عندما أعلن وزير الدفاع المصري، عبد الفتاح السيسي، انقلابه العسكري على الرئيس المنتخب، محمد مرسي، في الثالث من يوليوز من السنة الماضية، حدث شرخ كبير على مستوى الخط التحرير لقناتين عربيتين هما الأكثر مشاهدة على المستوى العربي، وهما «العربية» و«الجزيرة». فدعمت الأولى الانقلاب وسمته «ثورة»، و«وقفت» الثانية إلى جانب رافضي الانقلاب والداعين لعودة محمد مرسي إلى منصبه. فيما توحدت القناتان في موقفهما من سوريا. مواقف قناتي «العربية» و«الجزيرة» مما حدث في مصر في الثالث من يوليوز الماضي، يراه متتبعون انعكاسا مباشرا لمواقف الدول التي تنتميان إليها. فالعربية، التابعة لمجموعة "م بي سي" صاحبها سعودي. والمملكة العربية السعودية عبرت منذ الوهلة الأولى عن دعمها لعبد الفتاح السيسي مباشرة بعد إعلانه الانقلاب وباركته وهنأت الرئيس "المؤقت" الذي عينه. وهو موقف طبيعي من السعودية على اعتبار "رفضها" لجماعة الإخوان المسلمين التي أوصلتها صناديق الاقتراع إلى الحكم وليس بالقوة. وعبر تغطياتها الإعلامية للمظاهرات، حرصت القناة السعودية على مواطبة الفعاليات المؤيدة للسيسي، وهمشت المظاهرات الرافضة للانقلاب العسكري، بل واستعملت فيديوهات مبثوثة على موقع اليوتوب الشهير، وصفت "بالمفبركة"، لتوريط جماعة الإخوان المسلمين وإظهارها كجماعة "إرهابية"، في أفق إعلانها كذلك، وهو ما تم فعلا، رغم أن الأخيرة تؤكد في كل مرة على أن فعالياتها وأن خيارها الأوحد السلمية. أما "الجزيرة" القناة قطرية، يوم الإعلان عن الانقلاب العسكري لم تسميه كذلك، في ما سماه مهتمون ب"الانزلاقة الخفيفة"، قبل أن تستدرك وتسمي حادث الثالث يوليوز بالانقلاب العسكري. وهو، كما هو الشأن بالنسبة ل"العربية"، انعكاس للموقف الرسمي القطري من الحادث ذاته. وهكذا غطت "الجزيرة" مظاهرات المنادين بعودة الشرعية والرافضين للانقلاب العسكري، بل وكشفت في بعض تقاريرها عن "زيف" فيديوهات بثتها "العربية" ضد "الإخوان"، وشككت في رقم 30 مليون، الذي قال السيسي أنه فعل ما فعل استجابة لطلبهم في عزل محمد مرسي. ووصل الأمر ب"الجزيرة" أن أثارت غيض سلطات الانقلاب في مصر، فأغلقت مكاتبها واعتقلت بعضا من أطقمها الصحافية، وأحيل بعضهم على محكمة الجنايات في سابقة من نوعها بأم الدنيا، بعدما ربطتهم بالجماعة التي أعلنتها "إرهابية". غير أن القناتين ظلتا متوحدتين في موقفهما من الثورة ضد نظام بشار الأسد في سوريا، وظهر بشكل جلي دعمهما للثوار، وهو، مرة أخرى، انعكاس لموقف المملكة العربية السعودية ودولة قطر الرافض لنظام بشار الأسد، على اعتبار أنه ينتمي للائفة العلوية المتشيعة، والمدعوم من طرف حزب الله وإيران الشيعيتين، وهما أيضا عدوين لدودين ليس للسعودية وقطر فقط، بل ولدول أخرى أيضا.