لقد أسقط الانقلاب العسكري في مصر آخر الأقنعة عن دعاة الليبرالية والعلمانية والاشتراكية في العالم العربي، وأظهر حقيقتهم أمام هذه الشعوب وبين زيف ادعاءاتهم حول الديمقراطية واحترام إرادة الشعوب، وحقها في تقرير مصيرها. وهكذا تحول دعاة العلمانوية من "الحج" في واشنطن وموسكو وباريس إلى "الحج" في جدة ودبي والكويت بعد أن أصيب الدولار واليورو بالكساد في بلاد الأنوار والحداثة والحرية وفتحت أنهار الريال والدرهم في بلاد الجمال –البعير- والرجعية والماضوية؛ طالبين من حماة الوهابية –الرجعية والمتطرفة والمتخلفة والظلامية والإرهابية- التي طالما هاجموها واعتبروها أصل البلاء والظلام والتخلف الذي يصيب الوطن العربي، طالبين منها الدعم والمساندة في مواجهة "الوهابية الإخوانية" التي وصلت للحكم بالطرق الديمقراطية، وهكذا تحولت السعودية والإمارات والكويت من "إمارات" –كان العلمانويون لايصفونها بمصطلح دول- رجعية متخلفة وظلامية وماضوية إلى "دول" راعية للحرية وحق الشعب المصري في الحرية والديمقراطية ومواجهة للقوى الماضوية والظلامية المتشبعة بالفكر الوهابي، فيا عجبا لبريق الريال والدرهم –الاماراتي وليس المغربي- ما أروعه!!! ولأن القوى العلمانوية ليس لها وجود في الشارع المصري والعربي، فقد استعان قادة "ثورة 30 يونيو المجيدة" بحزب النور السلفي –الوهابي السعودي- ودعي لإلقاء كلمة تبارك الانقلاب العسكري في وقت غاب عن المنصة كل "زعماء" العلمانوية واليسارجية والليبرالجية باستثناء بابا الأقباط و"البرادعي" مخرب العراق بالأسحلة الكيماوية، ونسي هؤلاء العلمانويون حربهم ضد هذا الحزب الوهابي الذي اعتبروه "حزبا سعوديا" وليس مصريا، وأنه مجرد منفذ لتوجيهات مشايخ السعودية وأمرائها –وهم على حق-، وأنه أشد تطرفا وماضوية من الإخوان المسلمين، فكيف تحول هذا الحزب الماضوي والظلامي والوهابي إلى حزب "حداثي ديمقراطي" يدافع عن حق الشعب المصري في "الثورة" ضد رئيسه، وتناسوا أن نفس الحزب كان يحرم الثورة على مبارك!!! فسبحان الله. وقد بلغ الأمر بدعاة "العلمانوية" في المغرب أن يطالب أحد الذين يصنف نفسه كباحث في الحركات الإسلامية –في زمن كثر فيه الباحثون الذين لا يعرفون حتى التعريف العلمي لمفهوم الحركة الإسلامية- بإسقاط حكومة "بن كيران" وذلك بقوله "إن هذه الحروب التي يخوضها إخوان المغرب ضد مصر و السعودية و الإمارات تستوجب إقالتهم من رئاسة الحكومة دفاعا عن المصالح العليا للوطن !" ونحن نقول له: نعم، فلتسقط حكومة "الوهابيين" في المغرب حتى نحافظ على مصالحنا مع حكومات "الوهابيين" في الخليج، وحتى لا تتوقف عطايا السادة "الوهابيين" وحتى لا يخفت بريق دراهمهم وريالاتهم. فلنسقط حكومة "الوهابيين الفقراء" من أجل عيون "الوهابيين الأغنياء" والمهم أننا ضد "الوهابية الماضوية الظلامية" –الفقيرة وليست الغنية طبعا-!!! وإذا كان مفهوما –بمنطق العلمانوية العربية- أن يعسى العلمانويون بالتحالف مع "حماة الوهابية" لإسقاط الرئيس المنتخب "محمد مرسي" باعتباره ينتمي لجماعة "ظلامية"، فإنه من غير المفهوم أن يسعى هؤلاء العلمانويون للتحالف مع الوهابية لإسقاط النظام التونسي الذي يوجد على رأسه علماني –وليس علمانوي- ورئيس مجلسه التأسيسي علماني، والمضحك في الأمر أن السبب وراء "مشروع الإسقاط" هو محاربة الوهابية التي يتساهل النظام القائم في مواجهتها. حلل وناقش!!! *باحث في سلك الدكتوراه- القانون العام والعلوم السياسية عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.