على بعد أقل من 10 أيام على انتخاب رئيس مجلس المستشارين اتضح الخلاف جليا بين أحزاب المعارضة بخصوص الاسم الذي ستتقدم به للمنافسة على هذا المنصب، و بخاصة بين قطبي الرحى فيها، حزب الاستقلال و حزب الأصالة و المعاصرة، علما أن النتائج المحصل عليها تتيح للمعارضة الفوز برئاسة الغرفة الثانية، بناء على الخريطة السياسية الحالية. حتى الآن يسود اعتقاد كبير لدى الأوساط السياسية أن حزب الاستقلال فك ارتباطه مع المعارضة، وتحديدا مع حزب الأصالة و المعاصرة، و أنه سيشرع في المساندة النقدية للحكومة استعدادا لمحطة 2016، مستدلين على ذلك بعدد من الأمور، منها بالذات، تغير خطاب قياديي "الميزان" تجاه حزب العدالة و التنمية، بالإضافة إلى الأزمات التي انفجرت بين حزبي "الجرار" و "الميزان" في عدد من الجهات و المدن. هذا التحول المفاجئ في موقف حزب الاستقلال، و الذي تسرب ليلة انتخابات 3 شتنبر برره مهتمون بالشأن السياسي بالهزيمة النكراء التي مني بها حزب الاستقلال و فقدانه تسيير عدد من المدن، منها مدينة فاس، التي يعتبرها الحزب معقله، لصالح حزب العدالة و التنمية، الذي يقود الحكومة التي يعارضها الاستقلال، ناهيك عن أن الانتخابات الجماعية الأخيرة لم تكن مجرد استحقاق عادي، نظرا لحمولتها وتوقيتها، وما أفرزته من نتائج رأى فيه البعض "تصويتا عقابيا" على منهجية المعارضة في الاشتغال، بسبب تدني خطابها السياسي و ابتعادها عن مناقشة الأمور المهمة، ذات الارتباط المباشر بقضايا المواطنين. رئاسة مجلس المستشارين ستشكل إذن أول حلبة سيتصارع داخلها "البام" و "الاستقلال"، حيث تقدم حزب الميزان، بعبد الصمد قيوح، وزير الصناعة التقليدية، في حكومة بنكيران الأولى لإرضاء عائلة قيوح، التي غضبت كثيرا من خروج الاستقلال من الحكومة، حيث انتشرت أخبار آنذاك تفيد بقدوم قيادات استقلالية وازنة لمدينة آكادير على عجل لإقناع عائلة قيوح بعدم مغادرة حزب علال الفاسي، بعد فقدان ابنها لمنصبه كوزير. أما حزب الأصالة و المعاصرة فمن المنتظر أن يرشح رئيس مجلسه الوطني، حكيم بنشماس لهذا المنصب، الذي كان يحتله الأمين العام السابق ل"البام" محمد الشيخ بيد الله، و فقدان "الجرار" لهذا المنصب سيعتبر انتكاسة، خصوصا و أننا على أبواب الانتخابات التشريعية، في الوقت الذي سيعتبر فيه فوز حزب الاستقلال به، فرصة للقيادة الحالية للحزب لترميم صورتها، التي اهتزت كثيرا في انتخابات 3 شتنبر، وستعيد حزب الاستقلال للواجهة من جديد. حزبا "البام" و "الميزان" ليسا اللاعبين الوحيدين في الرقعة، حيث من المحتمل جدا أن تتقدم الأغلبية بمرشحها أيضا، حيث يتداول بشكل قوي دفع حزبا العدالة و التنمية و التقدم و الاشتراكية بالمستشار التقدمي عبد اللطيف أوعمو، الذي تمكن من الظفر بمقعده عن جهة سوس ماسة، بدعم من مستشاري ال"بيجيدي" ال 23، الذين صوتوا له بقرار من الأمانة العامة للمصباح. المدافعين عن هذا الطرح يرون في ذلك و فاء لحزب التقدم و الاشتراكية، الذي ظل ثابتا في تحالفه مع العدالة و التنمية، وتعويضا لحزب بنعبد الله، الذي يعتبر اكبر الخاسرين في انتخابات مجلس المستشارين، حيث تقهقر من 12 مقعد إلى 2 فقط. لكن هناك سيناريو آخر، إذ من المرجح أن تظهر تحالفات أخرى خارج التحالفات الموجودة حاليا، و التي ظهرت بوضوح في انتخابات رؤساء المجالس الجهوية و الإقليمية بحالف "الأحرار" مع "البام" في عدد من الجهات رغم تحالفهم مع حزب العدالة و التنمية، كما أنه من المنتظر أن يدعم حزب العدالة و التنمية حزب الاستقلال لقطع الطريق على الأصالة و المعاصرة، لاسيما و أن الاستقلال يتجه للمساندة النقدية للحكومة.