من الخطأ أن تترك المقاومة الفلسطينية السيد محمود عباس يشوه الأحداث، ويخلط الأوراق، من الخطأ ترك الرجل يلوث وجه المقاومة الأبيض بسواد العجز، ولا يصح لرجال المقاومة الذين يصوبون صواريخهم حتى تل أبيب بلا وجل، لا يصح أن يلوذوا بالصمت حال تطاول أحدهم على المقاومة، ودنسها باللفظ والعمل. لقد استخف السيد محمود عباس بمشاعر الشعب الفلسطيني، وبعقول شباب حركة فتح الذين استمعوا إليه في رام الله، وراح يسرد الأحداث من زاوية التحقير للمقاومة، وتعظيم شأن التفاوض، وهذا بحد ذاته ما يستوجب التوضيح بالحقائق التالية: أولاً: يقول عباس: "النتيجة النهائية للحرب على غزة هي 2140 شهيداً، وإذا أضفناهم إلى شهداء الحروب الثلاث السابقة وإلى الشهداء الذين قضوا في عهد مشكلة شاليط، لوصل العدد إلى 10 آلاف شهيد، بالإضافة إلى 10 آلاف جريح و35 ألف بيت مدمر بشكل كامل وبشكل جزئي". سأعتمد في كشف الحقيقة على الأرقام التي أوردتها منظمة العفو الدولية، والتي ذكرت أن إسرائيل قتلت في الضفة الغربية 22 مدنياً سنة 2013 فقط، منهم 4 أطفال، وفي السنوات الثلاث الأخيرة تعرض 261 مدنياً لإصابات خطيرة بالرصاص الإسرائيلي، ومن ضمن المصابين 67 طفلاً. ويضيف تقرير منظمة العفو الدولية، أنه في السنوات الثلاث الأخيرة قد تعرض8000 فلسطيني في الضفة الغربية بإصابات أخرى غير الرصاص، من ضمن هؤلاء 1500 طفل. فهل قتل الصهاينة الفلسطينيين في الضفة الغربية بسبب تبني نهج المقاومة؟ أم جاء القتل للفلسطينيين منسجماً مع البيئة النفسية التي تربى فيها الصهانية؟ إذن؛ لماذا يصير تضخيم أعداد الشهداء في غزة، ونسيانهم في الضفة الغربية؟ ثانياً؛ يقول عباس: "أما موضوع التنازلات فأنا أتحدى أي إنسان أن يقول إننا تنازلنا هنا أو هناك في أي موضوع وطني أو سياسي". سأعتمد هنا على الأرقام التي أوردها مركز الإحصاء الفلسطيني، والتي تقول: كان عدد المستوطنين اليهود في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس سنة 2005، السنة التي صار فيها السيد عباس رئيساً، كان عدد المستوطنين اليهود 180 ألف مستوطن، ازدادوا مع التنسيق الأمني، وصار عددهم 650 ألف مستوطن حتى نهاية سنة 2013 فماذا نسمي ذلك؟ تنازل أم تسامح أم تساهل أم غض الطرف عن سيطرة الطرف الآخر على الأرض؟؟؟ إن هذا التسليم بضياع الأرض عملياً أخطر ألف مرة من أي تنازل. ثالثاً، يقول السيد عباس: "طلب منا ألا نتوجه للمنظمات الدولية، فرفضنا، ثم وافقنا بشرط أن يطلق سراح الأسرى قبل 1993" فلماذا لم تتوجه يا سيد عباس إلى المنظمات الدولية ومن ضمنها اتفاقية روما، بعد تأكد للجميع أن الصهاينة قد رفضوا إطلاق سراح الأسرى قبل سنة 1993؟؟؟ قد يقول البعض: أنت لا تجد موضوعاً تتحدث فيه غير الانتقاد للسيد محمود عباس!! أقول: نعم؛ لأن السيد محمود عباس يمسك برقبة القرار الفلسطيني، وهو الذي يقرر السلام، ويقرر الحرب، وهو الذي يقرر المصالحة، ويقرر هجر غزة، وتركها بلا وصال، وهو الذي يقرر شكل الحكومة، وزمنها، وهو الذي يكلف الوزراء، وهو الذي يصرف الرواتب، ويقرر الترقيات والتنقلات، وهو الشاهد الوحيد على عقد الزواج بين مساء التنازل وقصف المنازل. إن عدم الرد على السيد عباس أولاً بأول معناه التسليم بما يقول، وتركه يتسلل إلى عقول الأجيال من الزاوية الوطنية التي هجرها السيد عباس نفسه حين قال: من حقي زيارة مدينة صفد، ولكن ليس من حقي أن أرجع إليها!!!.