كان جمهور مدينة الدارالبيضاء، مساء أمس الخميس بمسرح محمد السادس، على موعد مع المسرحية التونسية "بورقيبة .. السجن الأخير"، لمحمد رجاء فرحات نصا وإخراجا وأداء. ويستحضر هذا العمل المسرحي سيرة الزعيم لحبيب بورقيبة، عبر رحلة في ثنايا الذاكرة والكفاح الطويل من أجل نيل الاستقلال والحرية، المجاهد أصبح شيخا يتذكر تقلبات ومختلف الخيارات السياسية على الصعيد الوطني والقومي والعالمي ومحطات من القرن العشرين لبلده تونس وكذا العالم وأحداثه من ثورات وحروب عالمية. ويواصل بنا فرحات الإبحار في ذاكرة الزعيم التونسي الراحل الحبيب بورقيبة إلى غاية اندلاع الكفاح المسلح بتونس وسقوط العديد من الشهداء خاصة قادة الكفاح على رأسهم فرحات حشاد إلى أن نالت تونس سيادتها. كما يستحضر هذا العمل المسرحي، الذي يشخص دوريه الفنانان رجاء فرحات وأمل فرجي، شخصيات قامت بأدوار تاريخية في أوطانها منهم الملكين الراحلين محمد الخامس والحسن الثاني والزعيمان محمد بن عبد الكريم الخطابي وعلال الفاسي والرئيسان الراحلان المصري جمال عبد الناصر والأمريكي جون كينيدي. وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، قال الممثل رجاء فرحات إن الدرس الكبير الذي يجب على أبناء المغرب الكبير استخلاصه من هذه المسرحية هو عدم نسيان ماضيهم لأنه "لا مستقبل لنا بدون الرجوع إلى تاريخنا". وأضاف أنه "إذا لم نفهم التاريخ ولم نستوعب الدروس، على الأقل التاريخ القريب من القرن العشرين، ومسيرة التحرير وآمال شعوب المنطقة في معركة الاستقلال والتحرير وعطاء النخبة الكبيرة من أبناء الشعب الذين درسوا في الكليات بتضحيات من عائلاتهم، لن نفهم أي شيء". وأبرز صعوبة إقناع شباب اليوم بأن له أمل في الحياة، موضحا أن الكفاح المقبل والمرحلة القادمة هي مرحلة التطوير والبناء الجديد. وقال يجب أن لا ننسى أن المنطقة العربية بلاد حضارة كونية عالمية، والعولمة بدأت في بغداد والقيروان وفاس وغرناطة واشبيلية وقرطبة، مؤكدا أنه "يجب أن نستعيدها" ومن الضروري العمل على إحداث جامعات متفوقة في البحث العلمي والتكنولوجي، وبناء ديمقراطية سليمة تضمن الحق لكل أبناء وبنات الشعب في ظل معركة الفوز الكبير بالمعرفة. وواصل أن الراحل بورقيبة من الناس الذين آمنوا إيمانا كبيرا بمعركة المعرفة وبأن التغلب على الصعاب لا يأتي إلا بالمدارس وبالجامعات، وتثقيف الشباب وتكوينهم وإلا "فسنخسر كل شيء". وسبق أن قام المخرج التونسي محمد رجاء فرحات، الذي درس الآداب الإيطالية والمسرح على أيدي أساتذة بيكولو تياترو في ميلانو بالخصوص، بجولة عالمية خلال 2013 - 2014 بمسرحية "بورقيبة .. السجن الأخير" شملت باريس وإكس أون بروفانس ودبي، وستعرض قريبا في باريس ومدريد وميلانو ومونريال وواشنطن وفيلاديلفيا. وقد أنجز فرحات، وهو مؤلف ومخرج للمسرح والراديو والتلفزيون، عشرات الأعمال من ضمنها سلسلة "حواضر الشرق" عن المدن الكبرى في الثقافة العربية وكذا السلسلة الإذاعية الفرانكفونية "أبيسيدير" حول العصور الرومانية والبيزنطية في إفريقيا. ويعد مطلعا على تاريخ الساحة الثقافية والفنية المغربية وعارفا بجل مبدعيها منذ إسهامه في تحرير موسوعة الفنون المغربية وتأسيس المهرجان الدولي لأصيلة عام 1978. كما سيكون للجمهور المغربي موعد مع مسرحية "بورقيبة .. السجن الأخير" للمسرح الصادقي بتونس، وبتعاون مع جمعية المنار، بكل من طنجة (21 فبراير) والرباط (22 فبراير).