جلالة الملك يطلق ورش قياس القيمة الإجمالية للمغرب يدعو لمنظومة عربية مندمجة وموحدة اقتصاديا وسياسيا لمواجهة الإرهاب وجه جلالة الملك محمد السادس، أول أمس الأربعاء، خطابا إلى الأمة بمناسبة الذكرى الخامسة عشرة لاعتلاء جلالته عرش أسلافه الميامين، هذا نصه: «الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه. شعبي العزيز، نحتفل اليوم، بكل اعتزاز، بالذكرى الخامسة عشرة لعيد العرش المجيد. وهي مناسبة سنوية للوقوف على أحوال الأمة. إننا لا نريد أن نجعل منها مناسبة لاستعراض حصيلة المنجزات، لأنها مهما بلغت، ستظل دون ما نرتضيه لك شعبي الوفي. وإنما نريدها وقفة تأمل وتساؤل مع الذات، بكل صراحة وصدق وموضوعية، حول ما طبع مسيرتنا من إيجابيات وسلبيات، للتوجه نحو المستقبل، بكل ثقة وعزم وتفاؤل. أنا لا تهمني الحصيلة والأرقام فقط، وإنما يهمني قبل كل شيء، التأثير المباشر والنوعي، لما تم تحقيقه من منجزات، في تحسين ظروف عيش جميع المواطنين. وإذا كان من الطبيعي أن يتساءل الإنسان مع نفسه، في كل مرحلة من حياته، فإن إجراء هذه الوقفة مع الذات، تعد ضرورية بالنسبة لخديمك الأول، الذي يتحمل أمانة أكثر من 35 مليون مغربي. ذلك أنني، من منطلق الأمانة العظمى التي أتحملها، كملك لجميع المغاربة، أتساءل يوميا، بل في كل لحظة، وعند كل خطوة، أفكر وأتشاور قبل اتخاذ أي قرار، بخصوص قضايا الوطن والمواطنين: هل اختياراتنا صائبة؟ وما هي الأمور التي يجب الإسراع بها، وتلك التي يجب تصحيحها؟ وما هي الأوراش والإصلاحات التي ينبغي إطلاقها؟ أما إذا كان الإنسان يعتقد أنه دائما على صواب، أو أنه لا يخطئ، فإن هذا الطريق سيؤدي به إلى الانزلاق والسقوط في الغرور. ومن هنا، فإن من حقنا جميعا أن نتساءل: هل ما نراه من منجزات، ومن مظاهر التقدم، قد أثر بالشكل المطلوب والمباشر على ظروف عيش المغاربة؟ وهل المواطن المغربي، كيفما كان مستواه المادي والاجتماعي، وأينما كان، في القرية أو في المدينة، يشعر بتحسن ملموس في حياته اليومية، بفضل هذه الأوراش والإصلاحات؟ إننا بطرح هذه التساؤلات، إنما نبحث دائما عن الفعالية والنجاعة، وعن أفضل السبل، ليستفيد جميع المغاربة من مختلف المنجزات، على حد سواء. فالتساؤل وإجراء هذه الوقفة مع الذات، لا يعني الشك أو التردد، أو عدم وضوح الرؤية. بل على العكس من ذلك، فطريقنا واضح، واختياراتنا مضبوطة. فنحن نعرف أنفسنا، ونعرف ماذا نريد، وإلى أين نسير. شعبي العزيز، إن الوقوف على أحوال الأمة، يتيح لنا الفرصة لتحديد مدى التقدم الذي حققناه، وذلك باستعمال جميع الآليات المعروفة، لقياس هذه التطورات. فقد سبق لنا أن قمنا، سنة 2005، بوقفة مع الذات، من خلال تقرير الخمسينية، لتقييم المنجزات، وتحديد الاختلالات، ومعرفة مستوى التطلعات، منذ بداية عهد الاستقلال، بهدف وضع سياسات عمومية أكثر نجاعة. واليوم، وبعد مرور 15 سنة على تولينا العرش، أرى أنه من واجبنا تجديد هذه الوقفة الوطنية. في الواقع، يجمع الخبراء والمهتمون، الوطنيون والدوليون، على أن المغرب عرف، خلال هذه الفترة، تقدما كبيرا في مختلف المجالات. فلا أحد يمكنه أن ينكر التطور الديمقراطي، الذي يجسده دستور 2011، ومنظومة الحقوق والحريات التي تتوفر عليها بلادنا، والإقدام على ورش الجهوية المتقدمة. غير أن الأثر الملموس لهذه الإصلاحات وغيرها، يبقى رهينا بحسن تنزيلها، وبالنخب المؤهلة لتفعيلها. كما لا يمكن لأي أحد أن يتجاهل البنيات التحتية الكبرى، التي تم إنجازها، وعلى سبيل المثال، فهل كان بإمكان المغاربة، وأنا في مقدمتهم، أن يتخيلوا بأن بلادهم تتوفر على أكبر ميناء بحوض المتوسط، وعلى أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم؟ وهل كان بإمكان أي مواطن أن يتنقل عبر الطريق السيار، من أكادير إلى طنجة، أو من الجديدة إلى وجدة؟ أما على المستوى الاقتصادي، فقد عرفت نسبة النمو ارتفاعا ملحوظا، بفضل اعتماد مخططات قطاعية طموحة، كمخطط المغرب الأخضر، ومخطط الإقلاع الصناعي، وغيرها. بيد أن هذا التقدم لم يكن على حساب النهوض بالتنمية البشرية، التي يشهدها المستفيدون من برامجها، بكل مناطق المملكة، بأثرها المباشر في تحسين ظروف حياتهم، وبدورها في محاربة مظاهر الفقر والإقصاء والتهميش ببلادنا. ويبقى السؤال المطروح: ماذا فعلنا بما حققناه من تقدم؟ هل ساهم فقط في زيادة مستوى الاستهلاك، أم أننا وظفنا ذلك في تحقيق الرخاء المشترك لكل المغاربة؟ وإلى أي درجة انعكس هذا التقدم على تحسين مستوى عيش المواطنين؟ شعبي العزيز، إننا نعتقد أن النموذج التنموي المغربي، قد بلغ درجة من النضج، تؤهلنا لاعتماد معايير متقدمة وأكثر دقة، لتحديد جدوى السياسات العمومية، والوقوف على درجة تأثيرها الملموس على حياة المواطنين. وهو ما أكده البنك الدولي، الذي أبرز أن القيمة الإجمالية للمغرب، شهدت خلال السنوات الأخيرة، ارتفاعا ملموسا، وخاصة بفضل النمو الكبير لرأسماله غير المادي. ويعتبر الرأسمال البشري غير المادي من أحدث المعايير المعتمدة دوليا، لقياس القيمة الإجمالية للدول. وكما هو معروف، فقد شهدت المعايير التي يعتمدها المختصون في المجالين الاقتصادي والمالي لقياس الثروة، عدة تطورات. فقد كانت القيمة الإجمالية للدول تقاس سابقا، حسب مواردها الطبيعية، ثم على أساس المعطيات المتعلقة بالناتج الداخلي الخام، الذي يعكس بدوره مستوى عيش المواطن. وبعد ذلك، تم اعتماد مؤشرات التنمية البشرية، لمعرفة مستوى الرخاء لدى الشعوب، ومدى استفادتها من ثروات بلدانها. وخلال تسعينات القرن الماضي، بدأ العمل باحتساب الرأسمال غير المادي كمكون أساسي، منذ سنة 2005، من طرف البنك الدولي. ويرتكز هذا المعيار على احتساب المؤهلات، التي لا يتم أخذها بعين الاعتبار من طرف المقاربات المالية التقليدية. ويتعلق الأمر هنا بقياس الرصيد التاريخي والثقافي لأي بلد، إضافة إلى ما يتميز به من رأسمال بشري واجتماعي، والثقة والاستقرار، وجودة المؤسسات، والابتكار والبحث العلمي، والإبداع الثقافي والفني، وجودة الحياة والبيئة وغيرها. فالأمن والاستقرار مثلا، هما أساس الإنتاج والثروة. والثقة والمصداقية هما عماد تحفيز الاستثمار. إلا أن هذه المؤهلات لا يظهر لها أثر في القيمة الإجمالية للدول. فقد سبق للبنك الدولي أن أنجز في 2005 و2010 دراستين لقياس الثروة الشاملة لحوالي 120 دولة، من بينها المغرب. وقد تم تصنيف بلادنا في المراتب الأولى على الصعيد الإفريقي، وبفارق كبير عن بعض دول المنطقة. غير أنني بعد الاطلاع على الأرقام والإحصائيات، التي تتضمنها هاتين الدراستين، والتي تبرز تطور ثروة المغرب، أتساءل باستغراب مع المغاربة: أين هي هذه الثروة؟ وهل استفاد منها جميع المغاربة، أم أنها همت بعض الفئات فقط؟ الجواب على هذه الأسئلة لا يتطلب تحليلا عميقا: إذا كان المغرب قد عرف تطورا ملموسا، فإن الواقع يؤكد أن هذه الثروة لا يستفيد منها جميع المواطنين. ذلك أنني ألاحظ، خلال جولاتي التفقدية، بعض مظاهر الفقر والهشاشة، وحدة الفوارق الاجتماعية بين المغاربة. ومن هنا، وللوقوف على حقيقة الوضع، نوجه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بتعاون مع بنك المغرب، ومع المؤسسات الوطنية المعنية، وبتنسيق مع المؤسسات الدولية المختصة، للقيام بدراسة، لقياس القيمة الإجمالية للمغرب، ما بين 1999 ونهاية 2013 . إن الهدف من هذه الدراسة ليس فقط إبراز قيمة الرأسمال غير المادي لبلادنا، وإنما لضرورة اعتماده كمعيار أساسي خلال وضع السياسات العمومية، وذلك لتعميم استفادة جميع المغاربة من ثروات وطنهم. وإننا نتطلع لأن تقدم هذه الدراسة تشخيصا موضوعيا للأوضاع، وتوصيات عملية للنهوض بها. وحتى لا يبقى التقرير الختامي لهذه الدراسة حبرا على ورق، أو مادة للاستهلاك الإعلامي فقط، فقد قررنا أن يتم نشره على أوسع نطاق، داعين الحكومة والبرلمان، وكل المؤسسات المعنية، والقوى الحية للأمة للانكباب على دراسة