انطلاقا من واجب "النصيحة" المفترض في كل عضو مؤمن بصوابية المشروع الإصلاحي لحزب العدالة والتنمية، وتماشيا مع أطروحة المؤتمر الوطني السابع للحزب والنظام الأساسي للحزب اللذان يمنحان الحق في إبداء الرأي في مختلف القضايا، حيث تنص الأطروحة في صفحتها 76 "وعلى التنظيم الحزبي أن يعمق أيضا قيم الحرية والديمقراطية لدى مناضليه، إذ لا يتصور عقلا أن يقود حزب شعبه وأمته نحو التحرر والانعتاق ومعانقة فضاءات الحرية الرحبة، تحجيما لشر الاستبداد إن هو عجز عن إشاعة الحريات الفردية والجماعية، وعن بسط الحرية للمناضلين جميعهم، لما يضمن تفتيت وتحجيم مداخل ومنابت الاستبداد المتأصل في الأنفس أفرادا، والعمران جماعات ومؤسسات"؛ وتفاعلا مع توجيهات قيادة الحزب التي كان أهمها تصريحات الأخ بن كيران في مؤتمر شبيبة الحزب عندما حذر من الاعتدال الذي لا تبقى معه رائحة ولا لون ودعا إلى "القوة في الكلمة والقوة في النصيحة والقوة في الانتقاد" واعتبر "أن الشباب الذي لا يقول الحقيقة و لا يغضب ولا يقف في وجه الفساد ولا يخرج للشارع عندما يكون ضروريا لا مصلحة له"؛ انطلاقا من كل ما سبق أتوجه بهذه المقالة لقيادة العدالة والتنمية لمناقشة مدى صوابية التحالف مع "حزب التجمع الوطني للأحرار"، ولدعوتها للرجوع للشعب لاختيار من يدير شؤونه، وذلك للأسباب التالية: قيادة "الأحرار" و المشروع السلطوي التحكمي: لا بد من الإقرار أولا بأن المشكل ليس مع "الأحرار" كحزب مثل بقية الأحزاب الأخرى، فهو لا يختلف عن الأحزاب "الإدارية" التي "وجدت" لوظيفة معينة، و إنما المشكل هو مع القيادة الحالية للحزب التي "انقلبت" بدعم من الحزب السلطوي على الرئيس السابق للحزب عندما تجرأ وانتقد الحزب السلطوي ومؤسسه، هذه القيادة وفي مقدمتها رئيس الحزب لم تخفي انحيازها الكامل لمشروع التحكم والاستبداد، بل وجعلت من أهم برامجها مواجهة المشروع "الظلامي" لحزب العدالة والتنمية؛ ونسوق هنا مجموعة من التصريحات للسيد "مزوار" رئيس الحزب ومنسق "تحالف 8" الذي أنشئ خصيصا لمواجهة "المد الظلامي" في المغرب؛ ففي تصريح له بتاريخ 20/10/2011 قال (اعطوني امرأة واحدة لا تلبس الحجاب في أحد الأحزاب) كما اتهم "تحالف 8" على لسان "بن عتيق" بتاريخ 5 نونبر 2011 حزب العدالة والتنمية بأن له علاقة بالشيشان والإخوان المسلمين في مصر وما جرى من قتل في الجزائر"، وبتاريخ 14/10/2013 قال "مزوار" (إن مسار المغرب الفكري والديني معروف ومحسوم فيه، وأن هناك جهات تسعى إلى خلق هزات داخل المجتمع من خلال الشعوذة الدينية التي تتبناها وتحاول نشرها... وهناك اليوم تراجعات خطيرة سنؤدي ثمنها غاليا، اقتصاديا واجتماعيا)، وفي تصريح للقناة الأولى بتاريخ 5/8/2013 بعد فضيحة العفو عن "دانيال" قال مزوار (هناك تساؤل كبير حول الطريقة التي تعاملت بها الحكومة فيما يخص هذا الملف، وتنصلها من المسؤولية، كأننا أمام مؤسسات مختلفة وليس أمام دولة قائمة الذات بمساطرها، وكأن هناك مؤسسة ملكية تشتغل لوحدها وحكومة تشتغل لوحدها)، هذا ما صرح به "مزوار" وهو يتفاوض للدخول للحكومة، فكيف ستكون تصريحاته وأفعاله بعد الدخول للحكومة؟؟؟ "بن كيران" و "زعيم الأحرار": كل المغاربة يتذكرون المعارك التي خاضها "بن كيران" قبل وخلال وبعد انتخابات 25 نونبر ضد قيادة "الأحرار"، وقد بلغت حد "الاتهام" بتلقي تعويضات غير قانونية في فضيحة تبادل العلاوات بين "مزوار" و"بنسودة"؛ وسأقتصر على تصريح واحد للسيد "بن كيران" موجه لرئيس "الأحرار" بتاريخ 15/11/2011 (من يعرف 'مزوار'، منذ مدة وجيزة لم يكن معروفا، لكن بين عشية وضحاها أصبح زعيما في المغرب، هل 'علال الفاسي' و 'الوزاني' و 'بن بركة' و'الخطيب' أصبحوا زعماء بسهولة، إنها عشرات السنوات يا أستاذ 'مزوار' ...المشكلة يا 'مزوار' سياسية تتطلب حكومة قوية تتمتع بشرعية المجتمع، رئيسها له مشروعية، ولا يرضى أن يسيره 'الهمة' أو 'الماجدي'...هل تتوقعون أن أقول لكم إن معركتنا اليوم هي مع هذا التحالف ''ج8'' "اللي قطر بيه السقف"، أو أقول إن معركتنا بالأمس كانت فقط مع "البام"؟ إن معركتنا اليوم وغدا هي مع الفئات المتحكمة في السلطة، المالكة للنفوذ، والمستغلة للثروة، مع الذين تحكموا في الدولة منذ الاستقلال إلى الآن وأوصلوا المجتمع إلى حالة فقدان التوازن، وصار مثل رجل فاقد لتوازنه معرض في أي لحظة للسقوط والكسور...سنحارب هؤلاء بالرغم من إمكاناتنا العادية لأنه لم يعد لدينا خيار). فما الجديد الذي تغير في القيادة الحالية 'للأحرار' حتى يعقد معها تحالف حكومي؟ وهل أصبحت هذه القيادة ترفض تلقي "التعليمات" من 'الهمة' و 'الماجيدي'؟ وهل ستشتغل باستقلالية ودون توجيه خارجي في عملها الحكومي خصوصا بعد تصريح 'مزوار' في قضية العفو عن المجرم "دانيال"؟ وهل "تبرأت" هذه القيادة من مشروعها القائم على مواجهة المشروع "الظلامي" للعدالة والتنمية؟ وهل ستأخذ الإجراءات القضائية مسارها الطبيعي في قضية تبادل العلاوات في حال انضمام "الأحرار" للحكومة؟. *باحث في سلك الدكتوراه/القانون العام والعلوم السياسية -الكاتب المحلي لحزب العدالة والتنمية -مدينة ابن أحمد عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.