أولى الملك محمد السادس لخطابه الأخير بمناسبة الذكرى 15 لتوليه للعرش أهمية قصوى, من خلال رغبته في جعل هذه المناسبة "وقفة قوية مع الذات الوطنية", مذكرا "بوقفة سنة 2005 مع الذات، من خلال تقرير الخمسينية، لتقييم المنجزات، وتحديد الاختلالات، ومعرفة مستوى التطلعات، منذ بداية عهد الاستقلال", ليقول أنه بعد "مرور 15 سنة على تولينا العرش"، من "واجبنا تجديد هذه الوقفة الوطنية." وبالفعل, فإن هذا الخطاب يشكل وقفة عميقة من لدن الملك, تناول فيها الأسس الكبرى التي تشكل معالم المغرب الحديث الذي عمل على تشكيله مند توليه العرش, وهو ما كان كافيا ليدفعنا إلى تناوله بالدراسة والتحليل لأجل استخراج معالم الرؤية الملكية لهذا المغرب التي يحكمه أو يتوخاه. وهنا نشير إلى المقدمة القوية والواضحة التي جعلها هذا الخطاب منطلقا له, والمتمثلة في إجماع " الخبراء والمهتمون، الوطنيون والدوليون، على أن المغرب عرف، خلال هذه الفترة، تقدما كبيرا في مختلف المجالات", ما اعتبره الملك "فرصة للوقوف على أحوال الأمة، بما "يتيح لنا الفرصة لتحديد مدى التقدم الذي حققناه، وذلك باستعمال جميع الآليات المعروفة، لقياس هذه التطورات". ولابد من الإشارة هنا إلى أن هذه العملية التقييمية والتقويمية, ذات الطابع الإستراتيجي, المبنية على الرؤية البعيدة المدى ,والتي لابد من القيام بها بشكل دوري ومستمر, هي قاعدة محكومة تطبع رؤية الملك, من "منطلق الأمانة العظمى التي أتحملها، كملك لجميع المغاربة" يقول الملك, وهو ما يجعله في مجهود مستمر ومخلص" إذ يقول في خطابه "أتساءل يوميا، بل في كل لحظة، وعند كل خطوة ، أفكر وأتشاور قبل اتخاذ أي قرار, بخصوص قضايا الوطن والمواطنين : هل اختياراتنا صائبة, وما هي الأمور التي يجب الإسراع بها، وتلك التي يجب تصحيحها, وما هي الأوراش والإصلاحات التي ينبغي إطلاقها", مع التنبيه من خطر أن "يعتقد الإنسان أنه دائما على صواب، أو أنه لا يخطئ، فإن هذا الطريق سيؤدي به إلى الانزلاق والسقوط في الغرور". وعليه, قمنا بقراءة متأنية لهذا الخطاب الهام والمفصلي, كما أجمع على ذلك الفاعلون والمتتبعون بمختلف ألوانهم وانتماءاتهم, محاولين استشراف مضامينه ومعانيه, بهدف استخراج معالم رؤية الملك للمغرب الحديث, تحديدا لعناصر نهضته وتقدمه, ومقومات قوته وتطوره. هذه المقومات التي أمكننا تلخيصها في خمس دعامات أساسية : 1- النهضة الشاملة, 2- العدالة الإجتماعية والتنمية البشرية, 3- التأطير والتنوير الديني المعتدل, 4- الإشعاع المغاربي, العربي, القاري, والدولي, 5- الديمقراطية الجهوية وقضية الصحراء. 1- مفهوم النهضة الشاملة : الرأسمال الغير المادي يعطي الملك في هذا الخطاب رؤيته الواضحة للنموذج التنموي الذي يتبناه لوطنه, وهو بالمناسبة يؤكد على أن التساؤل والوقوف مع الذات، "لا يعني الشك أو التردد، أو عدم وضوح الرؤية. بل على العكس من ذلك، فطريقنا واضح، واختياراتنا مضبوطة. فنحن نعرف أنفسنا، ونعرف ماذا نريد، وإلى أين نسير", مؤكدا في هذا الإطار أن "النموذج التنموي المغربي، قد بلغ درجة من النضج", ومذكرا "بأن البنك الدولي أبرز أن القيمة الإجمالية للمغرب، شهدت خلال