التوصيات البناءة التي يتضمنها، والعمل على تفعيلها. وبما أن قياس الثروة غير المادية، يعتبر آلية للمساعدة على اتخاذ القرار، فإننا ندعو لأن يشمل الإحصاء العام للسكان، الذي سيتم القيام به خلال هذه السنة، المؤشرات المتعلقة بالرأسمال غير المادي للمغرب، بمختلف مكوناته. شعبي العزيز، إن عملنا على تحسين ظروف عيش المواطنين، لا يعادله إلا حرصنا على ضمان أمنهم الروحي، وتوطيد النموذج المغربي في تدبير الشأن الديني. هذا النموذج المتميز، الذي يرتكز على إمارة المؤمنين كمرجع له، وعلى المذهب المالكي، هو نتاج الإصلاحات العميقة، التي اعتمدناها خلال 15 سنة الأخيرة، من أجل تأهيل وتأطير المجال الديني. ويقوم هذا النموذج على تحصين المواطن والمجتمع من نزوعات التطرف والانغلاق والجهل، من خلال حماية المساجد من أي استغلال، باعتبارها فضاءات للعبادة والتوجيه والإرشاد ومحو الأمية. وهو ما يهدف إليه ميثاق العلماء لسنة 2008، الذي تعززه «خطة دعم» للتأطير الديني المحلي التي أطلقناها مؤخرا، والتي ينهض بها أزيد من 1300 إمام مرشد، بجميع مناطق المملكة. كما يرتكز على توفير تكوين علمي وديني متنور، متشبع بقيم الوسطية والاعتدال، وبالتلازم بين الحفاظ على الثوابت الإسلامية، ونهج الاجتهاد والانفتاح، بما يجعل قيم ديننا الحنيف، في انسجام مع اختياراتنا الوطنية، ومع توجهات العصر. وهو ما جعل النموذج المغربي في تدبير الشأن الديني يحظى بالتقدير والاهتمام، على المستوى القاري والدولي. وفي هذا الإطار، فإننا حريصون على وضع التجربة المغربية رهن إشارة الدول الشقيقة التي تتقاسم مع المغرب التشبث بنفس المبادئ والقيم الروحية، والتي عبرت عن رغبتها في الاستفادة من النموذج المغربي، كما هو الشأن بالنسبة للتعاون في مجال تكوين الأئمة. شعبي العزيز، في إطار التكامل والانسجام بين السياسة الداخلية والخارجية لبلادنا، فإننا نعمل على حسن استثمار تطور نموذجنا الديمقراطي والتنموي، من أجل تعزيز صورة ومكانة المغرب على الساحة الدولية، والدفاع عن مصالحه العليا، وقضاياه العادلة. وفي ظل التحولات المتسارعة التي يعرفها العالم، فقد حرصنا على أن يرتكز النموذج الدبلوماسي المغربي، في نطاق الالتزام بالشرعية، ونهج الانفتاح والاعتدال، والتشبث بالقيم الكونية. وهو ما يجعل من المغرب شريكا فعالا ومسموعا، يحظى بالثقة والمصداقية. هذه المكانة المتميزة التي نعمل جاهدين، بمشاركة جميع القوى الحية للبلاد، على ترسيخها على جميع المستويات. فعلى الصعيد المغاربي، نجدد إرادتنا الراسخة في بناء اتحاد قوي، عماده علاقات ثنائية متينة، ومشاريع اقتصادية اندماجية. إننا نؤمن بأن الخلاف ليس قدرا محتوما. وهو أمر طبيعي في كل التجمعات. فالاتحاد الأوروبي مثلا، كان ولا يزال يعرف بعض الخلافات بين أعضائه. إلا أنها لا تصل حد القطيعة. غير أن ما يبعث على الأسف هو التمادي في الخلاف لتعطيل مسيرة الاتحاد المغاربي. ومهما كان حجم هذا الخلاف، فإنه لا يبرر مثلا، استمرار إغلاق الحدود. فقد بلغ الوضع حدا لا يفهمه ولا يقبله المواطن المغاربي، لدرجة أن عددا من الذين التقيت بهم، خلال جولاتي في بعض الدول الشقيقة، يسألون باستغراب عن أسباب استمرار هذا الإغلاق، ويطلبون رفع الحواجز بين شعوبنا. وقد كان جوابي لهم دائما، أن المغرب ما فتئ يدعو، منذ أزيد من ست سنوات، لإيجاد حل لهذا الوضع الغريب. إلا أن كل المبادرات المغربية الجادة، تقابل بتعنت ورفض ممنهج، يسير ضد منطق التاريخ والشرعية، ويتنافى مع حقوق شعوبنا في التواصل الإنساني، والانفتاح الاقتصادي. وحرصا على جعل العلاقات الثنائية عماد بناء الاتحاد المغاربي، فإني أعبر عن ارتياحي للنتائج الإيجابية للزيارة التي قمت بها مؤخرا لتونس، ولما لقيته من حفاوة وترحيب، سواء من طرف الشعب التونسي الأصيل، أو من قبل مؤسساته الوطنية. وهو ما كان له أطيب الأثر في نفسي. وإني لواثق أن تونس ستواصل مسارها السلمي، على درب توطيد