ما وقع في الانتخابات الجزئية، أمس الخميس، من أحداث وما تمخض عنها من نتائج، يطرح سؤالين بارزين، أحدهما متعلق بشعبية حزب العدالة والتنمية، وهل فعلا بدأت تتراجع؟ رغم صعوبة قياس تراجع شعبية أي حزب بفقدانه لمقعد انتخابي بعد انتخابات جزئية. والسؤال الثاني، مرتبط باستمرار ما يسمى بآلة الفساد الانتخابي في مغرب ما بعد دستور 2011، وهل فعلا قطعنا مع الأساليب إياها، أم ما زالت تصر على التواجد؟ قوة البيجيدي في المدن الكبرى يُرجع عدد من المتتبعين قوة الحزب الإسلامي إلى تجذره وسط الفئات المتوسطة والمتعلمة في كبريات المدن والحواضر، بينما يبقى صوته الانتخابي ضعيفا وذي تأثير باهت في هوامش المدن، التي يسيطر عليها منطق الولاءات القبلية والشخصية، إضافة إلى سهولة استمالة الناخبين عبر شراء أصواتهم بتواطؤ مع قوى محلية نافذة، وهو ما حصل في مولاي يعقوب وسيدي إفني أمس الخميس 24 أبريل. غير أن هذا المبرر يرى فيه آخرون أنه "غير ذي مصداقية" بالنظر إلى سهولة انتشار المعلومة وسط عموم الناخبين، خاصة بعد دستور 2011 الذي بوأ حزب المصباح المرتبة الأولى في انتخابات 25 شتنبر 2011، مما يعني استمرار صعود الحزب وحصد مزيد من المقاعد على حساب تراجع شعبية المعارضة وطنيا. «معاقبة» لسياسة بنكيران وهناك من يرى، خصوصا من معارضيه وعلى رأسهم حميد شباط، في فقدان العدالة والتنمية لمقعدين في وقت واحد، مؤشرا على "تراجع شعبيته" بسبب ما يصفه خصومه ب"السياسات اللاشعبية" التي تبنتها الحكومة بقيادته، والتي، حسب الخصوم دائما "أضرت بالقدرة الشرائية للمواطن". شباط وآخرون من خصوم بنكيران يعتبرون أن "سقوط" البيجيدي في الانتخابات الجزئية "إرهاص بفقدان قواعد انتخابية"، وتوحي بأن الانتخابات المقبلة ستكون "عقابا" للحزب ل"عدم اهتمامه باحتياجات الفئات الضعيفة"، على حد وصفهم. انتخابات بالسلاح والمال الظفر بمقعد سيدي إفني من طرف مرشح حزب الأصالة والمعاصرة، محمد أبودرار، ب 8 ألاف صوت بنسبة 48,23 في المائة، جاء بعد "رصد تصويت أسماء غير حاضرة بالجماعة، وتصويت أسماء توجد خارج الإقليم وبعضها خارج أرض الوطن" حسب بلاغ للكتابة الإقليمية لحزب العدالة والتنمية بالمدينة. إقليمية البيجيدي استنكرت "خروقات وقعت في بعض مكاتب التصويت بجماعة مستي بعد استمالة أصوات الناخبين بمنحهم مبالغ مالية، واستغلال أصحاب المحلات والدكاكين في ذلك". من جانب آخر، قالت مصادر إعلامية أن فوز أحد المرشحين بسيدي إفني جاء بعد رصد واعتقال عناصر الدرك الملكي لتاجر متلبس بتوزيع مبالغ مالية لاستمالة ناخبين للتصويت لفائدة أحد المرشحين، واعتقال أخ أحد المرشحين ومرافقا له، بعد حجز سيارتهما ومحاولتهما الفرار ببندقية صيد وحقيبة أموال يُشتبه أنها كان ستوزع على ناخبين بجماعة ابضر ومنطقة تانكارفا.