عرف المغرب نموا اقتصاديا قويا ونشاطا ماليا مكثفا، كما نجح خلال العقد الاخير في خلق عوامل نجاح الاقتصاد، ورسم افاق النمو خلال العشر سنوات المقبلة. جاء ذلك على لسان بيتر كريمسديتش مدير تحرير المكتب الدولي للذكاء الاقتصادي ، خلال ندوة نظمها "أكسفورد بيزنس غروب" حول "عشرية التغيير بالمغرب ، آفاق النمو في اقتصاد عالمي يوجد في أزمة" يوم أمس الاربعاء بالدار البيضاء. وأوضح كريمسديتش خلال تقديمه لخلاصات التقرير الذي أعده "أكسفورد بيزنس غروب"، حول الاقتصاد المغربي سنة 2014 ، أنه خلال العشرية الأخيرة ارتفع الناتج الداخلي الخام السنوي ب 6 في المائة وهو ما يعادل ضعف هذا الناتج سنة 1990، وذلك على الرغم من التداعيات السلبية للأزمة العالمية، وسجل في هذا اللقاء الأول من نوعه بالمغرب، أنه خلال العشر سنوات الأخيرة، تضاعف معدل الولوج إلى البنوك ، فيما انتقلت نسبة الولوج إلى الهاتف النقال من 20 في المائة إلى 130 في المائة ، مسجلا بذلك أعلى نسبة بالمنطقة، بالإضافة إلى إحداث المغرب لتغييرات قطاعية مهمة. وأوضح أن إرساء مخطط الإقلاع الصناعي أدى إلى إحداث مجموعة من الأقطاب الصناعية ، خاصة في قطاعات الطيران والسيارات، مضيفا أن المغرب يسير في الطريق الصحيح لكي يضاعف إنتاج السيارات ب20 في المئة مقارنة مع سنة 2004. واعتبر السيد كريمسديتش أن هذا الإنجاز الإيجابي يمثل تنافسا حقيقيا لكبار منتجي السيارات مثل تركيا، مشيرا إلى أن مائة معمل متخصص في صناعة الطيران بدأت أنشطتها بالمغرب. وبخصوص بقطاع الاتصالات، أوضح أن المغرب يعد ،حسب تصنيف ماكينزي، إحدى الوجهات الأكثر تنافسية بإفريقيا في نقل توسيع نشاطها خارج المغرب والاستثمار بإفريقيا، علاوة على نشر خدمات الجيل الرابع في مجال الاتصالات. وفي سياق متصل، أوضح أن قطاع السياحة ضاعف منذ سنة 2004 قدرات الاستقبال وعدد السياح الأجانب الوافدين سنويا، حيث انتقل عدد السياح الوافدين إلى المغرب من 4,5 مليون إلى عشرة ملايين سائح، مع نجاح خاص لسياحة الأعمال والسياحة الاقتصادية. وأبرز أن المملكة من خلال توفرها على بنيات تحتية ذات مستوى عالمي ونظام متطور للتكوين المهني والدعم العملي للحكومة وتحرير التجارة ، توفر أرضية جذابة للمقاولات بمختلف القطاعات سواء في العقار أو المالية أو الصناعية للاستثمار. وعزا السيد كريمسديتش هذه الإنجازات الإيجابية إلى الصحة الجيدة للسوق المحلي، وارتفاع استهلاك الأسر وارتفاع الناتج الداخلي الخام ب 4 في المائة سنويا، فضلا عن الجهود التي تبذلها المملكة لكي تتموقع كجسر نحو الأسواق الأخرى ذات النمو القوي. وأشار إلى أن القطب المالي للدار البيضاء يحظى باهتمام المستثمرين الأجانب الباحثين عن فرص الاستثمار بإفريقيا، ووجود مناطق صناعية تمنح أرضيات مهمة للتوسع الإقليمي، علاوة على امتلاك المغرب لأهم الموانئ بالقارة السمراء (ميناء طنجة المتوسط) الذي يمنح ولوجا منخفض التكلفة للمصدرين. من جهتها، أبرزت مباركة بوعيدة الوزيرة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، في كلمة خلال نفس الندوة ، أن المغرب باشر خلال العشر سنوات الأخيرة إصلاحات "مهمة وشجاعة" في المجالين الاجتماعي و السياسي منها ،على الخصوص، مدونة الأسرة (سنة 2004) والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية (2005) والدستور الجديد (2011) . وأشارت بوعيدة إلى أن المغرب أعد سلسلة من الاستراتيجيات القطاعية من أجل تأمين نمو اقتصادي قوي ومستديم ومدر للثروات، مؤكدة أن الأمر يتعلق بدينامية ترتكز على مقاربة مبتكرة للشراكة بين القطاعين العام والخاص، تدعو إلى مشاركة أكبر للقطاع الخاص في إعداد الاستراتيجيات والسياسات القطاعية و المالية للمشاريع. وأوضحت أن هذه الاستراتيجيات تندرج في إطار تحديث القطاعات الجديدة، حيث يمنح المغرب مجموعة من الإيجابيات التنافسية المهمة، خاصة في قطاعات الطاقات المتجددة واللوجستيك وصناعة السيارات والطيران والخدمات ذات القيمية المضافة.