دولة المؤسسات، وتحقيق التنمية والرخاء لأبنائها. فالأزمة بكل من سوريا والعراق، ليست إلا تجسيدا لهذا الوضع الخطير الذي يجتازه العالم العربي، وتغذيه السياسات الإقصائية والصراعات المذهبية والطائفية، وهو ما يؤدي إلى مضاعفة حجم المأساة الإنسانية، التي يعانيها هذان الشعبان الشقيقان. إن الأمر لا يتعلق بأزمة جهوية فقط، وإنما بمستنقع خصب لقوى التطرف والإرهاب الأكثر عنفا، والأكثر تهديدا لأمن بلداننا، بل للأمن والاستقرار عبر العالم. فما أحوجنا اليوم، إلى منظومة عربية متكاملة ومندمجة اقتصاديا، وموحدة ومنسجمة سياسيا، تجعل من عالمنا العربي قطبا جيو- سياسيا وازنا في العلاقات الدولية، قادرا على الدفاع عن القضايا العربية المصيرية. ومما يبعث على الاعتزاز، روابط الأخوة والتفاهم، التي تجمعنا بأشقائنا قادة دول مجلس التعاون الخليجي، والشراكة المتميزة التي تجمع بلداننا الشقيقة. وفي ما يخص القضية الفلسطينية، فإننا نجدد إدانتنا القوية للعدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة. وتجسيدا لتضامننا الملموس، مع الشعب الفلسطيني الشقيق في هذه المحنة، فقد كنا سباقين لتقديم دعم مادي لضحايا هذا العدوان، وفتحنا المستشفيات المغربية أمام الجرحى والمصابين منهم، وذلك إسهاما في التخفيف من معاناتهم، في هذا الظرف العصيب. كما نؤكد دعمنا لجميع المبادرات الدولية البناءة، من أجل التوصل إلى سلام عادل ودائم، على أساس حل الدولتين. ونهوضا بأمانتنا في الدفاع عن القدس الشريف، فقد أصدرت لجنة القدس، التي أتشرف برئاستها، بمناسبة انعقاد دورتها العشرين، بمدينة مراكش، توصيات قوية، دعما لمفاوضات السلام، وحفاظا على الهوية الروحية والحضارية للقدس، من الانتهاكات الإسرائيلية اللامشروعة. وقد عرفت هذه الدورة أيضا اعتماد الخطة الإستراتيجية الخماسية لعمل وكالة بيت مال القدس الشريف، لدعم القطاعات الحيوية، من خلال مشاريع مضبوطة في برمجتها ووسائل تمويلها. ودعما لصمود إخواننا المقدسيين في أرضهم، فإننا حريصون على مواصلة الوكالة لأعمالها الميدانية، وتقديم الدعم المباشر والملموس لهم، والتجاوب مع احتياجاتهم الملحة. شعبي العزيز، إننا نؤمن بأن إفريقيا قادرة على تحقيق نهضتها. غير أن ذلك لن يتحقق إلا بالاعتماد على أبنائها، وعلى قدراتها الذاتية. وهنا أؤكد ما قلته في أبيدجان: إن إفريقيا مطالبة بأن تضع ثقتها في إفريقيا. ومن هذا المنطلق، نجدد التزامنا بنهج سياسة متناسقة ومتكاملة، تجاه أشقائنا الأفارقة، ترتكز على الاستثمار المشترك للثروات، والنهوض بالتنمية البشرية، وتعزيز التعاون الاقتصادي. وهو ما تجسده الزيارات التي نقوم بها لعدد من الدول الإفريقية الشقيقة، وحجم ونوعية الاتفاقيات التي تم توقيعها، والتي تؤسس لنموذج متميز من الشراكة جنوب - جنوب، التي نريدها تضامنية وفعالة. كما نؤكد التزامنا بالتعاون الثلاثي والمتعدد الأطراف من أجل شراكات متوازنة وذات النفع المتبادل مع دول الشمال. وأمام تزايد التهديدات الأمنية، وخاصة بمنطقة الساحل والصحراء، فإننا نجدد دعوتنا لضرورة التصدي الجماعي للتنظيمات الإرهابية التي تجد في عصابات الانفصال والاتجار في البشر والسلاح والمخدرات، حليفا لها، لتداخل مصالحها، والتي تشكل أكبر تهديد للأمن الإقليمي والدولي. غير أن توجهنا الطبيعي نحو إفريقيا، لن يكون على حساب علاقات الشراكة، التي تربط المغرب بشركائه الدوليين، بل إنه يفتح آفاقا أوسع للشراكة بين دول الشمال وبلدان الجنوب. ومن هذا المنطلق، فإننا نعتبر أن الوضع المتقدم، الذي يجمع بلادنا بالاتحاد الأوروبي، ليس غاية في حد ذاته، وإنما يشكل مرحلة هامة في طريق توطيد شراكة مغربية أوروبية، نريدها منصفة ومتوازنة. لذا، فإن المغرب يولي أهمية كبرى لنجاح المفاوضات الجارية، من أجل التوصل إلى اتفاق للتبادل الحر شامل وعميق، كإطار للتقارب أكثر بين المغرب وأوروبا، ولإدماج الاقتصاد المغربي في السوق الداخلي الأوروبي. وبموازاة