صحيفة اليوم السابع نشرت صورة رجل مؤيد لمرسي على أنه معارض له لا تزال معركة الحشود والحشود المضادة تسيطر على الأزمة المصرية بشكل كبير، فبينما انصرفت وسائل الإعلام المصرية الرسمية والخاصة عن تغطية أخبار الحشود المطالبة بعودة الرئيس المعزول محمد مرسي والرافضة لما تسميه "الانقلاب العسكري"، تسعى بالمقابل للمبالغة في تصوير الحشود المؤيدة لخارطة الطريق التي أعلنها وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي. ومع هذه المبالغة في أعداد الحشود المؤيدة للسيسي، يبرز عدد من الأخطاء التي -بحسب ناشطين- تكشف حقيقة الأمر. فبينما كانت الفضائيات المصرية الرسمية والخاصة تبث صورا تقول إنها مباشرة لميدان التحرير يوم الجمعة الماضية ليلا وتظهره وهو مكتظ عن آخره بمئات الآلاف من المتظاهرين، أظهر مقطع فيديو نشره موقع "وول ستريت جورنال" وتم تصويره بواسطة طائرة تابعة للقوات المسلحة المصرية أن الميدان شبه فارغ. ويعلق الناشط أحمد غانم على ذلك بالقول إن الفيديو يظهر "الحجم الهزيل للبقية المتبقية من متظاهري كرنفال التحرير الذين استمروا لساعات محدودة في التحرير من بعد الإفطار وحتى الساعة الثانية ليلا". ويربط النشطاء بين موعد تصوير ميدان التحرير -في الثانية والنصف صباحا- والمجزرة التي كانت تجري في الوقت ذاته للمعتصمين أنصار مرسي قرب رابعة العدوية وأوقعت عشرات القتلى وآلاف المصابين. ويضيفون أن الأمر ربما كان لتعطيل المراسلين الأجانب تحديدا عن تغطية هذه المجزرة. يذكر أن التلفزيون المصري الرسمي كان قد بث صورا التقطت بالطائرة وتظهر حشودا هائلة في ميدان التحرير مساء يوم الجمعة، إلا أن ناشطين أكدوا أنها صور لمظاهرات سابقة بالميدان. مؤيدون ورافضون وليس بعيدا عن السياق ما نشرته شبكة "رصد" الإخبارية تحت عنوان واقعة "تزييف" الشؤون المعنوية التابعة للقوات المسلحة لفيديو مظاهرات الجمعة نفسها في المحافظات المصرية. تقول "رصد" إن المتحدث العسكري نشر على صفحته الرسمية على موقع الفيسبوك مقطع مصورا يظهر ميدان بالاس في محافظة المنيا مقر اعتصام رافضي "الانقلاب العسكري"، على أنه مكان في محافظة بني سويف يحتشد فيه متظاهرون مؤيدون للجيش. وتضيف "رصد" أن مؤيدي مرسي يعتصمون في ميدان بالاس منذ 3 يوليو/تموز الجاري وقبل إذاعة بيان السيسي الذي أعلن فيه ما سمي "بخارطة الطريق"، ولم يتواجد منذ تلك اللحظة أي متظاهر من مؤيدي الجيش في الميدان، وتمركر تظاهرهم يوم الجمعة الماضية أمام مبنى المحافظة. وللتأكيد على صحة ما تقول، نشرت "رصد" رابط الفيديو من صفحة المتحدث العسكري: http://goo.gl/WCO5sr، كما قدمت شرحا لعملية "التزييف" عبر صورة مكبرة: http://goo.gl/4LEL5M. ولم يقتصر الأمر على القنوات الفضائية أو صفحة المتحدث العسكري على موقع الفيسبوك، وإنما تكرر في الصحف المصرية المطبوعة التي نشر بعضها صورا لأنصار مرسي على أنهم معارضون. وكان أبرز تلك الأخطاء ما نشرته صحيفة "اليوم السابع" السبت الماضي حين وضعت صورة كبيرة على صدر صفحتها الأولى لمتظاهر، وكتبت "الشعب ضد الإرهاب"، في إشارة إلى المتظاهرين المؤيدين لدعوة السيسي بتفويض الجيش لمواجهة "الإرهاب". لكن المفاجأة تمثلت في أن الرجل الذي وضعت صورته كان من أنصار مرسي في ميدان رابعة العدوية، حيث ظهر لاحقا على منصة الاعتصام ممسكا بإحدى يديه صورة مرسي، وبالأخرى الصحيفة التي نشرت صورته على أنه متظاهر ضد مرسي. وكان أكثر الأخطاء لفتا للأنظار ما بثته قناة "سي بي سي" الخاصة على