السنوات الأخيرة، ارتفاعا ملموسا, وخاصة بفضل النمو الكبير لرأسماله غير المادي". ولعل هذا التطور الملموس والنوعي هو ما يؤهلنا, يقول الملك "لاعتماد معايير متقدمة وأكثر دقة، لتحديد جدوى السياسات العمومية، والوقوف على درجة تأثيرها الملموس على حياة المواطنين". ما يمكن من تبني أحدث "المعايير المعتمدة دوليا، لقياس القيمة الإجمالية للدول" متمثلة في معايير" الرأسمال البشري غير المادي", والتي تعتبر الجيل الأكثر تقدما في أدوات قياس"الرخاء لدى الشعوب، ومدى استفادتها من ثروات بلدانها", والتي جاءت بعد جيل الموارد الطبيعية، وجيل الناتج الداخلي الخام, تم جيل مؤشرات التنمية البشرية، انتهاء بتبني جيل "الرأسمال غير المادي كمكون أساسي، منذ سنة 2005، من طرف البنك الدولي". ومن هنا تتضح رؤية الملك, إذ يعتبر هذا الجيل الجديد أكثر غنى وشمولية لقياس الرخاء لدى الشعوب من المقاربات المالية التقليدية, حيث يمكن من الأخذ بعين الاعتبار "للرصيد التاريخي والثقافي لأي بلد، إضافة إلى ما يتميز به من رأسمال بشري واجتماعي، وللأمن والثقة والاستقرار والمصداقية ، وجودة المؤسسات، والابتكار والبحث العلمي، والإبداع الثقافي والفني، وجودة الحياة والبيئة وغيرها" من المعايير. واعتبارا لهذه المؤهلات, فإن البنك الدولي في دراستيه سنتي "2005 و2010 لقياس الثروة الشاملة لحوالي 120 دولة, بوأ بلادنا "المراتب الأولى على الصعيد الإفريقي، وبفارق كبير عن بعض دول المنطقة". إلا أن هذا التصنيف الدولي المتقدم لبلدنا المغرب في سلم الثروة الشاملة لا يجعل الملك يتخلى عن طرح الأسئلة الهامة, والمتعلقة بالآثار الحقيقية لهذه التنمية الشاملة التي نجح المغرب في تحقيقها, ومدى إمكانية قياس أثارها الملموسة في حياة المواطنين. 2- العدالة الاجتماعية والتنمية البشرية : إذا كان من البديهي الوقوف على المنجزات الاقتصادية والتنموية المهمة التي حققها المغرب, إذ عرفت, يقول الملك, " نسبة النمو ارتفاعا ملحوظا، بفضل اعتماد مخططات قطاعية طموحة، كمخطط المغرب الأخضر، ومخطط الإقلاع الصناعي، وغيره "والبنيات التحتية الكبرى التي تم إنجازها، كالتوفر على أكبر ميناء بحوض المتوسط، وعلى أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم …", فإن الذي يثير أكثر اهتمام الملك هو أثارها الحقيقية على المواطنين, حيث يقول : "أنا لا تهمني الحصيلة والأرقام فقط، وإنما يهمني قبل كل شيء، التأثير المباشر والنوعي، لما تم تحقيقه من منجزات، في تحسين ظروف عيش جميع المواطنين." وعلى الرغم من تأكيد الخطاب على "أن هذا التقدم لم يكن على حساب النهوض بالتنمية البشرية، التي يشهدها المستفيدون من برامجها، بكل مناطق المملكة، بأثرها المباشر في تحسين ظروف حياتهم، وبدورها في محاربة مظاهر الفقر والإقصاء والتهميش ببلادنا", يصر الملك على التساؤل : "هل ما نراه من منجزات، ومن مظاهر التقدم، قد أثر بالشكل المطلوب والمباشر على ظروف عيش المغاربة, وهل المواطن المغربي، كيفما كان مستواه المادي والاجتماعي، وأينما كان، في القرية أو في المدينة، يشعر بتحسن ملموس في حياته اليومية، بفضل هذه الأوراش والإصلاحات؟", " ماذا فعلنا بما حققناه من تقدم ؟ هل ساهم فقط في زيادة مستوى الاستهلاك، أم أننا وظفنا ذلك في تحقيق الرخاء المشترك لكل المغاربة وإلى أي درجة انعكس هذا التقدم على تحسين مستوى عيش المواطنين ؟" ولعل ما يدفع الملك إلى هذا السؤال ضرورة ربط التنمية الإقتصادية بأثارها الإجتماعية الشاملة والعادلة , إذ يقول : "غير أنني بعد الاطلاع على الأرقام والإحصائيات التي تبرز تطور ثروة المغرب، أتساءل باستغراب مع المغاربة : أين هي هذه الثروة وهل استفاد منها جميع المغاربة، أم أنها همت بعض الفئات فقط ؟ ", ليقر ملاحظته خلال جولاته التفقدية "بعض مظاهر الفقر والهشاشة، وحدة الفوارق الاجتماعية بين المغاربة" ما يجعل "الجواب على هذه الأسئلة لا يتطلب تحليلا عميقا : فالواقع يؤكد أن هذه الثروة لا يستفيد منها جميع المواطنين". ولكل هذه الأسباب ولمعالجة الإختلالات,"وللوقوف على حقيقة الوضع" يوجه الملك "المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بتعاون مع بنك المغرب، ومع المؤسسات الوطنية المعنية، وبتنسيق مع المؤسسات الدولية المختصة، للقيام بدراسة، لقياس القيمة الإجمالية للمغرب، ما بين 1999 ونهاية 2013″. مع التأكيد على الأهداف الشاملة لهذه الدراسة, والتي تتمثل "ليس فقط في إبراز قيمة الرأسمال غير المادي لبلادنا، وإنما لضرورة اعتماده كمعيار أساسي خلال وضع السياسات العمومية، وذلك لتعميم استفادة جميع المغاربة من ثروات وطنهم". 3- التأطير والتنوير الديني المعتدل إضافة إلى الدعامتين السابقتين, والتي يمكن تلخيصهما في تأكيد الملك الحرص على"ٍٍ تحسين ظروف عيش المواطنين" من خلال مقاربة تنموية شاملة, تتبنى مفهوم الثروة الغير المادية كمعيار لتقييم المنجزات, ومدى شمول أثارها لجميع المغاربة, نستشرف من خلال قراءة خطاب الملك دعامة ثالثة, لا يعادلها أهمية "إلا حرصنا" يقول الملك "على ضمان أمنهم الروحي، وتوطيد النموذج المغربي في تدبير الشأن الديني". إن القارئ المتمعن في خطاب الذكرى 15 للعرش لا بد أن يدرك مدى أهمية الدعامة, كأحد أهم ركائز الرؤية الملكية للنموذج التنموي المغربي : "هذا النموذج المتميز، الذي يرتكز على إمارة المؤمنين كمرجع له، وعلى المذهب المالكي" والذي "هو نتاج الإصلاحات العميقة، التي اعتمدناها خلال 15 سنة الأخيرة، من أجل تأهيل وتأطير المجال الديني". ويتشكل هذا النموذج حول عناصر أساسية, تتمثل بداية في فلسفته, والتي تهدف كما يقول الملك إلى "تحصين المواطن والمجتمع من نزوعات التطرف والانغلاق والجهل", من خلال "توفير تكوين علمي وديني متنور، متشبع بقيم الوسطية والاعتدال، وبالتلازم بين الحفاظ على الثوابت الإسلامية، ونهج الاجتهاد والانفتاح، بما يجعل قيم ديننا الحنيف، في انسجام مع اختياراتنا الوطنية، ومع توجهات العصر". وثانيا في آلياته وأدواته, والتي تقوم من جهة على "حماية المساجد من أي استغلال، باعتبارها فضاءات للعبادة والتوجيه والإرشاد ومحو الأمية" ومن جهة أخرى على تأطير العلماء والأئمة, "وهو ما يهدف إليه ميثاق العلماء لسنة 2008″، "وخطة دعم التأطير الديني المحلي، والتي ينهض بها أزيد من 1300 إمام مرشد، بجميع مناطق المملكة". هذا