صرح رئيس وزراء الانقلاب المصري المؤقت "حازم الببلاوي" في لقاء تلفزيوني لقناة "أيه بي سي" الأمريكية حول أحداث فض اعتصام ميداني رابعة العدوية والنهضة والتي راح ضحيتها حسب المراقبين أكثر من 3000 شهيد ومئات الجرحى والمصابين أن قواته قد استعملت عنفا مفرطا لتفريق المتظاهرين قبل أن يستدرك قائلا أن هذا العنف يأخذ طبيعة استثنائية تجد ما يبررها في ظل ما يجري من أحداث في مصر، وحين واجهته المذيعة بالقول "إن هذا الافراط في العنف غير مقبول وغير مبرر في كل الأحوال"، رد عليها الببلاوي دون أن يرف له جفن مدافعا عن منظر القتل أمام العالم قائلا : "أنتم أيضا قمتم بالأمر نفسه في الحرب العالمية الثانية وفي حربكم ضد الفيتنام". جواب الببلاوي لم تتوقعه "مارثا رادرتز" مراسلة قناة أيه بيس ي بالقاهرة، وردت على البيبلاوي باستغراب شديد قائلة: "إنها مقارنة مذهلة"، غير أن البيبلاوي لم يعتبر الأمر كذلك، فأردف على كلامها بأنه لا يشعر إزاء هذا الأمر بأي تأنيب ضمير ولن يتراجع عن ذلك (...)، وكأن لسان حاله يقول "دول بس إخوان". إن مقارنة "الببلاوي" للمتظاهرين في رابعة و النهضة بحرب الولاياتالمتحدةالأمريكية في الفيتنام لهو تعبير صريح عن العقلية الانقلابية الحاكمة اليوم في مصر، والتي لا ترى في المتظاهرين أبناء للوطن الواحد، وإنما ترى فيهم أعداء للوطن والاستقرار ودعاة للفتنة والإرهاب، وهذه الحقيقة تتجلى بشكل واضح في السلوك اليومي للإدارة الانقلابية في تعاملها مع المعارضين لها من كل الاتجاهات وللإخوان المسلمين بشكل أكثر، وهي تحاول ترسيخ ثقافة جديدة في المجتمع المصري مفادها أن كل من يعارض الانقلاب سواء في الداخل المصري أو خارجه هو "إخواني" فالتهمة "قناة الجزيرة بالأخونة" واتهمت كل الأصوات الحية الداعية إلى الحرية والانعتاق وإلى قيم الديمقراطية وسيادة الشعب ضد عن كل قيم التسلط والحكم الشمولي بأنها "إخوانية"، حتى أن الدكتور البرادعي نائب رئيس الوزراء المصري المستقيل بسبب رفضه للعنف المفرط الذي مورس في فض الاعتصام اتهم بأنه "عميل أمريكي جاء لتيسير مشروع الاخوان في مصر والمنطقة". وهكذا يبدو أن مجرد "تهمة" الانتماء اليوم إلى جماعة الاخوان المسلمين أصبح القانون المصري في عهد الانقلابيين يعاقب عليها، ولا شك أن حملة اعتقال كل قيادات الاخوان من الصف الأول والصف الثاني والأعضاء الفاعلين والمتعاطفين وقتل أبناء القيادات الإخوانية كابن محمد بديع، مرشد الجماعة، وبنت نائبه خيرت الشاطر وزوجها، وكذلك بنت القيادي البارز في الجماعة محمد البلتاجي أسماء بنت 17 ربيعا والتي أضحت صورها البريئة علما يحمل في كل بلدان العالم، وكذلك سقوط مئات الشهداء من أبناء الاخوان والمتعاطفين معهم خارج عن هذا السياق، حتى أن الادارة الانقلابية المصرية تتباحث اليوم سبل حل جماعة الاخوان المسلمين باعتبارها جماعة إرهابية تدعوا إلى العنف والتخابر مع دول أجنبية. هذه السلوكيات العدوانية جميعها جعلت مثقفا ماركسيا مغربيا يدعى محمد الناجي يكتب "أنا إسلامي" دفاعا عن صوت الحق والحرية ورفضا لأنظمة التسلط والاستبداد، وجعلت أيضا العديد من الشرفاء والمثقفين من مختلف المشارب الفكرية يعلنون تضامنهم المطلق مع جماعة الاخوان ومع كل الرافضين للانقلاب العسكري من عموم الشعب المصري.