مع تعزيز علاقاته المتميزة مع هذا الاتحاد، فإن المغرب يحرص على تنويع، وتوسيع علاقاته الثنائية مع دوله. وفي إطار العلاقات التاريخية التي تربط المغرب بالولايات المتحدةالأمريكية، نؤكد التزامنا بتعزيز الشراكة الإستراتيجية بين البلدين، ولا سيما من خلال إيجاد آليات جديدة لدعم اتفاق التبادل الحر، ومواصلة الحوار الاستراتيجي. وقد تمكنا، خلال اللقاء الذي جمعنا بفخامة الرئيس باراك أوباما، في نونبر الماضي، من إضفاء دينامية قوية على هذه الشراكة، بدأت تعطي ثمارها، سواء على الصعيد الثنائي أو على مستوى تطابق وجهات النظر بخصوص القضايا الجهوية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها قضايا التنمية والأمن بإفريقيا. وتعزيزا لسياسة الانفتاح وتنويع الشراكات، فإننا حريصون على توطيد العلاقات العريقة، التي تجمع بلادنا بكل من روسيا الفيدرالية، وجمهورية الصين الشعبية، التي نتطلع للقيام بزيارتهما قريبا. وإننا لعازمون على تعميق البعد الاقتصادي للشراكة الإستراتيجية المتميزة، التي تجمع المغرب بكل منهما. شعبي العزيز، لقد أعطينا طابعا خاصا ومتجددا لعملنا الدبلوماسي، بفضل استقلال وواقعية سياستنا الخارجية. كما نحرص على مواصلة انخراط كل القوى الحية للبلاد، في الدفاع عن المصالح العليا للوطن، وفي مقدمتها الوحدة الترابية، التي تظل أسبقية الأسبقيات. فقضية الصحراء، كما سبق أن أكدت أكثر من مرة، هي قضية كل المغاربة، وأمانة في أعناقنا جميعا. وفي هذا الإطار، نجدد الدعوة لمواصلة اليقظة والتعبئة الجماعية، واتخاذ المبادرات اللازمة، لاستباق مناورات الخصوم، فلا مجال للانتظار أو التواكل، ولردود الفعل. كما نؤكد التزامنا بمبادرتنا بتخويل أقاليمنا الجنوبية حكما ذاتيا، وهي المبادرة التي أكد مجلس الأمن مرة أخرى، في قراره الأخير، جديتها ومصداقيتها. غير أننا لن نرهن مستقبل المنطقة، بل سنواصل أوراش التنمية والتحديث بها، وخاصة من خلال المضي قدما في تفعيل النموذج التنموي لأقاليمنا الجنوبية، بما يقوم عليه من مقاربة تشاركية، وحكامة جيدة، ومن برامج متكاملة ومتعددة الأبعاد، كفيلة بتحقيق التنمية المندمجة. كما أننا مقبلون على إقامة الجهوية المتقدمة بمختلف مناطق المملكة، وفي مقدمتها أقاليمنا الجنوبية، بما تتيحه من احترام للخصوصيات الجهوية، ومن تدبير ديمقراطي من قبل سكان المنطقة لشؤونهم المحلية في إطار المغرب الموحد للجهات. ولا يفوتنا في الختام، أن نوجه تحية تقدير للقوات المسلحة الملكية، والدرك الملكي، والأمن الوطني، والإدارة الترابية، والقوات المساعدة، والوقاية المدنية، على تجندهم الدائم، تحت قيادتنا، للدفاع عن حوزة الوطن، وصيانة أمنه واستقراره. كما نستحضر بكل خشوع وإكبار، الأرواح الطاهرة لجدنا ووالدنا المنعمين، جلالة الملك محمد الخامس، وجلالة الملك الحسن الثاني، وكافة شهداء الوطن الأبرار، أكرم الله مثواهم، لما قدموه من تضحيات جسيمة، في سبيل عزة الوطن وسيادته. ووفاء لذكراهم الخالدة، سنواصل، إن شاء الله، النهوض بأوراش التنمية والتحديث، لتوفير ظروف العيش الحر الكريم لجميع مواطنينا، أينما كانوا، في ظل الوحدة والأمن والاستقرار. «رب اجعل هذا البلد آمنا، وارزق أهله من الثمرات». صدق الله العظيم والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته».أما على المستوى العربي، فإن الوضع الكارثي، الذي تعرفه عدد من دوله، يبعث على الحسرة والانشغال العميق. ********** قالوا عن الخظاب فؤاد بنصديق تحول في تقييم احتساب الثروة اعتبر الخبير الاقتصادي فؤاد بنصديق أن دعوة صاحب الجلالة الملك محمد السادس الأربعاء في خطاب العرش إلى إنجاز دراسة لقياس القيمة الإجمالية للمغرب ما بين سنة 1999 ونهاية 2013، من خلال إدماج الرأسمال غير المادي، تشكل «نقطة تحول في تقييم احتساب الثروة» بالمملكة. وأكد بنصديق، وهو مدير المناهج بوكالة التصنيف الدولية (فيغيو) والتي يوجد مقرها