النموذج المعتدل والمتوازن في تدبير الشأن الديني جعل المغرب,كما يقول الملك "يحظى بالتقدير والاهتمام، على المستوى القاري والدولي" ما يفتح الباب أمامه ليس فقط "لوضع التجربة المغربية في تدبير الشأن الديني … ومجال تكوين الأئمة" رهن "إشارة الدول الشقيقة" بل أيضا للإشعاع والتأثير في محيطه الدولي عامة, والعربي والقاري خاصة. 4- الإشعاع المغاربي, العربي, القاري, والدولي إن إيمان الملك بأن "النموذج التنموي المغربي، قد بلغ درجة من النضج" لا يمكن أن يترجمه إلا حرصه كما يقول على "حسن استثمار تطور نموذجنا الديمقراطي والتنموي، من أجل تعزيز صورة ومكانة المغرب على الساحة الدولية، والدفاع عن مصالحه العليا، وقضاياه العادلة", "في نطاق الالتزام بالشرعية، ونهج الانفتاح والاعتدال، والتشبث بالقيم الكونية"ما "يجعل من المغرب شريكا فعالا ومسموعا، يحظى بالثقة والمصداقية". وفي هذا السياق, فإن الملك يذكر بانخراط المغرب في مشروع الإتحاد المغاربي, مؤكدا حرصه "على جعل العلاقات الثنائية" عماد بناءه, داعيا من جهة الجارة الجزائر إلى القطع مع " التمادي في الخلاف لتعطيل مسيرة الاتحاد المغاربي", "والاستمرار في إغلاق الحدود بتعنت ورفض ممنهج" "للمبادرات المغربية الجادة",بما "يسير ضد منطق التاريخ والشرعية، ويتنافى مع حقوق شعوبنا في التواصل الإنساني، والانفتاح الاقتصادي", ومنوها من جهة أخرى بالنتائج الإيجابية "للزيارة التي قمت بها مؤخرا لتونس، ولما لقيته من حفاوة وترحيب، سواء من طرف الشعب التونسي الأصيل، أو من قبل مؤسساته الوطنية". وفي سياق هذه الرؤية الوحدوية, يؤكد الملك مدى حاجتنا اليوم "إلى منظومة عربية متكاملة ومندمجة اقتصاديا، وموحدة ومنسجمة سياسيا، تجعل من عالمنا العربي قطبا جيو- سياسيا وازنا في العلاقات الدولية، قادرا على الدفاع عن القضايا العربية المصيرية"وهو ما تسير في أفقه "الشراكة المتميزة" "وروابط الأخوة والتفاهم، التي تجمعنا بأشقائنا قادة دول مجلس التعاون الخليجي". ولا يفوت الملك في هذا الإطار الحديث عن القضية الفلسطينية التي تشكل إحدى أهم القضايا العربية التي يتبوأ فيها المغرب مكانة خاصة, مؤكدا "دعمنا لجميع المبادرات الدولية البناءة، من أجل التوصل إلى سلام عادل ودائم، على أساس حل الدولتين", ومذكرا "بأمانته في الدفاع عن القدس الشريف"، من خلال ما "أصدرته لجنة القدس، في دورتها العشرين بمدينة مراكش، من توصيات قوية، دعما لمفاوضات السلام، وحفاظا على الهوية الروحية والحضارية للقدس", مع التأكيد على مواصلة وكالة بيت مال القدس الشريف "دعم القطاعات الحيوية، من خلال مشاريع مضبوطة في برمجتها ووسائل تمويلها, ولأعمالها الميدانية، وتقديم الدعم المباشر والملموس لهم، والتجاوب مع احتياجاتهم الملحة". و لا يمكن في إطار الرؤية الشمولية التي تولى الملك تحديد معالمها في هذا الخطاب التاريخي دون الحديث عن إفريقيا, كعمق إستراتيجي طبيعي وجغرافي للمغرب, إذ يؤكد إيمانه "بأن إفريقيا قادرة على تحقيق نهضتها, بالاعتماد على أبنائها، وعلى قدراتها الذاتية, معلنا "أن إفريقيا مطالبة بأن تضع ثقتها في إفريقيا". وفي هذا الصدد, يؤكد الملك "نهج سياسة متناسقة ومتكاملة، تجاه أشقائنا الأفارقة، ترتكز على الاستثمار المشترك للثروات، والنهوض بالتنمية البشرية، وتعزيز التعاون الاقتصادي", بما يؤسس "لنموذج متميز من الشراكة جنوب – جنوب، تضامنية وفعالة", تنفتح على أليات "التعاون الثلاثي والمتعدد الأطراف من أجل شراكات متوازنة وذات النفع المتبادل مع دول الشمال". وهو ما ينسجم وعلاقات الشراكة التي تربط المغرب بشركائه الدوليين، ويفتح آفاقا أوسع "للشراكة بين دول الشمال وبلدان الجنوب". وفي هذا السياق، يعتبر الملك أن الوضع المتقدم، الذي يجمع المغرب بالاتحاد الأوروبي هو "مرحلة هامة في طريق توطيد شراكة مغربية أوروبية، منصفة ومتوازنة, تنتهي "باتفاق للتبادل الحر شامل وعميق، كإطار للتقارب أكثر بين المغرب وأوروبا، ولإدماج الاقتصاد المغربي في السوق الداخلي الأوروبي". على أن المغرب, بقدر حرصه على تعميق علاقاته بالإتحاد الأوروبي, فإنه يقول الملك "يحرص أيضا على تنويع وتوسيع علاقاته الثنائية مع كافة الدول الأوروبية". كما يحرص أيضا, في "إطار العلاقات التاريخية التي تربطه بالولايات المتحدةالأمريكية"، على "تعزيز الشراكة الإستراتيجية" مع هذا البلد، ولا سيما من خلال "إيجاد آليات جديدة لدعم اتفاق التبادل الحر، ومواصلة الحوار الاستراتيجي". كما يحرص المغرب أيضا, تعزيزا لسياسته في الانفتاح وتنويع الشراكات، "على توطيد العلاقات العريقة"، التي تجمعه بكل من "روسيا الفيدرالية، وجمهورية الصين الشعبية","وتعميق البعد الاقتصادي للشراكة الإستراتيجية المتميزة، التي تجمع المغرب بكل منهما". 5- الديمقراطية الجهوية وقضية الصحراء انطلاقا من "تزايد التهديدات الأمنية، وخاصة بمنطقة الساحل والصحراء" يجدد الملك دعوته "لضرورة التصدي الجماعي للتنظيمات الإرهابية التي تجد في عصابات الانفصال والاتجار في البشر والسلاح والمخدرات، حليفا لها، لتداخل مصالحها، والتي تشكل أكبر تهديد للأمن الإقليمي والدولي". وإذ يذكر الملك أن قضية الصحراء تأتي في رأس قائمة الأولويات الوطنية, و"هي قضية كل المغاربة، وأمانة في أعناقنا جميعا", "كما سبق أن أكد أكثر من مرة" فإنه يجدد الدعوة لمواصلة اليقظة والتعبئة الجماعية، واتخاذ المبادرات اللازمة، لاستباق مناورات الخصوم" ضد الوحدة الوطنية. وفي هذا الإطار, يذكر الملك بمنهجية المغرب ورؤيته الواضحة, والتي لا يمكن أن تقبل "برهن مستقبل المنطقة" بل تتبنى مواصلة "أوراش التنمية والتحديث بها، وخاصة من خلال المضي قدما في تفعيل النموذج التنموي لأقاليمنا الجنوبية، بما يقوم عليه من مقاربة تشاركية، وحكامة جيدة، ومن برامج متكاملة ومتعددة الأبعاد"، والكفيلة "ّبتحقيق التنمية المندمجة". وفي هذا السياق, يؤكد الملك على "إقامة الجهوية المتقدمة بمختلف مناطق المملكة، وفي مقدمتها أقاليمنا الجنوبية، بما تتيحه من احترام للخصوصيات الجهوية، ومن تدبير ديمقراطي من قبل سكان المنطقة لشؤونهم المحلية في إطار المغرب الموحد للجهات", وهو ما ينسجم والتزام المملكة بمبادرتها "بتخويل أقاليمنا الجنوبية حكما ذاتيا"، "وهي المبادرة التي أكد مجلس الأمن مرة أخرى، في قراره الأخير، جديتها ومصداقيتها".