أنه نقل مباشر للمظاهرات في ميدان التحرير، إلا أن المفاجأة تمثلت في سماع صوت أذان المغرب قبل موعده الحقيقي بربع الساعة، بالإضافة إلى أصوات المتظاهرين التي ترفع شعار "ارحل.. ارحل"، وهو ما عزاه النشطاء إلى أنها لقطات سابقة من تظاهرات المعارضين لمرسي في 30 يونيو/حزيران السابق قبل أن يعزله وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي. أما قناة "أون تي في" فنقلت مسيرة حاشدة للمتظاهرين بالقرب من مسجد الاستقامة بمحافظة الجيزة على أنها مؤيدة لدعوة السيسي، وأخذ مذيع القناة وضيفه يشيدان بالأعداد الحاشدة في المظاهرة، قبل أن يتنبها إلى أنها مظاهرة مؤيدة لمرسي، وعلى الفور توقف بث اللقطات. ولم يقتصر الأمر على القنوات الخاصة فقط، فقد بث التلفزيون المصري الرسمي لقطات بالطائرة لميدان التحرير ممتلئ بالمتظاهرين، إلا أن النشطاء قالوا إنها قديمة، وأكدوا أن اللقطات التي بثت كانت نهارية حيث لم تكن الحشود بالميدان كبيرة. ودلل النشطاء على صدق مقولتهم بأن الشاشة الضخمة التي ظهرت بالميدان في هذه اللقطات لم تكن موجودة اليوم من الأساس. وعلى صعيد القنوات التي تنقل التظاهرات المؤيدة لمرسي، وكلها قنوات غير مصرية بعد أن تم إغلاق القنوات المؤيدة لمرسي، كتب عزام التميمي مدير قناة الحوار ومقرها لندن، على موقع تويتر، "القناة تتعرض الآن للحجب التام على قمري نايلسات وعربسات. للأسف كنت أظن خيراً بجماعة العربسات، ولكنهم خيبوا ظني. إنه المال". يذكر أن قناتي الجزيرة والجزيرة مباشر مصر تتعرضان للتشويش على تردداتها على قمر النايل سات عقب صدور بيان القوات المسلحة الذي عزل الرئيس محمد مرسي مساء الثالث من هذا الشهر. تغطية مستمرة وكان نحو 28 قناة مصرية رسمية وخاصة قد خصصت تغطيتها الجمعة لفعاليات المظاهرات التي خرجت في العاصمة القاهرة والمحافظات الأخرى تجاوبا مع دعوة وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي بالنزول إلى الميادين لتفويضه من أجل مواجهة ما أسماه ب"الإرهاب". وألغت هذه القنوات الرسمية والخاصة برامجها الرمضانية المعتادة، وركزت تغطيتها على فعاليات مظاهرات الجمعة، وشمل ذلك أيضا: القنوات المتخصصة في الدراما، ومنها "نايل دراما" (رسمية)، ونايل كوميدي (رسمية)، ونايل سينما (رسمية)، وسي بي سي دراما (خاصة). وخرجت هذه القنوات تحت شعارات شبه موحدة، فبينما استخدمت القنوات المصرية الرسمية شعارا موحدا هو: "مصر ضد الإرهاب"، خرجت غالبية القنوات الخاصة بشعارات مشابهة، فكان شعار قناة "أون تي": "شعار كل الميادين.. مصر ضد الإرهاب"، و"دريم": "مصر ضد الإرهاب" و"سي بي سي": "26 يوليو.. مصر ضد الإرهاب". وكانت قنوات "الحياة" و"دريم" و"النهار" و"صدى البلد" و"سي بي سي" و"أون تي في" و"المحور" و"التحرير" و"القاهرة والناس" قد قالت في بيان لها الأربعاء إنها لن تعرض المسلسلات الرمضانية اعتبارا من موعد صلاة الجمعة حتى فجر السبت. وجاء قرار هذه القنوات الخاصة تلبية لدعوة وجهتها "جبهة الإبداع المصرية" ونقابات الممثلين والسينمائيين والموسيقيين المصريين إلى القنوات الفضائية المصرية من أجل التوقف عن عرض المسلسلات والدراما يومي الخميس والجمعة. وغابت المظاهرات المؤيدة لمرسي إلى حد كبير عن تغطية القنوات المصرية الرسمية والخاصة، والتي اقتصرت في تغطيتها على عرض لقطات محدودة من ميدان رابعة العدوية ضمن مظاهرات أخرى مؤيدة لدعوة السيسي، بينما كان التركيز الأكبر في تغطيتها على ميدان التحرير. ** المصدر : الجزيرة نت