تتوزع صيغ استحضار ذكرى 20 فبراير، باختلاف السياق وطبيعة العلاقة مع الحدث. البعض يفعل ذلك مستندا على سجل العاطفة والحنين، حيث الذاكرة الشخصية تختلط مع التاريخ العام، في ما يحاول آخرون التعامل مع الذكرى بكثير من الحياد والمسافة السياسية، وهو أمر غير ممكن تماما بالنسبة إلى الجيل الذي شكلت هذه المحطة شهادة ميلاده السياسي والرمزي. الصحافيون، ربما، من فرط التقليد، يعيدون تقريبا السؤال التراجيدي نفسه: ما الذي تبقى من 20 فبراير؟ الباحثون يحاولون تفكيك وإعادة بناء الحدث، اعتمادا على ما تسمح به النظريات المفسرة للحركات الاحتجاجية والاجتماعية، منتبهين إلى طبيعة النظام السياسي المغربي وتحولات المجتمع، واستراتيجيات فاعليه. النشطاء يسترجعون الذكرى، كأي مغامرة مثيرة، مستحضرين التفاصيل الصغيرة للحدث وعشرات الأسماء ومتتاليات من الوقائع، وفقا لسرديات شخصية متقاطعة، مليئة بالشحنة الانفعالية والوجدانية. في التعاليق السياسية العابرة، كثيرا ما تتكرر الإحالة على الحدث، كمنطلق للتحقيب، باعتباره عنوانا لمرحلة جديدة، وضمن ذلك تبدو دائما عملية المقارنة مُغرية: أين نحن من زمن 20 فبراير؟ وما الذي تبقى من 20 فبراير؟ في السطح، وعلى مستوى التدبير التكتيكي للدولة: لا شيء! السلطة استعادت ما تنازلت عنه تحت ضغط الشارع، وانتقلنا من حزب للدولة إلى حقل حزبي كامل تحت المراقبة. أما الدستور – غنيمة الحراك اليتيمة – فقد تحول تحت تأثير عمليات النزيف والتحلل المستمرة، بتعبير أستاذتنا رقية المصدق، إلى وثيقة للاستئناس والتطبيق التقديري. في العمق، وعلى مستوى التحولات الاجتماعية "الثقيلة": تبقى الكثير! المساءلة واقعة "كالفان"، إلى حراك الحسيمة، إلى احتجاجات جرادة أصبحت عقيدة جيل جديد، وأدوات الضبط الانتخابي والإداري والاجتماعي، تم هزمها جميعها شر هزيمة في اقتراع 2015. في الخلاصة: السلطة انتصرت تكتيكيا على مخرجات الهبّة الشبابية، ولكنها موضوعيا عاجزة عن القضاء على روح 20 فبراير، التي لا تعني سوى رفض المجتمع لوصاية الدولة وتحكمها.