تعتبر مبادرة توحيد حركة الإصلاح والتجديد ورابطة المستقبل الإسلامي، مبادرة نوعية في المشهد العام. سواء تعلق الأمر بالحركة الإسلامية أو بالعمل الحزبي، في وقت كان السائد فيه الانقسامات والانشقاقات، فكانت عملية الوحدة عكس هذا الاتجاه. وكانت الوحدة نقلة تجديدية سواء على مستوى عمل حركة الإصلاح والتجديد أو رابطة المستقبل الإسلامي، لأن المرتكزات التي قامت عليها الوحدة مرتكزات واضحة وبسيطة منها: المرجعية العليا للكتاب والسنة، إضافة إلى المسؤولية بالانتخاب، والشورى الملزمة. وتصلح هذه الأسس لكل عمل توحيدي بين الحركات الإسلامية أو بين المسلمين على مختلف المستويات. وبالتالي أصبحت الوحدة فرصة لإعادة النظر في ما كانت عليه الحركتين السابقتين، إذ تم إعادة النظر في كل التوجهات والتصورات. وقد كانت الوحدة فرصة للتجديد، التي تجلت أهم نقاطها التجديدية في النظر في الهدف العام للحركة الإسلامية الذي اعتبرته حركة التوحيد والإصلاح هو إقامة الدين بدل التركيز على إقامة الدولة، الذي كان قبل ذلك سائدا في أدبيات الحركة الإسلامية. وفي حقيقة الأمر فإن تأسيس حركة التوحيد والإصلاح كان مناسبة لإخراج الحركة الإسلامية من ضيق فكر الدولة والسلطة إلى فكر الدعوة والرسالة إقامة الدين، فأصبحت آنذاك الدولة والسلطة يحتلان مكانيهما الطبيعيين في سلم وتراتبية أعمال الحركة الإسلامية، بحيث أضحى الهدف العام هو إقامة الدين على مستوى الفرد وعلى مستوى الأسرة وعلى مستوى المجتمع وعلى مستوى الدولة حسب الإمكان والاستطاعة، وكل هذا فتح آفاقا واسعة للعمل الإسلامي في مختلف المجالات ووسع مدارك أبناء الحركة الإسلامية في التعامل مع واقعهم. وكانت الوحدة فرصة لتجديد التصور حول فكرة التنظيم، إذ انتقلنا من التنظيم المركزي الجامع إلى التنظيم الرسالي المتفاعل مع محيطه. كما انتقلت الحركة من فكر البديل إلى فكر المشاركة والإسهام في إقامة الدين مع مختلف الفاعلين. إضافة إلى بروز التأصيل الايجابي بحيث أن الحركة لما عكفت على إعداد ورقتها السياسية لم تهتم بنقض أطروحات الآخرين، وإنما توجهت إلى إثبات مشروعية اختيارها عن طريق المصلحة الراجحة والمصلحة المرجوحة، وكل هذه أوجه من أوجه التجديد التي أتاحتها الوحدة. وهناك المزيد من العطاء إذا استمررنا على هذا المنهج الأصيل الذي تتبناه حركة التوحيد والإصلاح، الذي يقوم على أربعة خصائص أساسية يجب تعميقها في المستقبل، وهي الارتباط بمقصد الدين في التقرب إلى الله وابتغاء مرضاته. والوسطية والاعتدال التي يحمي الحركة من النزوع نحو التشدد والتطرف. الانفتاح على المحيط والتفاعل الايجابي معه. وكذلك الرفع من فعاليات أعضائها وهيئاتها لمزيد من العمل المثمر. الإصلاح