بعد هبوب رياح الربيع الديمقراطي العربي الذي نخلد هذه الأيام ذكراه الثالثة، وما تلاه من حراك ديمقراطي بوأ الأحزاب الإسلامية تسيير شؤون عدد من البلاد العربية ومنها المغرب، حيث تولي حزب العدالة والتنمية قيادة الحكومة المغربية، استرجعنا أنا وأصدقائي ذكريات زمان، ذكريات الحكم الإسلامي وما شهدته الشعوب الإسلامية آنذاك من تقدم وتطور وازدهار على ألى مستوى وفي جميع المجالات. أخيرا جاءت اللحظة التي سنقضي فيها على تلك الشخصية المجرمة (الفساد) التي تعايشت معها الدول الإسلامية لعقود واستأنست بها ثم قبلتها كأمر واقع ليس لها مانع، فاستغلها (الفساد) فرصة مواتية فاستوطن واستأمن ، فأصبح له مكان خاص في كل قلب من قلوب تلك الدول،وأسس في كل فروعها جيشا وخدما وحراسا مخلصون يدافعون عنه ، وعلى رأسهم مملكتنا الحبيبة. ومما لا شك فيه انه لم يتغير شيء، في كل مرة تمر على مسامعنا أن هناك تنمية ، تجديد، حضارة،لكن الواقع يثبت عكس ذلك، اللهم بعض الاستثناءات التي لا تغني ولا تشبع من جوع ، أو التي ليست موجهة للمواطن البسيط. نعم منذ الاستقلال وما زال التخلف يسكننا إلى يومنا هذا، وما زال المجتمع المغربي يشهد نوعا من التكاسل على أعلى مستوى في جميع المجالات؛ السياسية الاقتصادية، الثقافية والاجتماعية الفكرية وحتى التربوية. وما زال المواطن المغربي يصارع من أجل لقمة العيش، أو بمعنى أدق يصارع من أجل البقاء، ويحاول بكل ما أوتي من قوة البحث عن السبل الكفيلة لتحقيق عيش كريم له ولأسرته، بعيدا عن ذاك الحلم الذي كان يحلم به وهو صغير وعن ذلك الغد الأفضل الذي كان يطمح فيه أن يصبح وزيرا، عالما، دكتورا، قاضيا، عمدة المدينة، رئيسا لما لا... لكن أدرك أنه من يكون فقيرا ما عليه سوى أن يبقى خادما لسلطة وهيمنة المترف.... وإذا نظرنا إلى التناقضات التي نعيشها مقارنة مع الغرب، لتأكدنا بشكل قاطع، أن مستوى التنمية البشرية في المغرب (بل الوطن العربي برمته) شبه مُجمدة ولا تتحرك ولن تتحرك في اتجاه التقدم بسبب حفاظ "الشخصية المجرمة" (المُفسدين) على مناصبها ومواقعها في أعلى دوائر القرار. نعم بسبب الشخصية المُجرمة يعيش المواطن كحيوان يعاني الجوع ويصيبه المرض ويتعرض للحركة ولا يستطيع الحراك، نعم الشخصية جعلت المواطن يستمر في هذا السكون ويدور في نفس العجلة رغم تعاقب الزمان وفي أي مكان وتحت قيادة أي كان.