المقرئ الإدريسي أبوزيد،أستاذي وصديقي.استفدت منه الكثيرن وعرفته عن قرب.واستمتعت مثل غيري من الشباب الجامعي في تسعينيات القرن الماضي بمحاضراته التي تتدفق عطاء فكريا ونقديا.لم يكن ابن التنظيم بالمعنى الصارم للمنتمي التنظيمي. كان ميالا للتفلت من القيود التنظيمية،والتمرد على النسق.وكان يمثل،في حينه ومازال إلى حدما،حالة اجتهادية نوعية وسط المثقفين الإسلاميين.باحث ذكي،ومطلع نهم،وصاحب قدرات تبليغية وتواصلية غير طبيعية،مع التوفر على ذاكرة حديدية وغنية. عيبه أنه بقي مثقفا شفويا لايكتب إلا نادرا،مع أن جل محاضراته كانت عبارة عن أطروحات بحثية متكاملة.كان يزورنا في سوس؛في الجامعة أو في الجمعيات. وكان يحصل لي شرف مرافقته،وهو المعجب بسوس وبعلمائها أكثر من الكثير من السوسيين.تأسفت للحملة الشرسة وغير الأخلاقية التي تشن عليه وعلى أسرته،لأسباب مجهولة،ويبدو لي أنها أكبر من زلة لسان،في الزمان والمكان المعلومين،غير غريبة،هذه الزلة، وسط المحاضرين الشفهيين. وبالمناسبة قال الكثير الكثير مما يستحق النقد والمراجعة منه،في أكثر من مناسبة،ولكن لاأحد انتبه إلى ذلك،وهو يجوب المغرب والعالم طولا وعرضا.لم أعرف يوما عن أبي زيد عنصرية أو تحقيرا للسوسيين أو لأي كان من ألوان الطيف الفكري والسياسي والإثني في المغرب. كان يعتبر نفسه ملكا لكل التيارات،ولايرفض أية دعوة تأتيه من أي منها.أبوزيد رجل تقرأفي عينيه الصدق والبراءة والحب،وله أخطاء كما لكل الناس.لكنه لايستحق هذه الحملة الظالمة،التي شنها البعض القليل عليه بصدق وبرد فعل على كلام غير مقبول،ولكن الكثيرين من المغرضين يستهدفون في أبي زيد قيمه الفكرية والأخلاقية وحيويته التواصلية. أبو زيد وجه لامع للمغرب وللمغاربة حيثما حل وارتحل،يستحق الدعم والمساندة في هذه المحنة التي يجتازها،لكنه يحتاج أيضا إلى النصح بالمراجعة الذاتية الصارمة،وعدم الخضوع لسلطة النجومية والشهرة وإعجاب الكائنات التنظيمية والحزبية. وكم أرجو أن يأخذ أستاذي العزيز المقرئ بعض الوقت للقطع مع الحالة الشفوية التي استغرقته وأفقدته الكثير من عمقه وسعة عقله،ويتفرغ لإخراج محاضراته الكثيرة الكثيرة والمتنوعة والغنية من حيث المواضيع والإشكاليات والمداخل التحليلية في شكل أبحاث ودراسات وكتب رصينة ومحكمة بما يفيد البحث الفكري والنظري الإسلامي. أعتقد أن الأستاذ المقرئ سيخرج من هذه المحنة أكثر قوة وقدرة على العطاء المتجدد.مرة أخرى أعلن دعمي ومساندتي لرجل عظيم في حجم المقرئ الإدريسي أبي زيد؛الشلال الثقافي المتدفق.