مثمرة". بوريطة أضاف في تصريح نقلته وكالة المغرب العربي للأنباء، أن الوفد المغربي عقد " لقاء ثنائيا" مع المبعوث الأممي، وأن الأمر لا يتعلق "لا بمسلسل للمفاوضات ولا بمفاوضة، بل باتصال لمناقشة تطور ملف الصحراء المغربية". الوفد المغربي، الذي ضم كلا من بوريطة والممثل الدائم للمغرب لدى الأممالمتحدة عمر هلال، ورئيسي جهتي الصحراء، ذكّر الرئيس الألماني السابق بظروف نشأة هذا النزاع الإقليمي والاعتبارات السياسية، والقانونية والجيواستراتيجية التي أدت إلى نشأته خلال سنوات السبعينات. الوفد حرص، أيضا، على وضع اللاءات التي رفعها الملك في خطاب المسيرة الخضراء، على طاولة النقاش مع هورست كوهلر.