بعدما عاش منزلة بين المنزلتين، وكان الصمت هو سيد الموقف وسطه، مباشرة بعد ترميم حكومة سعد الدين العثماني، وحتى يخرج أمينه العام الجديد من قلب زوبعة تنظيمية جرت عليه الكثير من الانتقادات، وحولت الحزب إلى حلبة للصراع بسبب تهربه من اتخاذ موقف واضح من الحكومة ورمي الكرة في ملعب المجلس الوطني، سارع حزب الاستقلال إلى إطلاق سلسلة من اللقاءات الجهوية، دشنها بتنظيم لقاء تواصلي حاشد بالجهة الشرقية يوم أول أمس السبت. وهي اللقاءات التواصلية التي تؤكد مصادر من داخل الاستقلال، أن قيادة الميزان قررت تنظيمها بمختلف جهات المملكة، من أجل اعتماد "سياسة القرب مع المناضلين والمواطنين للإنصات إليهم والتفاعل مع انشغالاتهم والترافع على مطالبهم وانتظاراتهم". وأوضحت مصادر الجريدة، أن اللقاءات التواصلية التي دشنها الحزب من الجهة الشرقية، فرضتها "الاستراتيجية الجديدة الهادفة إلى تقوية مكانة الاستقلال داخل المشهد السياسي، وتحقيق المصالحة بين الاستقلاليات والاستقلاليين، لأن قوة الحزب تستوجب اعتماد فضيلة النقد الذاتي وقول الحقيقة مهما كانت، وسيكون انعقاد المجالس الإقليمية خلال شهر مارس الجاري، فرصة سانحة لتحقيق المصالحة بين الاستقلاليين وإعادة تنظيم الهياكل والأجهزة الحزبية على أسس متينة". وتعليقا على الخطة التواصلية في الجهات التي دشنها الحزب من المناطق الحدودية للمغرب، وتضمنت تنظيم الملتقى الجهوي الأول للفريق الاستقلالي بمدينة بوعرفة، تحت شعار"السياسات العمومية البديلة لإنعاش الحياة الاقتصادية والاجتماعية بالمناطق الحدودية"، نفى نور الدين مضيان، في اتصال مع "اليوم24″، أن يكون سبب إطلاق حزب الاستقلال للقاءاته التواصلية هو الاستعداد لانتخابات سابقة لأوانها، وقال مضيان إن حزب الاستقلال ليس دكانا سياسيا يفتح أبوابه في الانتخابات فقط، مؤكدا أنه منذ وجد لا يشتغل من أجل الانتخابات وله أجندة سنوية للتواصل قررها مؤتمره الوطني السابع عشر، ولجنته التنفيذية التي وضعت برنامج عمل للتواصل والاستماع للمواطنين في كل مكان. وكشف مضيان في تصريحه للجريدة، أن قيادة الاستقلال تعطي الأولوية للمناطق التي تعاني في صمت وتعيش وضعية اقتصادية متأزمة جدا بسبب البطالة. وشدد مضيان على أن تحرك حزبه في الجهات، ليس الغرض منه هو معارضة الحكومة التي أكد أنها لم تضع برامج استعجالية لإنقاذ المناطق المهمشة، منوها في هذا السياق إلى أن حزب الاستقلال مازال يتبنى موقف المساندة النقدية للحكومة، وهو القرار الذي اتخذه الحزب منذ تعيين بنكيران رئيسا للحكومة، وبقي ساري المفعول إلى يومنا هذا، مؤكدا أن المجلس الوطني سينعقد في بداية أبريل وسيتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب. وعن أهداف اللقاء الجهوي التي نظمه حزب الميزان نهاية الأسبوع الماضي، أوضح رئيس الفريق الاستقلالي بمجلس النواب، في حديثه مع الجريدة، أنه بعد مرور سنتين وزيادة على إطلاق مشروع الجهوية المتقدمة، لا أثر يذكر لهذه الجهوية، مؤكدا أن هناك بطئا شديدا في تفعيلها وسيطرة شاملة للفكر المركزي. ودعا مضيان إلى جلسة تأملية لتقييم ورش الجهوية المتقدمة بشكل جدي، متسائلا ما الفائدة من الجهوية إذا كانت بعض المدن مثل فكيك وبوعرفة مهمشة وتعيش على اقتصاد معيشي بسيط ومحرم؟ واستغرب مضيان غياب الاعتمادات المالية للجهات بعد أن سطرت برامجها التنموية السنوية، مما يعكس رغبة في الإبقاء على الجهوية حبرا على ورق. وكشف رئيس الفريق الاستقلالي بمجلس النواب، أن حزبه قدم إطارا مؤسساتيا سيسهر على تنفيذ البرامج والمخططات الخاصة بتنمية المناطق القروية والحدودية المعتمدة من طرف الحكومة بدل "صندوق التنمية القروية والجبلية" المعمول به. وأكد القيادي الاستقلالي، أن هذا الصندوق أبان عن تعثره وفشله في جعل التنمية القروية والحدودية في قلب السياسات العمومية، بما يضمن تحسين أوضاع ساكنة هذه المناطق والتخفيف من معاناتهم وتأهيل البنيات التحتية وتجويد الخدمات الأساسية المقدمة للمواطنين. وشدد مضيان في ختام تصريحه أن تنمية المناطق القروية والحدودية، تتطلب مقاربة جديدة على مستوى التخطيط والتمويل والاستثمار، تأخذ بعين الاعتبار جميع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، في إطار التقائية مندمجة تضمن السرعة في التنفيذ وربط المسؤولية بالمحاسبة فيما يخص التدبير العمومي.