كثيرة هي المواقف التي يمكن ان يتعرض لها أحدنا من همز ولمز وشتم وسب ، لمجرد أن بشرة لونه سوداء ، أو لأنه ابتلي بإعاقة ما أو لأنه غليظ أو رقيق الشكل أو ...إلخ، فيكفي أن تكون واحدا من بين هؤلاء لتجد نفسك إما منبوذا أو مقهورا أو مغلوبا على أمرك أو محجورا على فعلك ، وأحسنها مقاما أن تتبعك الأعين وتغتابك الألسن في "الغادة والجاية" وارتبط الموروث الثقافي المغربي بقصص و حكايا جعلت من البعض نماذج للسخرية ، وارتبط شكلهم بالتنكيت ، ومنها العزي الذي يقصد به الشخص الاسود ، أو الطبوزي التي تعني الشخص الضخم ، أو بورتكلي التي تعنى الشخص القصير، أو لقب ارتبط بمنطقة معينة كالكربوز والعروبي وغيره,...،وهي الاسماء التي تستعمل بألفاظها المذكورة لكن بمضمون تحقيري للأخر، كذكر العزي الذي لا يفعل شيئا يرضى عليه الاخرون " العزي معمروا ميديرها زينا"، أو الكربوز بمعنى الساذج ، أو العروبي بمعنى رجل البادية الذي لا يفقه في الامور شيئا " . الباحث في أغوار هذه الاسماء والمسميات يجد لها أصولا في تعامل القدامى مع هذه الفئة من الناس ،فمثلا شاع أن بعض القبائل الامازيغية لا يمكنها تزويج بناتها لرجل أسود ، وتواثرت حكاية شفهية لأحد الشباب السود الذي سدت في وجهه كل الابواب للزواج بفتاة بيضاء البشرة ، فلم يجد سوى باب إمام القرية فلربما ينصفه إعمالا بقوله تعالى " لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى..." علم الإمام بقدوم الخاطب، فأمر ابنته بطبخ الكسكس لكن عوض-بفتح العين اللحم بالضفادع ، ولما قدم الشاب ، دعاه إلى مائدة الطعام قبل الكلام في صلب الموضوع ، فعاف الضيف أكل طعام بالضفادع ، فسأله الامام عن امتناعه عن الاكل، وهل الامر يرتبط بأكل محرم ؟، فنفى الشاب التحريم لكنه أكد بأن نفسه عافت الاكل ، ليجد الشيخ مدخلا لرفض دعوة الشاب ، يا إبني ان ما اتيتني من أجله كهذا الطعام حل أكله لكن نفسي تعافه ، ففهم الشاب الرسالة وانصرف ،وكثيرة هي القصص المعكوسة بالنسبة لأهل البادية مع أمازيغي ، أو الوجدي مع البركاني ....إلخ ليطرح السؤال هل الشعب المغربي شعب عنصري بطبعه ، هل الكمال والجمال بالنسبة إليه يرتبطان بلون البشرة؟ ، وهل يكفي اللون الابيض والمنطقة التي تنحدر منها حتى يرضى الاخر عن سلوكك ؟ فأن يتم افتعال ضجة ضد أحد المفكرين المغاربة لا لشيء إلا لأنه عرى هذا التراث الثقافي الدفين ، ولو في غير نفس السياق الذي نتحدث عنه، هو ما لا يفهم ، وغير منسجم مع موروث لم يفارق ثقافتنا وما زلنا نتداوله شفاهة وسلوكا، وكأنها الشمس التي نحاول حجبها بالغربال