بباريس، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن «دعوة جلالة الملك احتساب الرأسمال غير المادي للمغرب وقدرته على خلق القيمة، مع أخذ قيمته وأصوله غير المادية بعين الاعتبار، أساسية لكونها ستشكل نقطة تحول في تقييم واحتساب الثروة «. وقال الخبير المغربي الذي يصنف الدول وقدرتها على ابتكار الثروة ورأسمالها غاير المادي إن «احتساب الثروة بهذه المقاربة الجديدة لن يقتصر على المقاربات المالية التقليدية والتي وإن كانت ستؤخذ دائما بعين الاعتبار إلا أنه ستتم مساءلتها، ووضعها في إطار منظور استشرافي في علاقتها بأبعادها المؤسساتية والاجتماعية والبيئية، وهنا سندرك أن الرأسمال غير المادي ثروة كبيرة ينعم بها المغرب». وبالنسبة لبنصديق، العضو في المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، فإن الرأسمال غير المادي هو مجموع الموارد الاجتماعية والمؤسساتية والبيئية التي تمكن جماعة ما من تحقيق تماسكها وخلق بشكل مستدام الأمن والتعاون والثروة. وأشار في هذا الصدد إلى أن الرأسمال غير المادي للمغرب، البلد العريق، ليس وليد اليوم، فهو «رأسمال غير مادي عريق زادت سرعة وتيرة تراكمه بفضل الإصلاحات التي تمت مباشرتها على المستوى المؤسساتي، والسياسي، والاقتصادي، خلال الخمسة عشر أو العشرين سنة الماضية»، مضيفا أن هذا الرأسمال «يعد موردا خلفه لنا التاريخ وسنتركه لأبنائنا الذين لديهم حقوقا علينا». وأكد في هذا الصدد على ضرورة الاهتمام بحقوق، ومصالح وانتظارات الأجيال المقبلة على المستوى البيئي والاجتماعي والمؤسساتي «حتى نترك خلفنا مغربا قادرا على خلق الثروة». * مدير المناهج بوكالة التصنيف الدولية (فيغيو) *** إدريس الكراوي معنى جديد للتنمية أكد الخبير الاقتصادي إدريس الكراوي أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس بدعوته في خطاب العرش، إلى إجراء «دراسة مبتكرة»، لقياس القيمة الإجمالية للمغرب، ما بين 1999 و2013 فإن جلالته، يكون قد دعا ليس فقط إلى إعطاء مفهوم للتنمية، ولكن أيضا إلى معنى جديد للتنمية. وأوضح إدريس الكراوي الذي يتولى أيضا منصب الأمين العام للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن جلالة الملك، دعا إلى القيام بدراسة جماعية حول «المؤشرات المتعلقة بالرأسمال غير المادي في خلق الثروة وحول الطريقة التي يتم فيها تناول هذه المؤشرات من قبل مختلف الأطراف الاجتماعية، في مجتمع ما وفي فترة ما من تاريخها». وأضاف أن الدعوة الملكية ذاتها تهم ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الكمية والنوعية التي تلامس كافة جوانب الحياة اليومية للمواطنين، من قبل السكن والصحة والتربية والثقافة بكيفية تساعد على تطوير ليس فقط مستوى العيش ولكن أيضا نوع العيش». وبالنسبة للكراوي، فإن هذه المقاربة «تروم إيلاء الأهمية للأشياء المادية، وتحديد مكانة خلق الثروات بما في ذلك أبعادها غير المادية، في التماسك الاجتماعي للأمة. وأوضح الخبير الاقتصادي أن الأمر يتعلق على الخصوص بتحديد مكانة الأبعاد المادية وغير المادية، في الحياة وتدعيم الروابط الاجتماعية. وأضاف «نحن أمام تفكير عميق، دعا من خلاله جلالة الملك المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والشركاء الذين سيساهمون في هذه الدراسة بهدف مساءلة كافة أبعاد النموذج الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الذي يعتمده المغرب». وأبرز أنه بتحليلنا للنموذج التنموي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، في البلاد، فإن التفكير سيقود إلى إعادة صياغة هذا النموذج حتى يصبح أكثر شمولية ومنتجا للقيم وحتى يسهم في إيجاد النموذج الأمثل للعيش الذي يطمح إليه المغاربة، تماشيا مع المشروع المجتمعي الذي يتعين أن تتعبأ حوله كافة القوى الحية وراء جلالة الملك من أجل تحقيقه. * الأمين العام للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ***** عبد المالك