يبدو أن العلاقة بين التيار السلفي والدولة سيأخذ منحى آخر، بعدما توقع العديد من المختصين في شؤون التيار السلفي بالمغرب، بأن الأمور تتجه نحو الحل النهائي لملف السلفية، بعد الإفراج عن بعض الشيوخ، كخطوة أولى للإفراج عن كافة المعتقلين على خلفية أحداث 16 ماي من 2003 الإرهابية، وهو الأمر الذي لازال لم يحدث حتى اليوم. فالتطورات الأخيرة التي يعرفها ملف المعتقلين الإسلاميين في سجون المملكة، لا تبشر بخير، خصوصا بعد دخول العشرات من السجناء الإسلاميين في إضراب مفتوح عن الطعام، نتج عنه حتى الآن وفاة، المعتقل الستيني المقعد محمد بن الجيلالي، صبيحة الثلاثاء الماضي بمكناس، بسبب غياب الرعاية الصحية والإهمال الذي تعاملت به سلطات السجن مع حالته الصحية. ويتحدث العديد منهم الحقوقيين المهتمين بالدفاع عن المعتقلين الإسلاميين، عن عشرات الإسلاميين المضربين عن الطعام، وحالاتهم الصحية المتدهورة التي تنبئ بحدوث وفيات جديدة في صفوفهم، في حال ما استمرت السلطات المعنية في تجاهل مطالبهم التي وصفوها بالمشروعة. وفي أول رد فعل ميداني للتيار السلفي على وفاة المعتقل بن الجيلالي، نظم أتباع التيار السلفي العشرات من الوقفات الاحتجاجية في كل من الدارالبيضاء وسلا وطنجة وتطوان والناظور والعرائش، أمام المساجد عقب صلاة الجمعة، رددوا فيها شعارات منددة ب"الظلم" و"الإهمال" الذي يطال معتقليهم. كما شهدت العديد من السجون المغربية تنظيم إضرابات عن الطعام، قالت لجنة الدفاع عنهم إنها بمثابة إنذار للسلطات من أجل التفاعل مع مطالبهم، وكذا للتنديد بوفاة المعتقل محمد بن الجيلالي، في إشارة واضحة إلى أن المعتقلين الإسلاميين يتجهون للتصعيد من احتجاجاتهم سواء داخل السجون أو خارجها. وأمام هذا الوضع المشحون والعلاقة المتوترة بين السلفيين والدولة، بسبب حادث الوفاة والاختلالات التي تعيشها السجون المغربية، والتي سبق أن نبهت إليها العديد من الهيئات الحقوقية الوطنية والدولية، أعلنت لجنة متابعة المشاورات حول الحالة السلفية اعتزامها تنظيم ندوة صحفية، ينتظر أن تعلن فيها عن تطورات ملف السلفية، بعد تعثر فتح الحوار الذي دعت إليه اللجنة مع المندوبية العامة لإدارة السجون. وبين هذا الموقف وذاك، يبقى السؤال معلقا في السماء، متى ستعمل الدولة على طي ملف أحداث 16 ماي بشكل نهائي وتكشف حقيقة الملف للرأي العام؟ وهل تملك الدولة إرادة حقيقية في إدماج التيار السلفي في الحياة العامة قبل أن ينفجر الملف وتحرق ناره جلبابها؟.