السلفية الجهادية تصفه ب"أم غريب" والمنظمات الحقوقية تتحدث عن وفيات داخله بسبب التعذيب واللامبالات قبل ما يزيد عن السنة بقليل، خرج بيان لمعتقلي ما يسمى ب "السفلية الجهادية" بالمغرب، يتحدث عن الأوضاع التي عاشها بعضهم في السجون المغربية، وعن الظروف التي مازالوا يعيشونها في ظل عدم الاهتمام بمطالبهم. البيان الذي سُرب عن طريق المرصد الإعلامي الإسلامي في لندن، وصف سجن "أوطيطة2" الذي يوجد بضواحي سيدي قاسم ب "أم غريب"، وانتقد بشدة مديره السابق إدريس البوزيدي، الذي وصفه البيان بالجلاد الذي أذاق المعتقلين اشد أنواع التعذيب والتضييق بسجن "أوطيطة2" الذي تنشر "هسبريس" صورته لأول مرة في منبر إعلامي. بعد ذلك بسنة واحدة، أي ونحن في سنة 2010، خرجت "الجمعية المغربية لحقوق الانسان" بتقريرها السنوي حول الوضعية الحقوقية بالمغرب خلال سنة 2009. التقرير سلط في جزء منه الضوء على وضعية المعتقلين داخل السجون المغربية، وجاء على ذكر سجن "أوطيطة2" الذي تحدث التقرير عن حالة وفاة داخله نتيجة "الإهمال وغياب الرعاية الطبية للسجين ادريس الشواف، الذي يبلغ من العمر 32 سنة، والذي كان في وضعية صحية متدهورة مع اهمال الإدارة له. وهو ما ادى إلى وفاته"، يقول تقرير الجمعية لسنة 2009، والذي صدر مؤخرا، وتتوفر "هسبريس" على نسخة منه. حالات الوفاة بسجن "أوطيطة2" اثارها أيضا تقرير "المركز المغربي لحقوق الانسان" الخاص بسنة 2005. التقرير تحدث على أن الغرفة 17 بحي باء بسجن "أوطيطة2" شهدت وفاة المعتقل خالد بوكري الذي كان يحمل رقم الاعتقال 777 بعد دخوله في إضراب عن الطعام، خلافا لبلاغ وزارة العدل حينها الذي تحدث عن أن خالد بوكري توفي بسبب مرض مزمن. وهو ما جعل "المركز المغربي لحقوق الانسان" يطالب بفتح تحقيق مستفيض لمعرفة حقيقة الوفاة التي لم تتضح إلى اليوم. انتهاكات أخرى شهدها سجن "أوطيطة2"، حسب التقارير الحقوقية. حيث عرف المعتقل حينها عبد الصمد بن عباد نزيل "اوطيطة2" حالة من التدهور في صحته بعد تقيئه للدم اثر دخوله في اضراب مفتوح في الثامن من غشت سنة 2005 لتلبية مطالبه في نقله إلى مراكش لمتابعة دراسته الجامعية وانهاء محنته العائلية. هذا في الوقت الذي شهد فيه شهر ماي من نفس السنة، أي 2005، حالات تعذيب واعتداءات جنسية من قبل بعض المسؤولين وحراس سجن "أوطيطة2"، وهو ما دفع بوزير العدل حينها إلى فتح تحقيق في الموضوع انتهى بنقل مدير السجن بعد التأكد من المعطيات التي حملتها التقارير الحقوقية، والتي كانت متكئة على شهادات حية للمعتقلين بسجن "اوطيطة2". سنة قبل ذلك، وبالتحديد بتاريخ 29/12/2004، قامت لجنة مكونة من أعضاء من مجموعة العمل المكلفة بالحماية والتصدي والانتهاكات بالمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، بزيارة لسجن "أوطيطة1" للتحري في شكايات توصل بها المجلس من طرف عائلات العديد من المعتقلين، الذين تحدثوا في شكاياتهم عن أنواع مختلفة من التعذيب وسوء المعاملة، ومن اوضاع مزرية يعيشونها بشكل مسترسل. اللجنة مكتث 12 ساعة داخل السجن، خصتها للاستماع للمعتقلين، كما اجتمعت مع مدير السجن بحضور ممثلين عن مديرية إدارة السجون وإعادة الإدماج. وقامت أيضا بزيارة جميع الزنازن التي يقيم بها المعتقلون. بعد هذه الزيارة، أعدت اللجنة تقريرا مفصلا عن الخروقات التي رصدتها داخل "أوطيطة1"، كما وثقت اللجنة حالات التعذيب وسوء المعاملة وآثارها على السجناء، مع ذكر اسم كل واحد ممن تعرضوا للتعذيب وتشخيصا لحالته النفسيه، وتفاصيل أنواع التعذيب الذي تعرض له والأساليب التي استعملت في