أكد المحلل السياسي إدريس لكريني، أن الخيار الأكثر واقعية المطروح أمام رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، بعد تفعيل حزب الاستقلال لانسحابه، هو البحث عن حليف جديد، مستبعدا اللجوء إلى خيار الانتخابات السابقة لأوانها. وقال لكريني في تصريح خص به جريدة "الرأي" أن "الاختيار الاكثر واقعية هو البحث عن حليف جديد يدعم استمرار العمل الحكومي"، مضيفا أن "تقديم استقالة جماعية واللجوء إلى انتخابات سابقة لأوانها سيدخلنا في متاهات جديدة". واعتبر المحلل السياسي، في اتصال هاتفي ل"الرأي" أن "الخيار الذي تتوفر فيه الشروط الأقرب إلى التحقق هو انضمام حزب التجمع الوطني للأحرار للمكونات الحكومية، خصوصا أن عبد الإله بن كيران وصلاح الدين مزوار لم يقطعا العلاقة نهائيا بين الحزبين، بل ظل التواصل بينهما قائما والعلاقة مستقرة عكس ما وقع مع حزب الأصالة والمعاصرة"، مشددا على أن انضمام حزب الحمامة للأغلبية الحكومية "سيسمح بالانكباب على البرامج المطروحة والخروج من هذا المأزق الذي عمر طويلا"، حسب قوله. وأضاف أن "الانفتاح على حزب الأحرار كافي ليغطي الأغلبية وليدعم استمرار عمل الحكومة"، مستدركا "لكن هذا لا يمنع من الانفتاح على حزب ثان، على اعتبار أن حزب الاستقلال كان هو الثاني من حيث المقاعد النيابية، ليعطيه أغلبية مريحة وليخرج الاتحاد الدستوري من هذه المعارضة التي لم يظهر فيها كمعارض حقيقي في الفترة السابقة، وذلك من شأنه أن يقوي العمل الحكومي حاليا". وقال إدريس لكريني أن تحالف الثماني (G8) قبل الانتخابات والتحالف الحكومي بعد الانتخابات "جاءت بسرعة ولم يتح لها الوقت الكافي للبحث عن تحالفات أكثر متانة وأكثر قوة وأكثر انسجاما"، مرجعا السبب إلى "تسارع الاحداث والسعي السريع نحو احتواء تداعيات الربيع العربي على المغرب" ومؤكدا أنه "لا يمكن أن "نتحدث عن تحالفات دائمة وخالدة، فهو معرض دائما للمراجعة"، وتابع "ثم إننا لم نعد أمام تحالفات بالضرورة إيديوليوجية بل أصبحت تتحكم فيها أيضا طبيعة البرامج والبركماتية السياسية المرتبطة في الرغبة في تحقيق بعض الاستراتيجيات والتحديات المشتركة". وأكد المحلل السياسي على أن "الوقت أصبح الآن مناسبا لإعادة النظر في تلك التحالفات التي جاءت في وقت مرتبك كانت فيه الرغبة عارمة لاحتواء تداعيات الربيع العربي". ونوه إدريس لكريني إلى أن انضمام حزب الاستقلال إلى المعارضة "من شأنه أن ينعشها"، موضحا أن "المعارضة "طيلة أدائها منذ الدستور الحالي الذي مكنها من صلاحيات مهمة بموجب الفضل 10 منه لم تنزل هذه المقتضيات من جوانبها الأساسية، ولذلك فإن انضمام حزب الاستقلال إلى الاتحاد الاشتراكي، الحليف التقليدي له داخل الكتلة، من شأنه أن يحدث نوعا من الرجة داخل المعارضة". واعتبر المتحدث ذاته أن "حتى داخل الحكومة في الآونة الأخيرة هناك عدم استيعاب للمواقع، فحزب العدالة والتنمية يمزج بين خطابات التدبير الحكومي وخطابات لها نَفَسُ المعارضة، ونفس الشيء بالنسبة الاستقلال الذي كان معارضا أشرس من المعارضة ذاتها داخل الحكومة"، لافتا الانتباه إلى أن "ذلك سيعيد ترتيب المواقع"، معتبرا أن "ظهور حزب الاستقلال كمعارض داخل الصف الحكومي مرده إلى ضعف المعارضة وممارسة دورها الحقيقي"، وأن "إعادة التموقعات ستنعكس إيجابا على المشهد السياسي المغربي". ونبه لكريني إلى أنه "لا يجب أن ننظر إلى هذا الانسحاب فقط من حيث كونه يربك المشهد السياسي، بل أن حدوث مثل هذه الرجات داخل المشهد الحكومي أمر طبيعي في الديمقراطيات المعاصرة وهي تمنح للمشهد السياسي ديناميته وتجعلنا أمام مراجعات، مراجعة التحالفات ومراجعة السياسات"، "ثم من شأنها تنبيه بن كيران نفسه إلى بعض الأخطاء أو بعض الاختلالات التي يرتكبها، فهي إذن ضرورية في المشهد السياسي". وشدد مدير مجموعة الأبحاث والدراسات الدولية حول إدارة الأزمات في جامعة القاضي عياض بمراكش على أن أجرأة وتفعيل هذا الانسحاب "بات ضروريا وملحا على اعتبار الارتباك السياسي الذي أحدثه في الأيام الأخيرة"، معتبرا أن انكباب الإعلام والفعاليات الساسية والأكاديمية على تحليل أهمية هذا الانسحاب وملابساته وتداعياته éأضاع كثيرا من الوقت، بل الانخراط في نقاشات أكثر جدية وأكثر مرتبطة بالتحديات الاجتماعية والاقتصادية المطروحة من التعليم والصحة والسكن ومعضلة الفساد"، منبها بقوة إلى "أننا وأصبحنا اليوم أمام سكوت مطبق أمام هذه المعضلة التي كانت سببا رئيسا في اندلاع الحراك في نسخته المغربية ومشكلات أخرى".