لم تكن بولونيا تتوقع بعد 25 سنة من شروعها في تطبيق الديموقراطية جراء سقوط الشيوعية سنة 1989 أن يكون خلل في النظام المعلوماتي الخاص بفرز أصوات الانتخابات المحلية التي أجريت في 16 نونبر الجاري سيؤثر سلبا على المسلسل الديموقراطي بالبلد. ولم يكن متوقعا بعد 48 ساعة من التصويت أن تشكل هذه الانتخابات المحلية، التي تعد اختبارا قبل سبعة أشهر من إجراء الانتخابات الرئاسية وسنة من الانتخابات التشريعية، والتي أعلن عن نتائجها النهائية ليلة السبت – الأحد، خيبة أمل بالنسبة لحزب المعارضة (القانون والعدالة – محافظ ) الذي كان متأكدا من الحصول على المرتبة الأولى (26,85 بالمائة)، ولكن بفارق بسيط على (المنتدى المدني – ليبرالي) الحاكم (26,36 بالمائة). غير أن تأجيل الإعلان عن نتائج التصويت بسبب خلل في النظام المعلوماتي الخاص بفرز الأصوات خلق أزمة سياسية بالبلاد، الشيئ الذي أدى إلى تسجيل حوادث عنف بالبلاد بعد خروج المظاهرات التي قادها المحافظون المتطرفون واليمينيون القوميون المتطرفون، الذين قاموا بتحطيم محتويات مقر لجنة الانتخابات بوارسو وطالبوا بحل اللجنة، إذ أن الشرطة لم تتمكن من إخلاء المكان إلا بعد ساعات متأخرة من الليل. وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة (لاغازيت إليكتورال) في افتتاحيتها أن"هذا الهجوم على لجنة الانتخابات" يعد " عملا مدبرا ضد الديموقراطية، الذي لم يتم تسجيله منذ 25 سنة خلت ". وحملت الصحيفة قادة أحزاب المعارضة الرئيسية، لاسيما حزب "القانون والعدالة "وتحالف اليسار الديموقراطي (الحزب الديموقراطي اليساري) "مسؤولية هذا العمل التخريبي ". من جهتهم، دعا قادة أحزاب المعارضة (سواء أحزاب اليسار أو اليمين) إلى إعادة الانتخابات المحلية، وهو ما رفضه الرئيس البولوني برونيسلاو كومورواسكي والوزيرة الأولى إيوا كوباز. وقد تسببت هذه الأحداث في إلغاء الزيارة الرسمية التي كان يعتزم الرئيس البولوني القيام بها إلى اليابان، وذلك من أجل " تهدئة الوضع"، لاسيما وأن الدورة الثانية من الانتخابات المحلية يرتقب إجراؤها في 30 نونبر الجاري. غير أن عملية فرز الأصوات بالطريقة اليدوية ، في استطلاعات الرأي، أسفرت عن فوز الحزب المعارض (القانون والعدالة) الذي يقوده جاروسلو كاتشينسكي في التصويت التجريبي بفارق بسيط على (المنتدى المدني). أما في ما يتعلق بنتائج الانتخابات المحلية الأخيرة ببولونيا، فقد حصل الحزب المعارض (القانون والعدالة) على 169 مقعدا في مجالس 16 جهة ببولونيا مقابل 179 (للمنتدى المدني) التي تقوده الوزيرة الأولى الحالية إيوا كوباز، منها 159 مقعدا حصل عليها حزب الفلاحين، الشريك بالائتلاف الحكومي، الذي حقق نتائج مبهرة. وفي السياق ذاته ، أعلن أعضاء لجنة الانتخابات الوطنية استقالتهم جراء اتهامهم بالتقصير في الاستعداد لهذه الانتخابات، خاصة في مجال النظام المعلوماتي وفرز الأصوات، هذه الاستقالة الذي تدخل حيز التنفيد بعد إعلان النتائج النهائية لانتخاب العمداء المرتقب تنظيمها الأحد المقبل. كما قام رئيس الجمهورية بتعيين أعضاء اللجنة الانتخابية الجديدة، الذي أقترح بأن تحدد مدتها لفترات معينة وأن تكون رئاستها دورية، بالإضافة إلى كونها تتشكل من القضاة. وبحسب المحللين المحليين، فإن الدورة الثانية للانتخابات المحلية ببولونيا، بعد هذه المهزلة الانتخابية، ستستقطب نسبة أقل من الناخبين بسبب فقدان الثقة في المشهد السياسي .