حذر المغرب سلطات جنوب أفريقيا من سلوكها وسياساتها المعادية للمغرب واذا لم توقف هذه السياسات والسلوك فسيكون له موقف سياسي مناسب. وجاء تحذير المغرب على لسان وزير خارجيته ناصر بوريطة في تصريحات امام لجنة برلمانية حول حجز باخرة مغربية في المياه الإقليمية لجنوب إفريقيا، استجابة لشكاية تقدمت بها جبهة البوليساريو لحملها مادة فوسفات منتجة من المناطق الصحراوية المتنازع عليها متجهة نحو نيوزيلاندا، ولا زالت السفينة محتجزة في ميناء بورث إليزابيث في جنوب إفريقيا. واعتبر بوريطة أن احتجاز البواخر المغربية من قبل جنوب إفريقيا مناورة جديدة تأتي في سياق ملف وحدتنا الترابية وهو الملف الذي تتبنى فيه جنوب افريقيا موقفاً مناهضاً لمغربية الصحراء وتدعم مطالب جبهة البوليساريو في اقامة دولة مستقلة في المناطق التي استردها المغرب من اسبانيا 1976. وشدد وزير الخارجية المغربي على أن احتجاز السفن المغربية من قبل جنوب إفريقيا خلفياته سياسية صرفة، ولا علاقة له بمشروعية نقل السلع، التي تنقلها هذه البواخر إلى دول أخرى لأن المغرب يتعامل تماماً وفق القانون الدولي، وقواعده. وأكد أن النظر قضائياً في قضية احتجاز السفن المغربية من قبل قضاء جنوب إفريقيا يطرح أكثر من تساؤل، لكون جنوب إفريقيا ليست لها أي مصلحة مباشرة فيما تحمله السفن من سلع ولا يوجد على السفينة من بين طاقمها أي شخص يحمل هوية جنوب إفريقيا، فضلاً عن أن السلع المحملة على السفينة ليست وجهتها جنوب افريقيا، بل دول أخرى، ما تنافى معه الاختصاص القضائي للنظر في هذا الملف. وتساءل بوريطة حول «من أعطى الاختصاص لجنوب إفريقيا حتى تنظر في هذا الملف قضائياً من قبل قضائها ورغم ذلك نحن لا نخشى من القضاء لأن وضعنا القانوني سليم تجاه القانون الدولي»، وقال إذا تمادت جنوب إفريقيا في تسييس ملف السفن المغربية، فإن المغرب سيكون له رد سياسي أيضاً. وحذر من تمادي جنوب إفريقيا في مواصلة التحرش بالمغرب، وقال إن لجوء جنوب إفريقيا في كل مرة إلى احتجاز السفن المغربية بمياهها الإقليمية، بناء على شكاية كاذبة سيفقد الثقة فيها، وسيجعل سفن مختلف الدول، التي تمر من هناك تخشى أن تلقى المصير نفسه، الذي لقيته السفن المغربية، لاسيما إذا تمادت في النظر في الملف قضائياً من قبل قضائها. وتسعى جبهة البوليساريو(الإنفصالية) الى إبراز مسالة الثروت آلطبيعية في المناطق الصحراوية واثارة استغلال المغرب لها، ونجحت في بعض الملفات في فصل الصحراء عن المغرب في المعاملات التجارية مثل اتفاقية التعاون الفلاحي والصيد البحري بين المغرب والاتحاد الاوروبي. وفي هذا الإطار تقدمت للسلطات القضائية في جنوب افريقيا بدعوى لاحتجاز السفينة المغربية لانها تحمل مواد منتجة بالصحراء كما تقدمت بطلب ماثل الى السلطات البنمية الاسبوع الماضي لحجز سفينة محملة ب55 طن فوسفات كانت متجهة الى كندا الا ان السلطات البنمية افرجت عن السفينة بعد احتجازها لانها لم تجد انها مخالفة للقانون الدولي او لقرارات مجلس الامن الدولي ذات الصلة بالنزاع الصحراوي. وحاول أنصار جبهة البوليساريو في جزر لاس بلماس بالمحيط الاطلسي مقابل الصحراء منع تفريغ شاحنة في مياه جزر الباليار قادمة من ميناء العيون/ اكبر موانئ الصحراء، محملة بالرمال. وتقدمت جمعية موالية للبوليساريو بطلب الى الحرس المدني في مايوركا في جزر البليار بضرورة منع تفريغ شحنة الرمال آتية من منطقة العيون في الصحراء، وذلك بحجة أن «المغرب يستغل موارد الصحراء بطريقة غير قانونية في وقت لم يتم البث في السيادة النهائية للنزاع». وانضمت حكومة جزر البليار الى موقف الجمعية المتعاطفة مع البوليساريو، وأكدت، وفق جرائد محلية مثل دياريو دي مايوركا، عدم استيرادها للرمال من الصحراء، وهي 35 ألف طن، ولا تتوفر على أي مشروع لنشر هذه الرمال في شواطئ الاقليم بل هي مخصصة لشركات خاصة للبناء وملاعب الغولف. وطالبت حكومة الحكم الذاتي من الحكومة المركزية موقفها الواضح بضرورة رفض هذه الرمال طالما تؤيد تقرير المصير كحل لنزاع الصحراء. ولا يعتبر موقف حكومة الحكم الذاتي في جزر الباليار مفاجئاً لأنها حكومة مكونة من أحزاب يسارية تتعاطف مع جبهة البوليساريو. وتشير كل المعطيات الى إفراغ الشحنة خلال نهاية الأسبوع، فقد كان مقررًا رسو السفينة في ميناء بالما دي مايوريكا ليلة الثلاثاء من الأسبوع الجاري ليبدأ التفريغ صباح امس الأربعاء، لكن السفينة فضلت البقاء في عرض البحر ولم تدخل حتى الآن الميناء. وهذه هي المرة الثالثة خلال شهر واحد يتم تسجيل حادث من هذا النوع، أي اعتراض ميناء دولي على مادة مصدرها الصحراء.. وتحفظ قضاء بنما لمدة يوم أو يومين على سفينة محملة بالفوسفات نحو كندا الأسبوع الماضي قبل إخلاء سبيلها، والآن يتكرر المشهد في جزر البليار ولكن لم يتدخل القضاء حتى الآن وقد لا يتدخل. وقال موقع ألف بوست ان ما يجري حول اعتراض البوليساريو على شحنات المواد آتية من الصحراء يدخل ضمن الحرب الاقتصادية في نزاع الصحراء والتي شهدت منعطفاً مقلقاً في حكم المحكمة الأوروبية الذي طالب باستثناء منتوجات الصحراء. ومن ضمن ما قد يترتب عن حالات مثل جنوب إفريقيا وبنما وجزر البليار هو احتمال تفادي سفن الشحن الدولي نقل منتوجات من موانئ الصحراء في المغرب خوفاً من التحفظ على هذه السفن في موانئ دولية.