العلوي تكريس للمصالحة بين التفكير والتنفيذ قال الخبير والمحلل الاقتصادي الأستاذ عبد المالك العلوي إن الخطاب الذي وجهه جلالة الملك محمد السادس إلى الأمة بمناسبة ذكرى عيد العرش، «خطاب مؤسس» يكرس «المصالحة بين التفكير والتنفيذ». وأضاف عبد المالك العلوي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء ، بخصوص الدعوة التي وجهها جلالة الملك لإجراء دراسة لقياس القيمة الإجمالية للمغرب بين عامي 1999 و 2013، أن جلالة الملك أكد في هذا الخطاب أنه يتطلب تحليل الإنجازات التي تحققت في السنوات ال15 الماضية وقياس أثر هذه الانجازات على المستوى الاجتماعي والبشري والاقتصادي . وأبرز العلوي، الذي يشغل أيضا منصب الرئيس التنفيذي للجمعية المغربية للذكاء الاقتصادي، أنه بهذه «المقاربة الشمولية»، فإن جلالة الملك قرر أن تقوم هيئة مستقلة وهي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بإعداد هذه الدراسة المهمة حول واقع المغرب. وأكد أن هذه الوقفة التأملية التي دعا اليها جلالة الملك، ستكون مماثلة لتلك التي تم القيام بها سنة 2005، والتي مكنت من تقييم الإنجازات وتحديد أوجه القصور وسقف التطلعات. وتعليقا على التشخيص الذي قام جلالة الملك بخصوص توزيع الثروة بين المواطنين، وصف السيد العلوي هذا التشخيص ب»الشجاع»، مضيفا أن المغرب حقق معدل نمو مهم خلال السنوات الأخيرة، لكن هذا النمو رغم أهميته، كما أكد ذلك جلالة الملك، «لم يتم توزيعه بشكل عادل». وحسب المحلل الاقتصادي، فإنه آن الآوان بالنسبة لجميع مكونات الأمة لكي تنكب على مسألة توزيع الثروة، مضيفا أنه «يتعين علينا إعطاء أهمية لمسألة مؤشر جيني (مؤشر قياس الفوارق داخل مجتمع ما)، على غرار الاهتمام بالرفع من الناتج الداخلي الخام. وفي ما يتعلق بالدور المناط بالحكومة وبالبرلمان بهذا الخصوص، أكد العلوي أنها ليست المرة الأولى التي يدعو فيها جلالة الملك غرفتي البرلمان للقيام بمبادرات في هذا الاتجاه، وكذلك الشأن ذاته بالنسبة للحكومة. * الرئيس التنفيذي للجمعية المغربية للذكاء الاقتصادي ***** مصطفى السحيمي منهجية جديدة لتقييم السياسات أكد أستاذ القانون والعلوم السياسية، مصطفى السحيمي أن جلالة الملك محمد السادس دعا في الخطاب الذي وجهه إلى الأمة، بمناسبة ذكرى عيد العرش، إلى اعتماد منهجية جديدة لتقييم السياسات العمومية من أجل تحسينها في المستقبل. واعتبر السحيمي، المحامي بهيئة الدارالبيضاء، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن جلالة الملك دعا في خطابه، إلى نهج تفكير نقدي وتقييمي لما تم إنجازه وما لم يتم القيام به على مدى ال 15 سنة الأخيرة، وذلك بهدف تحسين السياسات العمومية، وظروف عيش واشتغال المواطنين وتحقيق التقدم الاجتماعي بالنسبة للجميع. وأضاف الخبير القانوني أن جلالة الملك شدد على أن المغرب حقق خطوات هائلة على مستوى الازدهار الاقتصادي والتنمية والنمو، متوقفا في هذا السياق عند التقارير الايجابية التي تم إنجازها من قبل المنظمات والمؤسسات الدولية، ووكالات التصنيف والفاعلين الدوليين. وأوضح أن جلالة الملك «وضع سؤالا جوهريا تمحور حوله خطابه في شقه المتعلق بالسياسة الداخلية: هل التدابير التي تم اتخاذها والسياسات العمومية التي تم وضعها كانت صائبة¿». وأضاف السحيمي مقتبسا من خطاب جلالة الملك أن «التساؤل وإجراء هذه الوقفة مع الذات، لا يعني الشك أو التردد، أو عدم وضوح الرؤية. بل على العكس من ذلك، فطريقنا واضح، واختياراتنا مضبوطة. فنحن نعرف أنفسنا، ونعرف ماذا نريد، وإلى أين نسير». وبالنسبة للسحيمي فإن المشكلة لا تكمن في التوجه ولكن في تنفيذ السياسات العمومية، متسائلا هل ساهم تنفيذ هذه السياسات في تحسين ظروف عيش المواطنين؟ ويضيف أن جلالة الملك أشار إلى أن هناك مكتسبات ديموقراطية لا يمكن إنكارها و إنجازات ومشاريع كبرى للبنيات التحتية ونموا اقتصاديا مستمرا، ولكن هناك أيضا مسألة طبيعة و نطاق السياسات العمومية ومدى نجاعتها وتحسينها حتى يستفيد منها المواطنون بشكل أكبر. * أستاذ القانون والعلوم السياسية ****************** محمد بنحمو وقفة تأمل وتساؤل مع الذات قال محمد بنحمو أستاذ العلاقات الدولية بكلية الحقوق بسلا، ورئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، إن الخطاب الذي وجهه جلالة الملك محمد السادس إلى الأمة بمناسبة الذكرى ال15 لعيد العرش، اعتمد نظرة إستراتيجية في تدبير الشأن العمومي بالمغرب . وأكد بنحمو في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الخطاب الملكي جعل من الذكرى ال 15لتربع جلالته على عرش أسلافه المنعمين وقفة تأمل وتساؤل مع الذات لمسيرة اتسمت بتدبير حكيم وموضوعي وعلمي للشأن العمومي المغربي، وبإستراتيجية واضحة المعالم وبأهداف محددة وخيارات مضبوطة. وأشار إلى أن التساؤلات التي حملها الخطاب الملكي «ليست تشكيكا بل تساؤلات يقين للمضي قدما لبناء المستقبل الذي يتم بناؤه كما أكد على ذلك جلالة الملك بثقة وتفاؤل». ولاحظ أن من بين الإشارات القوية التي جاء بها الخطاب الملكي ما يتعلق بضرورة ضمان فعالية ونجاعة أكبر في إنجاز السياسات العمومية لتحقيق الرخاء المشترك للمغاربة، مبرزا أن جلالته أكد في هذا السياق على أهمية توسيع ودمقرطة استفادة المغاربة من التنمية والرخاء إضافة إلى تحقيق التكافؤ بين مختلف الفئات والمناطق. وقال بنحمو إن خطاب العرش طرح أيضا أسئلة حقيقية وجوهرية في ما يتعلق بتدعيم كل ما تم التأسيس له خلال ال 15 سنة الماضية التي غيرت وجه المغرب والتي أعطت بديناميتها القوية وتيرة جديدة للتنمية ووجها حقيقيا للتقدم وإرادة حقيقية في بناء مغرب متقدم «مع حرص جلالته على أنه بعد كل الذي تحقق لا بد من التوقف على مدى تأثير ذلك على حياة المواطنين». وأبرز بنحمو أن تأكيد جلالة الملك على ضرورة التنزيل الحسن للسياسات والاستراتيجيات من قبل نخب مؤهلة، حتى يكون لها الأثر الملموس على حياة المواطنين، يبقى من بين أقوى الإشارات التي تضمنها الخطاب الملكي. * أستاذ العلاقات الدولية بكلية الحقوق بسلا *************** دوف زخاييم يكتسي أهمية بالغة أكد دوف زخاييم، المساعد السابق لوزير الدفاع الأمريكي من 2001 إلى 2004، أن المغرب يتميز داخل منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط بكونه «ملاذا للسلام والاستقرار»، وذلك بفضل الدور الريادي المتبصر الذي يضطلع به صاحب الجلالة الملك محمد السادس. وقال زخاييم، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، عقب الخطاب الذي ألقاه صاحب الجلالة بمناسبة عيد العرش، إن «الدور الريادي لجلالة الملك كان وراء اعتماد الدستور الجديد، الذي يعد من بين الإصلاحات التي جعلت من المملكة ملاذا للاستقرار والتفاؤل أكثر من أي بلد آخر بالمنطقة». ولاحظ زخاييم، الذي كان يشغل أيضا منصب منسق مدني بالبنتاغون من أجل إعادة إعمار أفغانستان من 2002 إلى 2004، أن الريادة الملكية «حصنت المملكة ضد الاضطرابات والتوترات التي هزت البلدان الأخرى بمنطقة (مينا)، في احترام تام لقيم التسامح والتعايش». وذكر، في هذا السياق، بأن المغرب كان دائما حليفا «قويا» للولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف الديني، مؤكدا على أن جلالة الملك، سبط النبي، يتوفر على «رؤية أصيلة للإسلام». ووصف زخاييم ب»الهام للغاية» الخطاب الذي ألقاه جلالة الملك بمناسبة الذكرى ال15 لعيد العرش، خصوصا عندما دعا جلالته إلى «ضرورة التصدي الجماعي للتنظيمات الإرهابية التي تجد في عصابات الانفصال والاتجار في البشر والسلاح والمخدرات، حليفا لها، لتداخل مصالحها، والتي تشكل أكبر تهديد للأمن الإقليمي والدولي». وخلص إلى أن الخطاب الملكي «يكتسي أهمية بالغة» لأنه يقطع الطريق على الجماعات الإرهابية والانفصالية، التي تنشط في منطقة الساحل والصحراء، وتسعى إلى زعزعة الأمن والوحدة الترابية للدول. * منسق مدني بالبنتاغون