ذلك، ومختلف الأعراض البدنية والنفسية التي ترتبت على ذلك. هذا في الوقت الذي تتوفر الجمعيات والمنظمات الحقوقية، على تقارير طويلة تخص ما تعرض له السجنان داخل "أوطيطة2" الذي اشتهر وأخذ سمعته الدولية بعد أحداث 2008 حينها أضرب قرابة 80 معتقل من "السلفية الجهادية" عن الطعام وخاضوا ما سمي حينها ب "معركة الأمعاء الفارغة". حينها، نصبت مختلف عدسات القنوات الدولية أمام بوابة هذا السجن السيىء السمعة لتغطية هذا الاضراب الذي كان مادة دسمة للقنوات العالمية، ومنع على الصحافيين الاقتراب من السجن مع منع كامل للتصوير كما يتذكر ذلك مراسل احدى القنوات العربية بالمغرب في حديثه ل "هسبريس". عشرات الصحافيين من الإعلام المكتوب والمسموع والمرئي رابطوا أمام السجن وحركوا هواتفهم لمعرفة كل صغيرة وكبيرة، عن الاضراب الذي أخذ العالم كله يتابع تفاصيله عبر النشرات المتولية للقنوات الدولية. بالتغطية المتواصلة، عرف العالم وعرف بعض المغاربة لأول مرة سجن اسمه "أوطيطة2" وما يحدث بداخله. أيام بعد ذلك، تنبهت السلطات المغربية للقنبلة التي صنعتها بيدها بجمع المعتقلين السلفيين في سجن واحد، وهوما سهل عليهم تنظيم نفسهم واعلان اضراب نجح في تسليط الضوء على ما يعيشونها داخل "أم غريب" كما يسمونه في بياناتهم. لذا، سارعت السلطات المعنية بتوزيع المعتقلين على العديد من السجون المغربية، واحتوت، ولو إلى حين، الصوت القوي الذي كان يخرج من سجن "أوططية2"، وشتت الأضواء الإعلامية عنه. غير أن العديد من المعطيات التي تسللت بعدها للإعلام عمّا كان يقع داخل سجن "اوطيطة2" كان بعضها صادما. عبد العالي ابريك، معتقل سابق في اطار ملف ما يسمى ب"السلفية الجهادية"، اعتقل بفاس وحكم عليه بخمس سنوات سجنا قضى منها ثلاث سنوات قبل أن ينال العفو الملكي سنة 2006. عبد العالي ابريك قضى جزء من عقوبته بسجن "أوطيطة2"، حيث يتذكر أيام اعتقاله بهذا السجن بالقول: "كانت التغذية المقدمة سيئة جدا ورديئة، مما جعلنا نفضل رميها على أكلها لأنها لا تصلح حتى للكلاب. كما كان يمنح لنا لتر ونصف من الماء لكل يوم نشرب منها ونتوضأ بها، وكل من خالف الأوامر يتم وضعه في "الكاشو"، وهو عبارة عن زنزانة انفرادية ومظلمة حيث يقدم لك الأكل من نافذة صغيرة ويراقبك الحارس فقط ليتأكد هل السجين حي أم ميت". وعن أقسى اللحظات التي عاشها في سجن "أوطيطة2" يقول عبد العالي ابريك: "أن أحد المعتقلين خالف "قانون السجن"، حيث بدأ يقرأ القرآن بالجهر، حينها هددوه بالتعذيب إن أعاد القراءة جهرا مرة أخرى، لكنه فعل ذلك، فأخذوه وجردوه من ثيابه وعلقوه من قدميه في ساحة السجن وبدؤوا يصبون عليه الماء البارد ويعبثون بأعضائه التناسلية". يقول ابريك الذي كان يتحدث لجريدة "التجديد". سوء المعاملة والأوضاع السيئة بسجن "أوطيطة2" لم تتغير رغم التقارير الحقوقية الوطنية والدولية التي تحدثت عن هذا السجن. فقبل اقل من سنة، خاض السجين مولاي يحيى الذي كان معتقل بسجن "أوطيطة2" تحت رقم 7363 اضرابا عن الطعام، من بين أسبابه؛ سوء المعاملة التي كان يتعرض لها، والاهمال الطبي الذي كان يلاقيه وهو الذي يعاني من مرض الشرايين والضغط الدموي. أوضاع المعتقلين بالسجن لم تتغير بعد توزيع معتقلي "السلفية الجهادية" على السجون المغربية، ولا بعد تسليط الضوء عن الانتهاكات التي يلاقيها السجناء داخل "أوطيطة2"، فالشكاوى بقيت تتناسل عن الأوضاع المزرية للسجناء وسوء التغذية وانتشار الأمراض المعدية، وتفاصيل أخرى تخص المحسوبية والزبونية التي يعرفها السجن الأشهر بالمغرب بعد أحداث 2008. [email protected]